_يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل، ويتضمن ذلك الترغيب والترهيب الموجب للخوف والرجاء _ فقال: ( يوم تبيض وجوه ) وهي وجوه أهل السعادة والخير، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله ( وتسود وجوه ) وهي وجوه أهل الشقاوة والشر، أهل الفرقة والاختلاف، _ هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة، _وأولئك ابيضت وجوههم، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم كما قال تعالى: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم، وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ، كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( فأما الذين اسودت وجوههم ) فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع: ( أكفرتم بعد إيمانكم ) أي: كيف آثرتم الكفر والضلال على الإيمان والهدى؟ وكيف تركتم سبيل الرشاد وسلكتم طريق الغي؟ ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) فليس يليق بكم إلا النار، ولا تستحقون إلا الخزي والفضيحة والعار.
_( وأما الذين ابيضت وجوههم ) فيهنئون أكمل تهنئة ويبشرون أعظم بشارة، وذلك أنهم يبشرون بدخول الجنات ورضى ربهم ورحمته ( ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) وإذا كانوا خالدين في الرحمة، _ فالجنة أثر من آثار رحمته تعالى، فهم خالدون فيها بما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم، في جوار أرحم الراحمين، _لما بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الأحكام الأمرية والأحكام الجزائية قال: ( تلك آيات الله نتلوها ) أي: نقصها ( عليك بالحق ) لأن أوامره ونواهيه مشتملة على الحكمة والرحمة وثوابها وعقابها، كذلك مشتمل على الحكمة والرحمة والعدل الخالي من الظلم، ولهذا قال: ( وما الله يريد ظلما للعالمين ) نفى إرادته ظلمهم فضلا عن كونه يفعل ذلك فلا ينقص أحدا شيئا من حسناته، ولا يزيد في ظلم الظالمين، بل يجازيهم بأعمالهم فقط،
ثم قال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ( 109 ) . أي: هو المالك لما في السماوات وما في الأرض، الذي خلقهم ورزقهم ويتصرف فيهم بقدره وقضائه، وفي شرعه وأمره، وإليه يرجعون يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها.
المراجع
تفسير السعدي (تيسير الكريم الرحمن)
بصوت الشيخ عبد الرحمن السبهان
وتلاوة القارئ الدكتور عبد العزيز الأحمد
و بتلاوة إضافية في البدء للقارئ الشيخ مشاري بن راشد العفاسي