أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ



وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

فلما كان الصبر نصف الإيمان، وخلقاً فاضلاً من أخلاق النفس، وقائداً للنفس إلى
طاعة الله ، صارفاً لها عن معصيته، كان ضرورياً أن نبين حقيقته وفضله وأنواعه
ومراتبه وحال الناس معه، والأمور التي تقدح فيه وتنافيه، في وقت كثرت فيه
المصائب ، وعمت الفتن، وزادت الشبهات، وأصبح القابض على دينه كالقابض
على الجمر، وصارت حاجة الناس إلى الصبر لا تقل عن حاجتهم إلى الطعام والشراب.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر على طاعته
، الصبر عن معصيته، والصبر على قضائه وقدره، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


{ حقيقة الصبر وحال الناس معه }


1/ الصبر:
هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن لطم الخدود
وشق الثياب ونحوهما.

وهو خُلق فاضل من أخلاق النفس، يُمتنع به من فعل ما لا يُحسن
ولا يَجْمُل . وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.
وقيل: ( هو المقام على البلاء بحسن الصحة كالمقام مع العافية ).
ومعنى / هذا أن لله على العبد عبودية في عافيته وفي بلائه،
فعليه أن يحسن صحبة العافية بالشكر، وصحبة بلاء بالصبر .

وسئل عنه الجنيد
فقال: ( هو تجرع المرارة من غير تعبس )
وقال ذو النون:
( هو التباعد عن المخلفات، والسكون عند تجرع غصص البلية،
وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة )

والصبر للنفس بمنزلة الخطام والزمام، فهو الذي يقودها في سيرها إلى الجنة أو النار،
فإن لم يكن للمطية خطام ولا زمام شردت في كل مذهب.
وحُفظ عن بعض السلف قوله: ( اقدعوا هذه النفوس فإنها طلعة إلى كل سوء )
أي: كُفُوها عما تتطلع إليه من الشهوات. فرحم الله امرأً جعل لنفسه خطاماً وزماماً
فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وصرفها بزمامها عن معاصي الله، فإن الصبر
عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه.

فحقيقة الصبر إذن أن يجعل العبد قوة إقدامه مصروفة إلى ما ينفعه،
وقوة إحجامة إمساكاً عما يضره.

أما عن حال الناس مع الصبر:
فمنهم من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به أقوى
من صبره عما يضره؛ فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن دواعي هواه إلى
ارتكاب ما نُهي عنه. ومنهم من تكون قوة صبره عن المخلفات والمعاصي أقوى من صبره
على مشقة الطاعات. ومنهم من لا صبر له على هذا ولا على ذاك. فكثير من الناس يصبر
على مشقة الصيام في الحر وفي مشقة قيام الليل في البرد، ولا يصبر عن نظرة محرمة.
وكثير منهم يصبر عن النظر إلى المحرمات وعن الالتفات إلى الصور العارية، ولا صبر له
على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار والمنافقين، بل هو أضعف شيء عن هذا.
وأكثرهم لا صبر له على واحد من الأمرين، وأقلهم أصبرهم في الموضعين، ولهذا قيل:




( الصبر ثبات باعث العقل والدين في مقابلة باعث الهوى والشهوة )


2/ فضل الصبر:
للصبر فضائل كثيرة منها:

1/ أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم ، ويوفيهم
أجرهم بغير حساب ، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر ،
قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [الزمر:10].

2/ أن الصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه،
قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:153].
قال أبو على الدقاق: ( فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معية ).

3/ أخبر سبحانه عن محبته لأهله فقال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]
وفي هذا أعظم ترغيب للراغبين.

4/ وأخبر أن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين
فقال سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [النحل:126].

5/ جمع الله للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم
وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم،
قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ
(156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155-157].
وقال بعض السلف وقد عُزِي على مصيبة وقعت به:
( مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال،
كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها ).

6/ أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [آل عمران:200]
فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.


3/ أنواع الصبر:

أنواع الصبر ثلاثة كما قال أهل العلم وهي:
صبر على طاعة الله ، وصبر عن معصية الله ، وصبر على أقدار الله.

ومرجع هذا أن العبد في هذه الدنيا بين ثلاثة أحوال :
بين أمر يجب عليه امتثاله ، وبين نهي يجب عليه اجتنابه وتركه ، وبين قضاء وقدر يجب
عليه الصبر فيهما .
وهو لا ينفك عن هذه الثلاث ما دام مكلفاً ،
وهو محتاج إلى الصبر في كل واحد منها. وهذه الثلاثة هي التي أوصى بها لقمان ابنه في قوله:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ يَابُنَي أقِمِ الصَلآةَ وَأمُر بِالمَعرُوفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصبِر عَلَى مَآأصَابَكَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [لقمان:17].

بالإضافة إلى أن الصبر في اللغة / هو الحبس والمنع، فيكون معناه حبس النفس على
طاعة الله، وحبس النفس ومنعها عن معصية الله، وحبس النفس إذا أصيبت بمصيبة عن
التسخط وعن الجزع ومظاهره من شق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية.

أ) أما الصبر على الطاعات:
فهو صبر على الشدائد؛ لأن النفس بطبعها تنفر عن كثير من العبادات
، فهي تكره الصلاة بسبب الكسل وإيثار الراحة، وتكره الزكاة بسبب الشح والبخل،
وتكره الحج والجهاد للأمرين معاً، وتكره الصوم بسبب محبة الفطر وعدم الجوع،
وعلى هذا فقس . فالصبر على الطاعات صبر على الشدائد.

والعبد يحتاج إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:

الأولى: قبل الشروع في الطاعة بتصحيح النية والإخلاص وعقد العزم على الوفاء
بالمأمور به نحوها، وتجنب دواعي الرياء والسمعة، ولهذا قدم الله تعالى الصبر
على العمل فقال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إلا الّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصا لِحاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [هود:11].

الثانيه: الصبر حال العمل كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله، ولا يتكاسل عن تحقيق
آدابه وسننه وأركانه، فيلازم الصبر عند دواعي التقصير فيه والتفريط، وعلى استصحاب
ذكر النية وحضور القلب بين يدي المعبود.

الثالثة: الصبر بعد الفراغ من العمل، إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر
به للرياء والسمعة، والصبر عن النظر إلى العمل يعين العجب، والصبر عن الإتيان بما
يبطل عمله ويحيط أثره كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ لاَ تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِ وَالأذَى وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:264]
فمن لا يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمله.

فالطاعة إذن تحتاج إلى مجاهدة وصبر، ولهذا قال النبي وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: { حفت الجنة بالمكاره.. }
[رواه مسلم] أي بالأمور التي تشق على النفوس.

ب) وأما الصبر عن المعاصي :
فأمره ظاهر، ويكون بحبس النفس عن متابعة الشهوات، وعن
الوقوع فيما حرم الله. وأعظم ما يعين عليه ترك المألوف، ومفارقة كل ما يساعد على
المعاصي، وقطع العادات، فإن العادة طبيعة خاصة، فإذا إنضمت العادة إلى الشهوة تظاهر
جندان من جند الشيطان على جند الله، فلا يقوى باعث الدين على قهرهما.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه، وسلم: {.. وحفت النار بالشهوات } وذلك لأن النفوس
تشتهيها وتريد أن تقتحم فيها، فإذا حبس الإنسان نفسه عنها وصبر على ذلك كان ذلك خيراً له.

ج) وأما الصبر على البلاء :
فقد قال الله تعالى:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَلَنَبلُوَنّكُم بِشَىءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثّمَراتِ
وَبَشِرِ الصّابِرينَ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155].
ويكون هذا الصبر بحبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله تعالى، والقلب عن التسخط
والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها.

فالصبر من العبد عند وقوع البلاء به هو اعتراف منه لله بما أصاب منه واحتسابه عنده
ورجاء ثوابه، فعن أم سلمة قالت: قال رسول الله وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ:
{ إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي
فأجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها } [رواه أبو داود].

فلما احتضر أبو سلمة قال: ( اللهم اخلفني في أهلي خيراً مني ). فلما قبض قالت أم سلمة:
( إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب مصيبتي ). فانظر عاقبة الصبر والاسترجاع
ومتابعة الرسول والرضا عن الله إلى ما آلت إليه.
ونالت أم سلمه نكاح أكرم الخلق على الله محمد وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.

يتبع



إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#2

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ


4/ مراتب الصبر:

وهي ثلاثة كما ذكر ابن القيم رحمه الله:

الأولى: الصبر بالله ، ومعناها الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المُصيّر، وأن صبر العبد بربه
لا بنفسه، كما قال تعالى: {وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إلا بِاللّهِ } [النحل:127]
يعني: إن لم يُصبرك الله لم تصبر.

الثانية: الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى، وإرادة وجهه
والتقرب إليه، لا لإظهار قوة نفسه أو طلب الحمد من الخلق، أو غير ذلك من الأغراض.

الثالثة: الصبر مع الله ، وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع أحكامه، صابراً نفسه معها،
سائراً بسيرها، مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها أينما نزلت، جعل نفسه
وقفاً على أوامر الله ومحابه، وهذا أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين.

قال الجنيد: ( المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن، وهجران الخلق في
جنب الله شديد، والمسير من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد ).


5/ الصبر في القرآن:

ذكر ابن القيم رحمه الله كثيراً من المواضع التي ورد بها الصبر في القرآن الكريم،
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله قوله: ( ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن الكريم في نحو
تسعين موضعاً ) ونحن نذكر بعض الأنواع التي سيق فيها الصبر في القرآن الكريم ومنها:

1 - الأمر به كقوله تعالى: { وَاصبِر وَمَا صَبُركَ إلا بِاللّهِ } [النحل:127]،
وقوله: { وَاصبِر لِحُكِمِ رَبِكَ } [الطور:48].
2 - النهي عن ضده وهو الاستعجال كقوله تعالى:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ فَاصبِر كَمَا صَبَرَ أُولُوا العَزمِ مِنَ الرُسُلِ وَلاَتَستَعجِل لَهُم رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [الأحقاف:35].
وقوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوُتِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [القلم:48].
3 - الثناء على أهله، كقوله تعالى: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَالصّابِرِينَ فِي البأسآء وَالضّرآء وَحِينَ البأسِ
أُولَئِكَ الّذَينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَقُونَ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:177].
4 - تعليق النصر والمدد عليه وعلى التقوى، كقوله تعالى:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ بَلَى إن تَصبِرُوا وَتَتَقُوا وَيَأتُوكُم مِن فَورِهِم هَذَا يُمدِدكُم بِخَمسَةٍ ءَالَفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِمِينَ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
[آل عمران:125]، ولهذا قال النبي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: { واعلم أن النصر مع الصبر }.
5 - الإخبار بأن الفوز بالمطلوب المحبوب، والنجاة من المكروه المرهوب، ودخول الجنة
وسلام الملائكة عليهم، إنما نالوه بالصبر، كما قال: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَالملائكةُ يَدخُلُونَ عَلَيِهِم مِن كُلِ بَابٍ
(23) سَلاَمٌ عَلَيكُم بِمَا صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [الرعد:24،23].
6 - الإخبار أنه إنما ينتفع بآيات الله ويتعظ بها أهل الصبر، كقوله تعالى: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَلَقَد أرسَلنَا مُوسَى
بِئآياتِنآ أن أخرِج قَومَكَ مِنَ الظُلُماتِ إلى النورِ وَذَكِرهُم بِأيامِ اللّهِ إنَ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ
لِكُلِ صَبّارٍ شَكُورٍ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [إبراهيم:5].
7 - الإخبار أن خصال الخير والحظوظ العظيمة لا يلقاها إلا أهل الصبر كقوله تعالى:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَيلَكُم ثوآبُ اللّهِ خَيرٌ لِمَن ءَامَنَ وَعَمِلَ صَلِحاً وَلاَ يُلَقاهآ إلا الصَابِرُونَ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [القصص:80]،
وقوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَمَا يُلَقاهآ إلا الذّينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَهآ إلا ذُو حّظٍ عَظِيمٍ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [فصلت:35].
8 - تعليق الإمامة في الدين بالصبر واليقين، كقوله تعالى:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَجَعَلنا مِنهُم أئِمّةً يَهدُون بِأمرِنا لَمَا صَبَرُوا وَكَانُوا بِئَاياتِنا يُوقِنُون رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [السجدة:24].
فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
9 - أن الله أثنى على عبده أيوب بأحسن الثناء على صبره فقال:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إنّا وَجَدنَاهُ صَابِراً نِعمَ العَبدُ إنَهُ أوابٌ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [ص:44]
فأطلق عليه نعم العبد بكونه وجده صابراً وهذا يدل على أن من لم يصبر إذا ابتلي فإنه بئس العبد.
10 - أنه سبحانه قرن الصبر بأركان الإسلام ومقامات الإيمان، فقرنه بالصلاة في قوله:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَاستَعِينُوا بِالصّبرِ وَالصّلاةِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:45]،
وبالتقوى في قوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إنّهُ مَن يَتَقِ وَيَصبِر رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [يوسف:90]،
وبالشكر في قوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إن فِي ذَلِكَ لأياتٍ لِكُلِ صَبَارٍ شَكُور رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [لقمان:31]،
وبالرحمة في قوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَتَوَاصَوا بِالصّبرِ وَتَوَاصَوا بِالمرحَمَةِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البلد:17]،
وبالصدق في قوله: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَالصّادِقينَ وَالصَادِقَات وَالصَابِرين وَالصّابِراتِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [الأحزاب:35].
وجعل الله الصبر في آيات أخرى سبب محبته ومعيته ونصره وعونه وحسن جزائه،
ويكفي بعض ذلك شرفاً وفضلاً.


6/ الصبر في السنه:

لقد ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة عن رسول الله رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ في بيان فضل الصبر والحث عليه،
وما أعد الله للصابرين من الثواب والأجر في الدنيا والآخرة، ولقد بوّب العلماء للصبر
أبواباً عدة في كتبهم، وذكروا تحتها من الأحاديث ما لا يحصى، ونحن نذكر هنا بعضها:
1 - في الصحيحين عن أنس رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ قال: مر النبي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ بامرأة تبكي عند قبر فقال:
{ اتقي الله واصبري } فقالت: إليك عني فإنك لم تُصب بمصيبتي ـ ولم تعرفه ـ
فقيل لها: إنه النبي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،
فأخذها مثل الموت، فأتت باب النبي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ فلم تجد على بابه بوابين،
فقالت: يا رسول الله، لم أعرفك. فقال رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: { إنما الصبر عند الصدمة الأولى }
فإن مفاجأة المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب وتزعجه بصدمها،
فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر.
2 - وعن أبي سعيد الخدري رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ أن رسول الله رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ قال:
{.. ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر }
[رواه البخاري ومسلم].
3 - وعن أنس رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ قال: سمعت رسول الله رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ يقول:
{ إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ـ أي عينيه ـ فصبر عوضته عنهما الجنة }
[رواه البخاري].
4 - وفي الصحيحين أن رسول الله رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ قسم مالاً فقال بعض الناس: هذه قسمة ما أُريد بها
وجه الله، فأُخبر بذلك رسول الله رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ فقال: { رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر }.


7/ من كلا م السلف في الصبر:

1 - قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) وقال أيضاً:
( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً ).
2 - وقال علي رضي الله عنه: ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد،
فإذا قطع الرأس بار الجسد ). ثم رفع صوته فقال: ( ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له )
وقال أيضاً: ( والصبر مطية لا تكبو ).
3 - وقال الحسن: ( الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ).
4 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه
فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه ).
5 - وقال سليمان بن القاسم رحمه الله: ( كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر ).
6 - وقال ميمون بن مهران رحمه الله: ( الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل
منه الصبر عن المعصية ) وقال أيضاً: ( ما نال أحد شيئاً من جسم الخير فما دونه إلا بالصبر ) .


8/ أمور تقدح في الصبر وتنافيه :

لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخط والجزع،
والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب وخمش الوجوه، ونحو ذلك، كان ما يقع من العبد عكس
ما ذكرته قادحاً في الصبر، منافياً له، ومن هذه الأمور:
1 - الشكوى إلى المخلوق ، فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله فقد شكا من يرحمه
ويلطف به ويعافيه وبيده ضره ونفعه إلى من لا يرحمه وليس بيده نفعه ولا ضره. وهذا من
عدم المعرفة وضعف الإيمان. وقد رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة
فقال: ( يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ).
ثم أنشد:

وإذا عرتك بلية فاصبر لها ***- صبر الكريم فإنه بك أعلمُ

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ***- تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
ولا ينافي الصبر الشكوى إلى الله، فقد شكى يعقوب عليه السلام إلى ربه
مع أنه وعد بالصبر فقال: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إِنَّما أشكُوا بَثِي وَحُزنِي إلى اللّهِ رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [يوسف:86].
ولا ينافي الصبر أيضاً إخبار المخلوق بحاله؛ كإخبار المريض الطبيب بحاله،
وإخبار المظلوم لمن ينتصر به، إذا كان ذلك للإستعانة بإرشاده أو معاونته على زوال الضر.

2 - ومما ينافي الصبر ما يفعله أكثر الناس في زماننا عند نزول المصيبة من شق الثياب،
ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ونتف الشعر، والضرب بإحدى اليدين على الأخرى،
والدعاء بالويل، ورفع الصوت عند المصيبة، ولهذا برىء النبي صلى الله علية وسلم
ممن فعل ذلك.
ولا ينافي الصبر البكاء والحزن من غير صوت ولا كلام محرم، قال تعالى عن يعقوب:
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وَابيَّضَت عَينَاهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظِيم رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [يوسف:84].
قال قتادة: ( كظيم على الحزن، فلم يقل إلا خيراً ).
3 - ومما يقدح في الصبر إظهار المصيبة والتحدث بها. وقد قيل:
( من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ). وقيل أيضاً: ( كتمان المصائب رأس الصبر ).
4 - ومما ينافي الصبر الهلع، وهو الجزع عند ورود المصيبة والمنع عند ورود النعمة،
قال تعالى: رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ إِنْ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إذا مَسَهُ الشَرُ جَزُوْعاً (20)
وَإذا مَسَهُ الخَيَرُ مَنُوْعاً رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [المعارج:19-21].

قال عبيد بن عمير: ( ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الجزع القول السيىء
والظن السيىء ). وقال بعضهم: مات ابن لي نفيس، فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه
عند الله، واصبري. فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أفسدها بالجزع.
وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين المُهتدين .

منقول للفائدة

إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#3

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

جزاكى الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#4

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

مشكورة حبيبتي ونحن بأذن الله صابرين وربنا رح يفرجى بعد الصبر عن قريب بأذن الله
إظهار التوقيع
توقيع : ام ولودي
#5

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

ربنا يصبر الشعب السوري وينصره ع الظالم
إظهار التوقيع
توقيع : نسيم البحر
#6

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

جزاكى الله خيرا
#7

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

اسعدني مروركم
رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#8

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

نسأل الله ان يجعلنا من عباده الصابرين الصالحين يا رب ..
جزاكِ الله خيراً ,,

#9

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
إظهار التوقيع
توقيع : درة مكنونة
#10

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

[IMG]https://www.**- /vb/uploaded/New/jazk5.gif[/IMG]
إظهار التوقيع
توقيع : قوت القلوب 2
#11

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

شكراً لمروركن
إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#12

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

ربنا يصبر الشعب السوري وينصره على الظالم
وينصر جميع المسلمين في كل مكان

#13

افتراضي رد: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

لا حول ولا وة الا بالله ، جزاك الله خير

جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل