بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الأكارم... العيد على الأبواب ـ كما يقولون ـ والأعياد في حياة المسلمين لها معنىً خاص غير المعنى الذي عند أهل الدنيا، فلو دققتم في الأعياد الإسلامية لوجدتموها تأتي عقِب عبادة ؛ عقب الصيام، وعقب الحج، إذاً ومن سمات العيد الفرح، فما الموضوع الذي ينبغي أن يُفْرِحنا في العيد، عامَّة الناس يفرحهم العطلة، وأكل الثريد، ولبس الجديد، والزيارات، واللقاءات، والسهرات، والحفلات، هذا الذي يفرح عامة الناس، لكن لو أردنا المعنى الإسلامي للعيد الحقيقة الإنسان حينما يؤدي عبادة كبرى من عبادات الإسلام، ويوفَّق إلى أدائها، وإلى قطف ثمارها، وإلى تحقيق الغاية منها، ينبغي أن يفرح، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴾فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴿ ( سورة يونس: من آية " 58 " )
وأنا أقول لكم دائماً: قل لي ما الذي يفرحك أقل لك مَن أنت ؛ ما الذي يفرحك ؟ يفرحك قبض المال ؟ أنت من أهل الدنيا، تفرحك المراتب العليا، أنت من أهل الدنيا، لن تكون من أهل الله، ولا من المؤمنين الصادقين، ولا من المتقين إلا إذا كان موضوع فرحك متعلِّقاً بالآخرة، والدليل.
﴾تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)﴿
( سورة القصص )
إذاً الحقيقة العيد أصبح كما يسمونه بالعصر الحديث (فلكلور) أو عادات متوارثة، تجد الإنسان غير صائم ولكنه يعيد، ويأتي بحلوى على البيت، ويعمل زيارات، ويلبس ثياب جديدة وهو ما صام رمضان إطلاقاً، الصيام كله لا يقتنع به ومع ذلك يمارس الطقوس التي يمارسها الناس في العيد، فنحن كمسلمين، كمؤمنين، كطلاَّب عِلم ينبغي أن نفهم معنى الفرح في العيد. الحقيقة كما قال عليه الصلاة والسلام
(( للصائم فرحتان فرحةٌ يوم يفطر وفرحةٌ يوم يلقي الله ))
( من الجامع لاحكام القرآن )
يوم يفطر بماذا فرح، أنه انتهى قيد الصيام ؟ لا، الصيام محبَّب، لكنه فرح أن الله سبحانه وتعالى وفَّقه لأداء هذه العبادة، فرح أن الله سبحانه وتعالى أكرمه بصيامٍ وقيام، أكرمه بأنه لزم بيوت الله عزَّ وجل في رمضان، إذاً أول شيء: العيد في الإسلام يأتي عقب عبادةٍ كبيرة، وإذا كان في العيد فرح فهو فرحٌ لأداء هذه العبادة، والنبي عليه الصلاة والسلام ربما استنبط هذا من قول الله تعالى:
﴾ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)﴿
(سورة البقرة )
والشكر دائماً يأتي بعد العطاء، معنى ذلك أن الله عزَّ وجل أكرمكم بصيام رمضان، وأكرمكم بقيامه، وأكرمكم بمعرفته والإقبال عليه، شعرتم أنكم في نعمةٍ كبرى، عندئذٍ كبَّرتم..
﴾ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)﴿