أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

منقول رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الكاتبة / مشاعر غالية

مــــــع وقـــــــف الـتـنــفـيــذ
...
حبيت انقل روايه بما انو عندنا بعدلات محبين للروايات والقصص
اتمنى ان تنال اعجابكن
ومش عارفه ان صدفت قراتها اي عدوله قبل كده
ولو نالت الاعجاب اتابع معاكم ان شاء الله بباقي الاجزاء
صراحة انا بحب اللهجه المصريه جدا
بشعر فيها تناغم وخفة دم
اسيبكو مع الجزء الاول يا قمراتي
رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية


...

الفصل الأول





فى أحد أحياء القاهرة المزدحمة بالطبقة المتوسطة وما تحتها ...حيث نرى سلاسل البنايات المتراصة دون تناسق..... ملتحمةً بعضها ببعض وكأنها تشد أزرها وتهون عليها أثر هذا الزحام الغير مقصود من التكتلات العائلية والاسرية البسيطه... مع اختلاف الالوان والعقائد والمعاملات.... حيث الاختلاف النوعى البشرى الطبيعى والذى تتميز به بلدنا عن غيرها من البلاد ....نعم تختلف العقيدة واللون والمستويات الاجتماعية منذ سنوات وسنوات ....ولكن أجتمعوا على حب هذه الجيرة القديمة والاثار المترتبة عليها من ود وشهامه وتقارب روحى وصلة لا تنفك ان تنقطع ابدا.... ففيها يطيب السمر بأجتماع الاحبة وتختزل الذكريات الجميلة وتحلو سنوات الطفولة بكل تفاصيلها التى تأبى الذاكره على محوها يوما ما.....والتى أنطلق من خلفيتها شباب وفتيات فى عمر الزهور فى مجالات التعليم والعمل المختلفة كلٌ له هدف وأتجاه وطريق يتخذه سبيلاً لتحقيق طموحاته ....

ومن هؤلاء الشباب شاب فى مقتبل العمر ذات ملامح مصرية هادئة جذابة تتميز بالرجوله من أول وهله.. وقف فى ساحة الجامعة ينتظر شخصٌ ما فى قلق واضح ..يدور بعينيه باحثاً عنه وسط التجمعات الشبابية الكبيرة التى تتهافت متلهفة لمعرفة نتيجة أختبارات نهاية العام الدراسى وبالأخص نتيجة الليسانس التى ينبرى من أجلها منذ أربع سنوات جهد ودراسة كخطوة على طريق حلمه الكبير......
وأخيراٌ ظهرت * دنيا * من وسط الزحام مبتسمة وأقبلت عليه فى لهفة تهتف به فى سعادة واضحه بعينين لامعتين:نجحنا يا فارس ..نجحنا نجحـنا

أتسعت ابتسامته وخفق قلبه بشدة وهو يخطو نحوها بخطوات واسعة مضطربة وهو يبادلها الهتاف:بتكلمى جد......قوليلى بسرعه تقديرى ايه وتقديرك ايه
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلةً بأبتسامه واسعه :تدفع كـام
أمسكها من ذراعيها بتوتر هاتفاً:قولى بقى أنا خلاص أعصابى باظت

أبتسمت فى شغف قائلة:مبروك يا سيدى جيد جدا زى كل سنه ...وانا طبعا مقبول زى كل سنه
ضحك فى سعادة كبيرة وهو يفرك كفيه فى بعضهما البعض قائلا:الحمد لله أنا كده حطيت رجلى على أول سلمه
ضحكت دنيا بينما أقبلت عليهما فتاة أخرى تمشى نحوهما وعينيها مثبتة على فارس وعلى السعادة التى تبدو على وجهه وما أن أقتربت حتى قالت بمرح:مبروك النجاح من غير ما أعرف النتيجه




ألتفت اليها فارس بمرح قائلا:الله يبارك فيكى يا عزة ..الحمد لله جيد جدا
قالت بسعادة بالغه:الحمد لله أنا كنت متأكده

أمسكت دنيا بكف فارس ونظرات الغيرة مطلة من عينيها وهى توجه حديثتها ل عزة قائله:الله يبارك فيكى يا عزة عقبال ما تباركيلنا على الخطوبة قريب إن شاء الله
أطرقت عزة براسها وقالت بهدوئها المعتاد :مبروك مقدماٌ عن أذنكم
ألتفتت لترحل ولكن تذكرت شىء مهم فأستدارت مرة أخرى وقالت له:أنا هروح دلوقتى وأكيد مامتك هتقابلنى وهتسألنى على النتيجه ..تحب أقولها ولا أنت عاوز تكون أول واحد تبلغها خبر النجاح؟؟

نظر لها فارس بأمتنان قائلا:قوليلها طبعا وهى أصلا منبهه عليا أول ما أعرف النتيجه أكلمها على طول ..وأردف مبتسما :انتى عارفه بقى خالتك أم فارس مش هتستنى لما أروحلها.....
ابتسمت عزة قائلة :طبعا عارفاها زمانها قاعده مع ماما فى البلكونه مستنين اللى يوصل فينا الاول
ضحك فارس وضحكت وهى تلوح مودعة لهما:يلا أمشى أنا بقى سلام ..ومبروك مره تانيه
لوح لها فأمسكت دنيا يده وهى تقف أمامه وتنظر اليه بشك قائلة:طبعا لو قلتلك انا مبحبش البت دى هتقولى دى جارتى ومتربين مع بعض ومينفعش مكلمهاش..مش كده

قبض على كفها ببطء وهو يقول:بقولك إيه سيبك من الكلام الفاضى ده وتعالى نروح نقعد فى أى حته
أستقلت معه أحد سيارات الاجرة وهى تهمس بتذمر واضح:كده يا فارس بتركبنى ميكروباص ده انا عندى أخدها مشى أحسن
أشار لها أن تصمت حتى يترجلا من السيارة ...ترجلت دنيا من السيارة بمعاونة فارس وقفت أمام الحديقة عاقدة ذراعيها أمام صدرها بحنق قائلة:هى دى المفاجأه جايبنى جنينه زى دى

أختفت الابتسامه من محياه وهو ينظر اليها بحزن قائلا:ما انتى عارفه يا دنيا انا مقدرش على غير كده ....أنتظرها تجيبه ولكنها ظلت عاقدة حاجبيها حانقة ...فاردف قائلا:يعنى هتضيعى علينا الساعه اللى خارجينها مع بعض ..أمشى يعنى؟!
قالت وهى تلوح بعدم رضى :لا متمشيش.. أمرى لله يلا ندخل
جلسا الى مقعد أمام النيل مباشرةً وألتفت اليها ونظر لها بحب قائلا:دنيا ..انا عاوز آجى أتقدم بقى
ألتفتت اليه بسرعة قائله:لالا مش دلوقتى لما مرتبك يزيد شويه

فارس:يا حبيبتى الدكتور حمدى وعدنى أول لما أتخرج هيزود مرتبى على طول يبقى نستنى ليه بقى..
دنيا:يا حبيبى مش قصدى... أنا قصدى يعنى نصبر شويه ..لما المرتب يزيد ونشوف هنعمل ايه
نظر لها بأستنكار وألتفت الى النيل مرة أخرى ولم يتحدث ...شعرت دنيا بغضبه وأستنكاره فهو دائما يظهر فى عينيه ما لا يريد البوح به
فقالت مستدركه:يا حبيبى أفهمنى أنا عاوزاك تصبر لما تشوف تعينات النيابه مش جايز حلمك يتحقق وتبقى وكيل نيابه قد الدنيا وساعتها تتقدم بقلب جامد لبابا

أستدار اليها بجسده دفعة واحدة وقال بعصبيه:انتى كمان عاوزانا نستنى تعينات النيابه يعنى ندخلنا فى سنه كمان...ويمكن أكتر الله أعلم
دنيا بتوتر:طب وفيها ايه يا حبيبى فات الكتير ما بقى الا القليل
هز راسه حانقا وهو يقول:غريبه أوى أى بنت مكانك هى اللى تحب ترتبط بالراجل اللى بتحبه ...مش عارف ليه انتى اللى عماله تطولى فى المده وانا اللى مستعجل المفروض العكس يا دنيا...وبعدين انتى كده هتطلعينى عيل قدام مامتك ..انتى ناسيه انى وعدتها أتقدم اول ما اتخرج على طول

قالت دنيا بأبتسامه تريد بها أمتصاص غضبه :ملكش دعوه بماما انا هفهمها إن التأجيل منى انا مش منك انت ..خلاص يا سيدى ارتحت
هز راسه نفيا وقال باعتراض:لا مرتحتش طبعا ..انا مش فاهم انتى ليه مصممه على التأجيل انتى عاوزانى وانا وكيل نيابه وبس يعنى غير كده لاء

أخذت دنيا حقيبتها بتردد وهى تقول:فى ايه بقى أنت كل شويه تقولى كده ليه.. انت عارف كويس أوى انى بحبك ومقدرش أستغنى عنك
أبتسم بسخرية وقال هامساٌ:اه ماهو باين...ثم نهض واقفاٌ وهو يقول:يلا بينا اروحك علشان اروح انا كمان زمان ماما مستنيانى بفارغ الصبر
أقترب فارس من الحى الذى يقطن به وهو ينظر للأعلى فى تسائل وهو يشاهد الزينة والكهرباء المعلقه فى تناغم بين الوانها المبهجه :ايه ده هو فى فرح النهارده ولا ايه
أستقبله صديقه عمرو وهو يفتح ذراعيه فى الهواء مداعبا:فارس باشا ..الف مبروك النجاح ... عقبال النيابه وتبقى باشا رسمى وتشرفنا فى كل حته ونتفشخر بيك كده

ضحك فارس لمداعبة صديقه ورفيقه عمرو وبادله المداعبه قائلا:نتفشخر...ده انت بيئه صحيح
صفق عمرو بمشاغبة وقال:ايوه هنبدأ بقى من اولها ..ماشى ياعم يحقلك اكتر من كده بكره هنقابلك بالحجز وبدفتر المواعين قصدى المواعيد
وضع فارس ذراعه على كتف صديقه وهو يقول:ده انت يبنى فضيحه بجد الناس بتتفرج علينا ...قولى بقى هو فرح مين النهارده
قال عمرو وهو يلوح بذراعه :فرحك انت يا عريس ..أمك اول ما سمعت الخبر مسكتتش وقعدت تزغرد والحبايب بقى صمموا يعلقوا الكهربا دى علشانك...ورفع يديه بالدعاء قائلا:عقبالى يارب لما أتخرج كده وابقى مهندس قد الدنيا
ثم همس فى اذنه أم عزة قاعده مع أمك وشاكلهم كده عاوزني يدبسوكوا فى بعض

نظر له فارس باستنكار قائلا:هما ايه مبيزهقوش قلت لماما مية مره انا بحب دنيا وهجوزها ومش هتجوز غيرها مفيش فايده...
وقف عمرو ونظر اليه بتفحص قائلا:انت بتكلم جد يا فارس يعنى عزة مش على بالك خالص
فارس:يابنى ده انت صاحبى يعنى المفروض عارف كل حاجه عنى بتسألنى سؤال زى ده برضه
وبمجرد ظهورهما عند بداية المنعطف الذى يجاور منزلهما بدأ شباب الجيران فى التهافت عليه وتهنئته وبمجرد ولوجه الى بوابة منزلهم المتواضع أستمع الى صوت زغاريد الجارات من النساء وأقبلت عليه والدته تقبله وتحتضنه بسعادة بالغه وهى تقول:مبروك يا حضرة وكيل النيابه المحترم
ضحك فارس وعمرو وقال الاخير:شكله بالكتير اوى بشكاتب

ضربته أم فارس على كتفه وهى تقول :بس يا واد يا عمرو ايه اللى انت بتقوله ده طب بكره تشوف فارس ده هيبقى ايه
التفت عمرو الى فارس قائلا:شفت ياعم مش لسه كنت بقولك
أنتهت الاحتفاليه البسيطه بسرعه وما أن أغلق الباب على فارس ووالدته وحدهم حتى قالت له مؤنبة:كده برضه تحرجنى قدام أم عزة
أقترب فارس من والدته وقبل رأسها قائلا:ليه بس يا ست الكل هو انا عملت ايه

نظرة له بعتاب وقالت :بقى أقولك عقابل ما نفرح بيك انت وعزة ترد تقولى لاء عزة الاول لازم أطمن على أختى الاول..بتستعبط يا فارس
جلس فارس على اقرب مقعد وهو يبتسم لوالدته قائلا:يا حاجه ما انتى عارفه من الاول ان عزة زى أختى وعارفه انا ناوى أتجوز مين
قالت والدته بأنفعال وهى تجلس على الأريكة بجواره:انت عارف انى مبطقش البت دى يا فارس هتجيبها تعيش معايا هنا ازاى
تقدم نحوها وقبل كفها عدة قبلات سريعه وقال برجاء:ياماما انتى عارفه انى بحبها وهى كمان بتحبنى وبعدين يا ست الكل مش انتى يهمك سعادتى برضه..وانا مش هبقى سعيد مع واحده تانيه..علشان خاطرى يا ماما حاولى تتقبليها علشان خاطرى

ربتت على رأسه وقالت بحنان:يابنى والله يهمنى سعاتك وكل حاجه بس انا اصلا مبحسش ان البت دى بتحبك زى ما بتحبها قلبى مش مرتحلها ابدا
رفع عينيه اليها وقال مؤكدا:لا والله يا ماما انتى ظلماها دنيا طيبه جدا وبتحبنى اوى بس هى مشاعرها مش بتبان عليها بسرعه وبعدين بقى فى حاجه متعرفيهاش
والدته باهتمام:حاجه ايه
التفت حوله وكأنهما ليسوا وحدهما فى المنزل وقال بصوت خفيض:عمرو حاطط عينه على عزة بس شكله كده مستنى لما يتخرج هو كمان
نظرت له تتفحصه وهى تقول:بتكلم جد يا فارس هو اللى قالك كده

أومأ فارس براسه وأغمض عينيه فى حركه مسرحيه وقال بثقه:مش لازم يقولى يا حاجه...... انا بلقطها وهى طايره فى الهوا
ضربته على كفه وهى تقول:تصدق انا غلطانه انى قاعده اتكلم معاك انا هقوم ألحق صلاة العشاء...لم تلبث ان نهضت واقفه حتى سمعت طرقات خفيفه على الباب فغيرت مسارها اليه وهى تقول :ياترى مين
فارس :أستنى يا ماما هفتح أنا

اشارت اليه ان يجلس مكانه وهى تفتح الباب وقالت:مين.. أم يحيى تعالى أتفضلى يا حبيبتى
أرتبكت جارتها أم يحيى وهى تقول بخجل واضح:والله اسفه انى رجعت تانى يا ست أم فارس ...ثم قالت وهى تشير لأبنتها الصغيرة:بس البت المضروبه دى صممت أجيبها علشان تبارك للأستاذ فارس ..وراسها وألف سيف لازم تيجى دلوقتى وعماله تعيط وتصرخ ..مقدرتش عليها ياختى

نظرت أم فارس الى الطفله الصغيرة فى يد والدتها وهى تفرك عينيها من اثر النوم وتتثائب وهى تقول بصوت مرتفع :فين فارس يا طنط
وكزتها أمها فى يدها وهى تقول قولتلك مية مره قولى ابيه فارس ...دخلت الصغيرة دون إستئذان وهى تجذب يد أمها قائله بمشاغبه:أحنا متفقين على كده وهو مش بيزعل
وقف فارس ينظر اليها وهى تحاول ترتيب شعرها الاشعث وعينيها التى أنتفخت من اثر البكاء والنوم وهى تقول:مبروك يا فارس ..ضحك وقال مداعبا:بقى ده منظر تيجى تباركيلى بيه برضه

جذبتها أمها مره أخرى بشدة من يدها وهى تقول لفارس باعتذار معلش يا استاذ فارس عيله متقصدش
فارس:ولا يهمك يا أم يحيى مُهره صاحبتى وتقولى اللى هى عاوزاه
نظرة مُهره الى والدتها فى أنتصار وهى تقول :شفتى مش قولتلك
أقترب فارس منها ونزل على أحدى ركبتيه وهو يتصنع الغضب قائلا:بس انا زعلان منك يا مُهره لسه جايه تباركيلى دلوقتى
قالت بأندفاع طفولى:وانا مالى ماما سابتنى نايمه وجات لوحدها ولما صحيت صممت اجيلك شفت بقى انا جدعه معاك ازاى
ثم نظرة لوالدتها مؤنبة وهى تقول:ماشى يا ماما بكرا لما أكبر وانتوا تصغروا هسيبكوا نايمين وهاخرج لوحدى
ضحكت أم فارس وهى تربت على شعر مُهره وتحاول عبثاً أصلاح غرتها المبعثره على جبينها وتمسح عليه قائله:معلش يا مُهره تلاقى ماما مرضيتش تصحيكى علشان عندك مدرسه الصبح بدرى

نظرت اليها مُهره بعين مفتوحه والاخرى مغمضة:احنا فى الاجازه يا طنطتى
فارس :بمناسبة المدرسه يا لمضه درجات سنه رابعه معجبتنيش أعملى حسابك السنه الجايه سنه خامسه وزى ما سمعنا كده عتبقى خامسه وسادسه مع بعض يعنى مش هقبل اقل من الدرجات النهائيه ..ها هاتذاكرى ولا هتقضيها كارتون
لوحت فى الهواء بطفوليه وهى تقول:طبعا هذاكر وهبقى أشطر منك كمان وهجيب درجات أكبر من السنه اللى فاتت وماما هتعملى حفله كبييييرة ..وأشارت له محذره :وعارف لو مجتش

قاطعتها والدتها وهى تقول لها:يابنتى عيب كده ..ثم نظرة الى أم فارس قائله:البت لسه مكملتش العشر سنين ومفتريه اومال لما تكبر هتعمل فينا ايه
ضحك فارس قائلا لها:يا ستى إنجحى انتى بس وليكى عندى هديه معتبره
قالت وهى تمسك بيد والدتها:ماشى لما نشوف يلا يا مامتى..تصبحوا على خير كلكوا

دخلت دنيا فراشها وتدثرت وهى تتذكر ملامح فارس وكلماته الحانيه فأبتسمت وهى تغمض عينيها ....ولكن الابتسامه سرعان ما تلاشت عندما تذكرت لقائهما الاخير..طرقت والدتها الباب وأطلت برأسها وهى تقول:نمتى يا دنيا ولا لسه
أدارت رأسها تجاه الباب وهى تقول لوالدتها:لا لسه يا ماما ..فى حاجه ولا ايه
دخلت والدتها وجلست على طرف فراشها وهى تقول:عاوزه أتكلم معاكى فى موضوع مهم وكنت مستنيه لما باباكى ينام
أعتدلت دنيا فى فراشها وقالت :بأهتمام خير يا ماما

والدتها:بصراحه كده انا مش عاجبنى حالك كده ...والكلام اللى قولتيه لفارس النهارده ده ولا هيقدم ولا هيأخر
زفرت دنيا بضيق وهى تقول:انتى كمان يا ماما وانا اللى فاكراكى فاهمانى
والدتها:بصراحه بقى انا مش فاهمه تمسكك بيه ده كله ليه ...ده فى الاخر هيتجوزك مع أمه فى شقتها فى مكان مش من مقامك ..انتى لسه فى اول العمر والدنيا فتحالك ايديها ليه تدفنى نفسك معاه

تنهدت دنيا وهى تنظر للفراغ وكأنها تنظر للمستقبل قائلة:يا ماما فارس عنده عزيمه قويه انا عارفاه كويس ومش هيفضل حاله كده ....هيفضل يحارب لحد ما يبقى وكيل نيابه ثم ابتسمت وهى تقول:وانا هبقى مرات البيه وكيل النيابه
مطت والدتها شفتيها وقالت:ولحد ما يبقى وكيل نيابه هتقبلى انك تعيشى معاه عند أمه
رفعت دنيا كتفيها وهى تقول:لاء طبعا انا قولتله كده بس فى الاول لكن انا عماله اهو أجل فى الارتباط على قد ما اقدر لحد ما ياخد وضعه ....حتى الخطوبه عاوزه أجلها لحد ما يتعين

ثم نظرت لوالدتها فى ثقه قائله:ياماما متخافيش عليا انا مش مراهقه ...انا اه بحبه بس برضه مش هارتبط بيه غير لما احس ان المستقبل بقى مضمون وهيجيبلى شقه تانيه فى مكان تانى وساعتها كل حاجه هتتغير للأحسن
قالت والدتها بعدم تصديق:عموما متخطيش خطوة الا لما تتأكدى الاول
عادت الابتسامه اليها مرة أخرى وهى تقول بعينين لامعتين:متخافيش عليا انا عارفه انا بعمل ايه كويس
..
تابعوني في الجزء الثاني
في امان الله






إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#2

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

مشكورة حبيبتى
إظهار التوقيع
توقيع : ام سيف 22
#3

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

في انتظارك ياعسل

إظهار التوقيع
توقيع : الملكة نفرتيتي
#4

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية
إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#5

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

نورتونييي يا قمرات

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#6

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الثانى


رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية






فى الصباح أستيقظ فارس على صوت والدته وهى توقظه وتهتف به:قوم يا فارس تليفون علشانك...
نظر اليها بصعوبه وهو يحاول فتح عينيه قائلا:مين يا ماما
والدته بتأفف:السفيره عزيزة بتاعتك

ابتسم وهو ينهض من فراشه وأتجه مباشرة الى الهاتف:ألو
:صباح الخير يا حبيبى
:لسه فاكره
:هو انا لحقت ده انا لسه سيباك امبارح
:سايبانى طول اليوم وانتى عارفه انى مضايق منك وجايه تتصلى تانى يوم
:خلاص بقى يا حبيبى متبقاش حمقى كده...يالا بقى البس وانزل عاوزه أشوفك
:أبتسم ولكنه صبغ صوته بنبرة جدية قائلا:لا مش قادر انزل
:كده برضه يعنى موحشتكش
:أنتى فين دلوقتى
:انا فى البيت
:طيب خلاص نتقابل فى المكان بتاعنا بعد ساعه
:زفرت بقوة وهى تقول:يا حبيبى مش هنغير بقى المكان ده تلاقى مامتك أدتلك حلاوة النجاح
:قال بحده:جرى ايه يا دنيا هو انا عيل ولا ايه ايه حلاوة النجاح دى
:طب خلاص متتعصبش كده..خلاص اوكى ساعه وهكون هناك..يلا مع السلامه
:سلام

أغلق فارس الهاتف وأتجه الى الحمام توضأ صلى الظهر ...بدل ملابسه وأتجه الى المطبخ وجد والدته تعد طعام الغذاء عندما رأته قالت بعبوس:يعنى مقولتش أنك خارج النهارده..اومال انا بعمل الغدا ده لمين ان شاء الله
قبلها على وجنتها وهو ينظر للأوانى ويلتقط منها بعض الطعام ليأكله فى سرعه وهو يقول:معلش يا ماما مش هتأخر ساعه ولا اتنين بالكتير وهتلاقينى هنا ..بس أتغدى انتى متقعديش جعانه لحد ما أرجع

ضربته على ظهر يده وهو يعبث بالطعام وتقول:قولتلك مية مره متحطش ايدك فى الاكل كده أستنى أحطلك فى طبق
تناول كوب مياه ليشربه ثم قال:لالا لما اجى بقى ..مش عاوزه حاجه اجيبهالك معايا
والدته :لا مش عاوزه حاجه بس خلى بالك من نفسك
طبع قبله اخيره على راسها وقال مودعا:طيب سلام بقى يا ست الكل

هبط الدرج قفزا كما يفعل دائما وخرج من باب البيت وما ان خطى خطوتين حتى سمع نداء طفولى مزعج من الاعلى يصيح به :فااااااارس يا فاااااارس
نظر للأعلى مبتسما وقال بهتاف وهو يلوح :عارف عارف مش هنسى العسليه
ضحكت مُهره بينما نهرتها والدتها التى كانت تقف بجوارها فى الشرفه:يابنت عيب كده هو خلفك ونسيكى
أخذت مُهره دميتها ولم تجيبها ودخلت لتكمل لعبتها ببراءة تارة وتضايق أخيها يحيى تارة أخرى

خرج عامر من ورشته عندما سمع صوت فارس وأتجه أليه فى خطوات واسعه مهنئا:مبروك يا أستاذ فارس معلش ملحقتش اكلمك امبارح كان عندى زباين وأتحرجت اطلعلك فوق
أبتسم فارس متفهما وقال:الله يبارك فيك يا عم عامر ويارب عقبال مريان ومينا ما يتخرجوا وتفرح بيهم
عامر مبتسما:طيب مش هاعطلك بقى سعادة المستشار
ضحك فارس بعذوبه قائلا:يسمع من بؤك ربنا يا عم عامر ..ثم قال معتذرا:عن اذنك انا بقى علشان مستعجل
عامر :أتفضل يابنى مع السلامه

وقبل أن يتحرك سمع جلبه من خلفه وهتاف يعرفه جيدا:يا استاذ فارس أستنى
ألتفت وهو يرفع حاجبيه بمرح للحاج عبد الله الذى اقبل عليه بجلبه كبيره قائلا:مبروك يا أستاذ فارس يابنى والله والله انا فرحان زى ما يكون ابنى هو اللى أتخرج وبقى باشا قد الدنيا
ضحك فارس مداعبا:لسه مابقتش باشا يا حاج عبد الله أدعيلى انت بس
وضع الحاج عبد الله يده على كتفه وتكلم بهتاف كعادته :داعيلك يابنى والله ربنا يكتبلك الخير ماطرح ما تروح يابنى
ربت فارس على يده بأمتنان قائلا:ربنا يتقبل منك يا حاج عبد الله..ثم تنحنح قائلا:طيب تؤمرنى بحاجه ..اصلى عندى مشوار كده
أفسح له الحاج عبد الله الطريق قائلا:لا يا بنى أتفضل متعطلش نفسك ربنا يجعلك فى كل خطوة سلامه

أكمل فارس طريقه بصعوبه فكلما خطى خطوة أوقفه أحد جيرانه مهنئا وداعيا له بالتوفيق ...نعم هذه هى القلوب المحبه التى تمتاز بها أحيائنا المصريه البسيطه
وقفت دنيا تنتظر ظهور فارس وهى تنظر لساعتها اليدويه فى قلق حتى ظهر اخيرا قادما من بعيد بأبتسامته المشرقه الجذابه ..وعندما رأها اسرع الخطى نحوها ووقف معتذرا :اسف والله يا حبيبتى بس أعمل ايه الناس عندنا ماكنتش عاوزه تسيبنى كل شويه حد يوقفنى يباركلى ويدعيلى

عقدت ذراعيها بغضب قائله:يعنى الناس دول اهم مني
قطب جبينه بمرح قائلا:انتى عارفه ان مفيش حد اهم منك عندى ..صح ولا لاء
وأمسك يدها وأجلسها على مقعدهم المفضل أمام النيل مباشرة قائلا:يعنى مردتيش
ألتفتت اليه قائله:عارفه يا سيدى ..ارتحت...
ثم اردفت قائله:فارس انا ليا عندك طلب
أومأ براسه قائلا:أؤمرينى يا حبيبتى
قالت بدلال:انا عاوزه أجى أشتغل معاك فى المكتب
زفر بضيق قائلا:مش أحنا أتفقنا قبل كده ان انا بس اللى هشتغل..انتى عارفه يا دنيا شغل المحاماه متعب ازاى وبصراحه كده بحس انه بهدله للبنات

قالت بعناد:بس انا عاوزه أشتغل..وبعدين مانا هبقى معاك يا سيدى ايه اللى هيبهدلنى
رفع حاجبيه بدهشه قائلا:ياسلام يعنى لما تيجى تشتغلى والاستاذ يديكى شغل تعمليه هتقوليله طب اخد فارس معايا ولا ايه مش فاهم يعنى...انا مش حابب يا دنيا كل يوم تقعدى تتنططى ما بين الاقسام والنيابات والمحاكم والموظف ده يرزل عليكى والموظف ده يبصلك..لاء انا مش موافق

قالت بعناد أكبر:بص يا فارس انا كده ولا كده هشتغل انا مخدتش الشهاده علشان افضل قاعده فى البيت...فقولت أشتغل معاك أحسن ما اروح أشتغل فى مكتب تانى وعلى فكره جايلى مكتب كويس اوى لكن انا فضلت أشتغل معاك ...
نظر الى البحر متأملا وقال بهدوء:يعنى رأيي مش مهم عندك للدرجه دى
لمست كتفه وقالت بخفوت:ياحبيبى ازاى بس تقول كده ...بس انت عارف يا فارس انى لازم أساعد فى تجهيز نفسى وبابا مش هيقدر على الحمل ده كله لوحده ده انا لسه مجبتش قشايه فى جهازى
مط شفتيه متبرما وشعر بالاختناق وهو يقول:انا لو عليا مخليكيش تجيبى حتى القشايه دى...لكن مفيش فى ايدى حاجه غير مرتبى وأنتى عارفه
قالت بهدوء:عارفه يا حبيبى وبكره الدنيا هاتتغير وحياتنا هاتتغير وهانبقى من طبقة الهاى كلاس وبكره تقول دنيا قالت
***- ***- ***- ***- ***- *

وقف الأستاذ حمدى مهران أمام فارس وهو يربت على كتفه قائلا:بس كده يا سيدى خلاص أعتبرها أشتغلت خلاص ..خاليها تيجى من بكره لو تحب
قال فارس بأمتنان:متشكر اوى يا دكتور
أبتسم الاستاذ حمدى وهو يقول باهتمام :علشان تعرف بس انى نظرتى ثاقبه دايما..قولتلك هتنجح وبالتقدير اللى انت عاوزه
قال فارس بسعاده:طبعا يا دكتور وربنا ميحرمناش من توجيهاتك ابدا

أعتدل الاستاذ حمدى فى مقعده وهو يقول:بس أنا عاوزك تسعى فى الماجيستير من دلوقتى يا فارس ده هيخدمك جامد فى المستقبل..وعندك يا سيدى المكتبه بتاعتى هنا فى المكتب أستعين بيها زى ما انت عايز يعنى مش هتحتاج تشترى كتب من بره
قال فارس فى تفكير:ان شاء الله يا دكتور بس انا دماغى مشغول دلوقتى بحكاية النيابه دى عاوز استنى لما اعرف راسى من رجلى فيها
الاستاذ حمدى:فكر تانى فى الموضوع ده حكاية النيابه دى لسه قدامها وقت وانت لسه هتاخد دبلومه قبل الماجيستير ..استغل الوقت ده وخد الدبلومه لحد ما نشوف موضوع النيابه

بدا عليه التفكير فى الامر وهو ينظر للأمام قائلا:خلاص يا دكتور انا حطيت الموضوع فى دماغى وان شاء الله هابتدى اسأل على الاجراءات وايه المطلوب بالظبط
أومأ الأستاذ حمدى براسه مبتسما وهو يقول:خلاص ولو أحتاجت اى حاجه ماتترددش تعلالى على طول
فارس:طيب عن أذن حضرتك

أشار له ان ينصرف بابتسامه ...أنصرف فارس الى مكتبه وجلس الى مقعده وأخرج بعض الملفات وبدأ فى العمل ولكن عقله مازال يدور ويبحث الامر ولا يجرؤ ابدا ان يتطرق الى نقطه معينه..... وهى أحتمال عدم قبوله فى النيابة .....هو ليس حلمه وحده أنما هو حلم والدته ووالده قبل ان يتوفاه الله ....بل وجيرانه واصدقائه جميعهم ..ودنيا ..دنيا التى تحلم بأن تصبح زوجة وكيل نيابه وان تصعد من طبقتها الى طبقة أخرى دنيا التى لا تتوقف عن أحلامها وطموحها ابدا ولا تقف أمامها اى حدود من أجل تحقيقها

فى اليوم التالى وعند الخامسة مساء كانت دنيا تقف أمام باب مكتب الاستاذ حمد مهران وتخطو فيه أول خطواتها العمليه تمت المقابله مع الاستاذ حمدى بنجاح وبدأت فى الاطلاع على القضايا وملفاتها فى المكتب المجاور لمكتب فارس فى نفس الغرفه
نهض فارس من مكانه وأقترب من مكتبها مبتسما وجلس على المقعد المقابل لها قائلا:ها ايه رأيك فى الشغل ..فى حاجه مش فاهماها؟
قالت وهى تنظر بحيره الى الملفات التى أمامها:قول فى حاجه فاهماها
كتم ضحكاته وهو يقول:معلش بكره هتفهمى كل حاجه

ظلت تنظر الى الاوراق بعينين زائغتين وهى تقول:انا ماكنتش فاكره الشغل العملى كده
قال بجديه:متقلقيش انتى هتنزلى معايا بكره المحكمه والشهر العقارى وواحده واحده هتتعلمى
مطت شفتاها وهى تقول :بس المجهود ده كله على المرتب ده بس
نظر لها باستنكار قائلا:ده انتى لسه متخرجه وبصراحه المرتب ده ميحلمش بيه حد لسه متخرج ده الدكتور كرمك علشان خاطرى
قالت بحده:اه هو ياخد على قلبه الألوفات واحنا الملاليم

تعجب فارس من طريقة حديثها وهى التى لم تبذل اى جهد حتى الان وقال:فى ايه يا دنيا ده انتى لسه بتقولى يا هادى وبعدين بصراحه وبشهاده محاميين كتير الدكتور حمدى بيدى أعلى مرتبات فى مكاتب المحامين كلها...وبعدين خلى بالك احنا مش بناخد مرتب وبس لاء احنا بناخد كمان خبرته الطويله ودى متتقدرش بفلوس

عبثت فى الاوراق وهى تقول بلا مبالاه :والله انت طيب يا فارس يلا بقى قولى المفروض بكره هنعمل ايه بالظبط
قال بجديه :قبل ما اقولك على الشغل عاوز اقولك انى قررت حاجه مهمه جدا
الفتت اليه باهتمام قائله:حاجة ايه قول
فارس:انا قررت ابدأ فى الدبلومه ان شاء الله

ظهرت الدهشه على وجهها وقالت:دبلومه؟! طب والنيابه
فارس:ياستى النيابه لسه قدامها سنه ويمكن أكتر وانا زى ما انتى عارفه مابحبش أضيع وقت..انا بقى هاستغل الوقت ده وأحضر الدبلومه ولو النيابه جات مش هاتخسر بالعكس دى هاتزيدنى خبره فى شغلى
أومأت برأسها بتفكير قائله:مش مشكله أى حاجه تخلينا نقب بسرعه معنديش فيها مانع

قاطعهم دخول باسم أحد المحامين العاملين فى المكتب وهو ينادى على فارس بصخب ولكنه توقف عندما وقع بصره على دنيا الجالسه خلف مكتبها...فنهض فارس فى سرعه واقفا وهو يقدمها له قالا:الاستاذه دنيا أول يوم معانا النهارده
أبتسم باسم أبتسامه واسعه وهو يتقدم نحوها وقال مرحبا وهو يمد يده ليصافحها:اهلا وسهلا نورتى المكتب
صافحته بابتسامه رقيقه فبدأ فى تقديم نفسه قائلا:أنا باسم صفوت محامى هنا وابن خالة الدكتور حمدى

نظر لها فارس نظره حاده لتسحب يدها من يده فارتبكت وهى تسحب يدها بهدوء قائله:أهلا بحضرتك
لاحظ فارس نظراته المتفحصه لها والتى أشعلت مصافحته لها بداية فتيل الغيره فى قلبه فلم يعد يحتمل نظراته هى الاخرى فقال بعصبيه واضحه:خير يا أستاذ باسم حضرتك كنت عاوز حاجه

ألتفت اليه باسم متعجبا من عصبيته المفاجأه ولكن الموقف لم يكن يحتاج الكثير من الذكاء فعلم على الفور ان دنيا تخصه بشكل أو بآخر
فقال بهدوء:خلصت الملف اللى أديتهولك امبارح قبل ما تمشى
كان يحاول السيطره على أعصابه ولكنه لم ينجح فكانت كل خلجه من خلجات وجهه تنطق بالغيره فاستدار ليتناول الملف من فوق سطح مكتبه وناوله اياه قائلا:أيوا خلصته أتفضل

قلب باسم صفحاته سريعا واشار اليه ليتبعه قائلا:طب تعالى معايا مكتبى عاوز أناقشك فى شوية نقط فيه
ألقى عليها فارس نظرة حاده قبل ان يترك الحجره وتبع باسم الى حجرة مكتبه
فركت يدها فى توتر فهى تعلم ماذا ينتظرها من شلال جارف من الغيره الساخطه يجرفها بحده لتصبح وحيده لا يراها غيره ولا يلمسها غيره فهكذا هو دائما

فى هذه الاثناء دخل محامى آخر كانت قد ألتقت به من قبل قبل دخولها لمقابله الاستاذ حمدى فأبتسم لها قائلا:ها أخبار المقابله ايه..انا شايف اهو ماشاء الله بدأتى شغلك
قالت بارتباك :اه الحمد لله متشكره اوى يا استاذ حسن
جلس الى أحد المكاتب واشار الى المكتب الرابع والخاوى بجواره :ده بقى مكتب الاستاذه نورا..هى مجاتش النهارده بس لما هاتتعاملى معاها هتحبيها أوى
قالت بأهتمام:هى شغاله معاكوا من زمان
أومأ براسه قائلا:اه بس مش من زمان أوى أصلها بتشتغل من وهى لسه بتدرس زى فارس كده
رسمت ابتسامه مصطنعه وقالت بهدوء:تمام... ان شاء الله أستفاد من خبرتها
تصنعت الامبالاه وهى تنظر للملفات امامها قائله:واضح ان الاستاذ باسم قديم هنا فى المكتب
قال بسرعه:طبعا قديم ده بقالوا عشر سنين هنا ده غير أنه ابن خالة الدكتور حمدى وهو اللى ماسك أدارة المكتب تقريباً
تابعت حديثها بتسائل:طب وده ايه خلاه كل ده ميفتحش مكتب خاص بيه

أعجب حسن بفضولها الذى يشبع رغبته فى الحديث فى شئون زملاءه ..نظر حسن بأتجاه حجرة باسم المغلقه وقال بصوت خفيض:ده ذكاء منه...لو فتح مكتب هيضطر يجيب محامين وموظفين ويديهم مرتبات ده غير النور والايجار وخلافه لكن كده بيشتغل فى القضايا الخاصه بتاعته واللى بياخد أتعابها كامله لافى ضرايب ولا يحزنون
دنيا:طب والاستاذ حمدى ميعرفش كده
حسن:عارف طبعا بس ميفرقش معاه كتير وبعدين زى ما قلتلك الاستاذ باسم هو اللى بيدير المكتب ...اصلا الدكتور حمدى مش فاضى ومبيجيش كتير

خرج فارس من مكتب باسم فوجدها تتحدث مع حسن أتجه الى مكتبه وجلس خلفه وهو ينظر اليها بتوعد مما جعلها تخفى وجهها بين أوراقها حتى لا تنظر اليه
لم يستطع حسن كتم فضوله أبدا فقال بسرعه:هى الأستاذه دنيا تقربلك يا استاذ فارس
نظر له فارس بحده وقال:خطيبتى...ليه
أرتبك حسن بسبب عصبية فارس الواضحه وقال:لا ابدا مفيش بسأل بس..ألف مبروك

وبعد أنتهاء مواعيد العمل فى المكتب أنصرفت دنيا بصحبة فارس الذى ظل صامتاً وهو يمشى بجوارها وهى تحاول اللحاق بخطواته الكبيرة فقالت وهى تحاول جاهدة ألتقاط أنفاسها :يا فارس براحه شويه أنا بجرى علشان الحقك
أبطأ من سرعته قليلا وظل محتفظا بصمته فقالت :أنا عارفه أنك زعلان مني بس أنت مش ملاحظ أنك مكبر الموضوع شويه يا فارس
توقف فجأة والتفت اليها وضغط على أسنانه بغضب وهو يقول:يعنى انتى مش شايف انك عملتى حاجه غلط؟
ارتبكت وقالت بتلعثم :يعنى كنت أقوله ايه هو اللى سلم وفضل ماسك ايدى

حاول كتم غضبه بقوة وهو يقول:يلا علشان أوصلك انا مش عاوز اتنرفز فى الشارع وصوتى يعلى ...ثم نظر لها بحده قائلا:خلى بالك انتى مبتراعيش مشاعرى ولا وجودى خالص وانا مش هستحمل كده كتير
حاولت ان تدافع عن نفسها مرة أخرى ولكنه لم يعطيها الفرصه وأوقف سيارة أجرة لتستقلها لمنزلها
***- ***- ***- **

فى اليوم التالى صباحا كان ينتظرها عند باب المحكمة رافقته فى رحلته اليوميه من المحكمه للشهر العقارى فى صمت ...لم تحاول التحدث الا بالقيل وهو لم يتحدث فى العمل فقط ..وهو يشرح لها وهى تحاول حفظ لاجراءات وأماكن المكاتب وأدوارها حتى يسهل عليها التوجه لها مباشرة عندما تقوم بالعمل بمفردها ...علمت قدر التعب والجهد المبذول فى عملهم فى مهنة المحاماه وخصوصا فى بداية الطريق ...فالنهار ينقضى هكذا تحت وطأ درجة الحراره الشديده فى الصيف بين التنقل بين المحاكم واقسام الشرطه والشهر العقارى وغيرهم......... وفى الليل خلف مكاتبهم يبحثون الاوراق ويدققون بها بالاضافه الى كتابة المرافعات والمذكرات وغيرها......

علمت ان العمل ليس بسهل او يسير على الاطلاق فهى ليست موظفه عاديه كما كانت تظن ...علمت الان لماذا كان يقول لها دائما هذا العمل غير مناسب للنساء ..عندما كان يقول لها ذلك كانت تشعر بالأستياء وبأنه يهمش دورها ويقلل من شأنها ولكن بعد ان رأت بعينيها علمت انه كان محقاً ...فهل تعود الى بيتها وتقبع به الى ان يتم تحديد مصيرها مع فارس؟!



..
استنوني في الفصل الثالث عدولاتي

في امان الله

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#7

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الثالث


رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية




...
كان فى طريقه إلى المنزل شارداً غارقاً فى تفكيرة لا يجد حصى أمام قدميه إلا وركلها يمينا أو يساراً وكأنها كرى يسددها فى أحضان مرماها ...المشوار طويل والجهد ليس قليل ..يا ترى يا فتاتى هل تستطيعى الصبر .....ماذا سيكون مذاقه على لسانك..... هل سيحلو لكى أم ستنفرى منه ومني.....
سأقدم لكى ما تريدى ولكن أنتظرينى فقط ...فأنتى تعلمى أننى لست برجل كسول أو قليل الطموح ولا آبه بالمصاعب ....بل تحلو لي وأتسلقها فى هدوء دائما وثبات حتى أصل لمرادى ...ولكن عندما أصل إلى القمه هل سأجدك فى أنتظارى ...هل تعشقينى بما يكفى لتتنتظرى....
لست متأكداً مع الأسف....

مر بالمنعطف المؤدى الى بيته وأتجه إليه فى بطء وهو يحاول أخفاء مشاعره حتى لا تقرأها والدته فى عينيه فهى تجيد ذلك...ولكنه لم يلاحظ الفتاة التى كانت تقف فى نافذة حجرتها الصغيرة ترمقه وتتفحصه .....وكأنها كانت تنتظره وقد جفاها النوم وأستعصى عليها
ورفض التسلسل إلى عينيها حتى تطمئن بعودته.....

.......تنهدت فى قوة وهى تراه يلج باب منزله وألتفتت للداخل لتطمئن أن أختها مازالت غارقه فى نومها كما كانت تظن ....فأغلقت نافذتها وأسدلت أستارها ....وأتجهت لفراشها وما أن سكنت راسها إلى وسادتها وأغمضت عيينيها حتى سمعت أختها تقول بخفوت:خلاص أطمنتى أنه رجع....
فزعت عزة وحدقت فى أختها فى سريرها المجاور تحاول أكتشاف عينيها فى الظلام وقالت:أنتى لسه صاحيه يا عبير
نهضت عبير وفتحت المصباح الصغير والذى ينبعث منه أضاءة ضعيفه..... وضعت الوساده على رجليها واستندت إليها وقالت:أنتى بتعذبى نفسك على الفاضى وهو ولا هو هنا.......

زفرت عزة بضيق وهى تقول:بطلى الاوهام اللى فى دماغك دى يا عبير أنا مكنتش مستنيه حد..انتى عارفه أنى مش بستحمل الحر وكنت واقفه بتهوى شويه فى الشباك
شبكت عبير أصابع كفيها وقالت:على فكرة أنا أختك ها...... يعنى مش عدوتك ولا حاجه يعنى هترتاحى لما تتكلمى معايا
نهضت عزة وأغلقت المصباح الصغير وعادت لفراشها وهى تقول:نامى يا عبير نامى وياريت تشيلى الاوهام دى من دماغك
وضعت عبير وسادتها مكانها وأسترخت على فراشها وهى تقول بهمس:ياريت يا عزة تكون أوهام فعلاً

***- ***- ***- ***- *

فى الصباح وهو فى عمله أكتفى بأن يتحدث معها فى العمل فقط رغم محاولتها للتقرب منه ولكنه مازال صاداً لها..وقفت فى الطريق فجأة وقالت بأجهاد:خلاص مش قادره تعبانه أوى
ألتفت إليها بقلق قائلا:أستنى أوقفلك تاكسى واروحك وابقى ارجع انا اكمل الشغل
وقبل ان يشير لسيارة أجره أستوقفته بيدها وهى تقول :استنى بس انت ايه معندكش تفاهم هتشاور للتاكسى على طول كده
نظر إليها يتفحصها فى صمت ثم مط شفتيه قائلا:بتمثلى يا دنيا عامله فيها تعبانه

أبتسمت وهى تتلمس أصابعه وهى تقول:أعمل ايه بقى ما أنت مخاصمنى ومش عاوز تدينى ريق حلو خالص
حاول أن يخفى ابتسامه ظهرت على شفتيه بصعوبه ثم تنحنح ليخفيها وقال بجديه:خلاص يبقى يلا نكمل الشغل اللى ورانا
أمسكت ذراعه لتوقفه عن التقدم وقالت بدلال:طب انا عطشانه ممكن تشربنى الاول
أشاح بوجهه عنها ولأخذ يتلفت حوله الا ان قال :تعالى نعدى الشارع

عبرا الطريق وأذا به يدخلها أحد المحال ثم ابتاع كوبين من العصير وقدم لها واحداً قائلا:أتفضلى
نظرت الى الكوب بيده ثم نظرت اليه قائلا:ايه ده
نظر اليها بدهشه قائلا:ايه مش عارفاه...عصيرقصب
قالت بأستنكار :منا عارفه أنه عصير قصب..بس انا بقولك تعبانه وعطشانه تقوم تجيبلى عصير قصب..... ثم تابعت بحنق:كنت فاكراك هتقعدنى فى مكان هادى استريح فيه شويه مش تدخلنى محل عصير قصب

ظهر الحزن فى عينيه ونطقت به ملامح وجهه وقال بيأس:هو ده اللى عندى يا دنيا
مطت شفتيها بأمتعاض وتناولت منه الكوب وشربت منه قليلا لتروى ظمأها فقط
نظر اليها نظره طويله وكأنها يحاول الغوص فى أعماقها ولكنه لم يفلح فهى اصبحت متمرده أكثر من ذى قبل وافعالها متناقضه من وجهة نظره بعض الشىء مع مشاعرها تجاهه
أنهى اليوم بصعوبه وهو يحاول تجنبها قدر المستطاع حتى رحل كل منهم الى مسكنه محمل بالكثير من التساؤلات

وصل فارس الشارع الذى يقطن به وقت أذان الظهر فغير وجهته الى المسجد الذى يبعد قليلا عن منزله ....توضأ ووقف يصلى السنن وبعد أن أنتهى وجد شخصا يربت على كتفه بحنان قائلا:ايه يا عم انت مخاصمنا ولا ايه
التفت فارس الى صاحب الصوت والابتسامه تعلو شفتيه ليصطدم بأحب الوجوه إلى قلبه منذ سنوات كثيرة فهو صديق قديم له وهو من أيده الله تعالى لفارس ليجعله مداوما على صلاته منذ ان كان فى الثانويه العامه ....صافحه بحراره مرددا:مش معقول شيخ بلال واحشنى جدا ...

نهض الرجلين وتعانقا طويلا ثم قال فارس بشغف:انت كنت فين كل ده يا شيخ ده انا روحت سألت عليك فى بيتك الوالده قالتلى انك مسافر
أنحنى بلال على أذنه قائلا بمرح:كنت فى ألمانيا
أتسعت عينيى فارس لبرهه فضحك بلال بصوت خفيض قائلا:ايه مالك اتخضيت كده ليه
أقترب منه فارس هامساً:ليه يا شيخ بلال ده انت يا أما فى المسجد يا أما فى شغلك يا أما فى البيت ياخدوك ليه
رفع بلال كتفيه قائلا:ما انت عارف بقى أخوانا البعدا يا فارس طالما ملتحى وبتخطب فى مسجد لازم يتحط تحتيك مليون خط أحمر ويبقى ليك ملف عندهم

قطب فارس جبينه وهو يقول:حسبى الله ونعم الوكيل بياخدوا عاطل على باطل كده
ابتسم الشيخ بلال وهو يقول :سيبك مني انا خلاص جسمى نحس ...ها قولى بقى انا سمعت أنك أتخرجت ...اولا ألف مبروك ...ثانيا ناوى تعمل ايه بعد التخرج هتكمل فى المكتب ولا هتستنى حلمك الكبير
كاد فارس أن يتحدث ولكن الامام أقام الصلاة فوقفا فى الصف وكبرا ليدخلا فى الصلاة

بعد أنتهاء الصلاة جلس كل منهما يتلو الاذكار ثم خرجا سويا من المسجد أخذ فارس ينظر للشيخ بلال بحب وهو يقول:والله انا مش مصق انى شوفتك تانى يا بلال ده انت واحشنى جدا والله...
قال بلال مداعباً:وأنت والله يا فارس ها ياعم مش هتبقى وكيل نيابه بقى علشان تبقى تحقق معايا أنت ...اهو بدل الغريب برضه

لم يستطع فارس ان يضحك أو حتى يبتسم وهو يقول:أنا لو ربنا كرمنى عمرى ما هبقى ظالم زى اللى بيحققوا معاك ومع غيرك يا بلال
بلال:اه يبقى أنت لسه على عهدك يا فارس وبتحلم بالنيابه.... قولى بقى شغال مع الاستاذ حمدى ولا سبته
فارس: لا لسه طبعا شغال معاه وفى نفس الوقت هستنى التعينات وربنا يكتبلى اللى فيه الخير يا بلال أدعيلى أنت بس
وقف بلال والتفت الى فارس ووضع يده على كتفه قائلا بهدوء:ربنا يكتبلك اللى فيه خير ليك يا فارس سواء فى دنيتك او أخرتك ..أسعى وأجتهد وأحلم بس لو محصلش نصيب أفتكر دايما ان الله سبحانه وتعالى لا يأخذ منك الا ليعطيك...أفتكر دايما الكلام ده
أومأ فارس براسه وهو يقول بأبتسامه:والله وحشنى كلامك يا بلال

كانا قد اقتربا من منزل فارس كثيراً وهما يتحدثا ويتذكران ايامهما السابقه بينما وقف العم عامر على باب ورشته ينظر اليهما فى ترقب وهو يقول:مين اللى مع الاستاذ فارس ده
خرج من ورشته وأقترب منهما وهو يتفحص بلال ثم وقف على مقربة منهما ونادى فارس قائلا:أستاذ فارس..أستاذ فارس
ألتفت له فارس بأبتسامه فقال عامر:تعالى لحظه بس
قال بلال وهو يصافح فارس :طب أسيبك انا بقى يا فارس وأشوفك بعدين أوقفه فارس بلهفه قائلا:لا والله لازم تطلع معايا ونشرب الشاى مع بعض ثوانى أشوف عم عامر وارجعلك

توجه فارس الى عامر ووقف أمامه قائلا :خير يا عم عامر فى حاجه ولا ايه
قال عامر بقلق:مين ده يابنى
فارس بأبتسامه:ده صاحبى من زمان بس كان مسافر
تابع عامر بنفس القلق: تعرفه كويس يعنى
فارس:اه طبعا بقولك صاحبى من زمان بس مكنش بيجى الشارع هنا كتير كنا بنتقابل فى المسجد ...لاحظ بلال نظرات القلق فى عينيى عامر فنظر له وابتسم ابتسامه ودوده

وبرد فعل تلقائى وجد عامر نفسه يبتسم هو الاخر بدون سبب واضح من وجهة نظره وقال لفارس شكله طيب صاحبك ده
ضحك فارس وهو يربت على كتف عامر قائلا :و أنت كمان طيب يا عم عامر وألتفت الى بلال وناداه قائلا:شيخ بلال
أقترب بلال منهما محتفظاً بأبتسامته فقال فارس:عم عامر بيسأل عليك يا بلال أصله عم عامر ده بقى زى شيخ الحاره كده لازم يعرف اللى داخل واللى خارج

أومأ بلال برأسه قائلا:طبعا عارفه من زمان يا فارس انا اه مكنتش باجى كتير بس انا مبنساش الوشوش بسرعه وخصوصا وشوش الناس الطيبه
ومد يده ليصافحه.... صافحه عامر بود وقد زال قلقه بسرعه وقال :تعالوا بقى اشربوا معايا الشاى
فارس بسرعه:لا الشاى ده عندى المره دى ...ان شاء الله هنبقى نعدى عليك بعدين يا عم عامر...بحث بلال فى جيبه عن شىء ما ووجده أخيراً ...أخرج من جيبه زجاجة مسك صغيره وقبل أن ينصرف مد يده بها الى عامر قائلا:أتفضل يا عم عامر دى هديه بسيطه كده
نظر لها عامر بدهشه قائلا:ايه ده ريحه

ابتسم فارس قائلا:ده اسمه مسك يا عم عامر بس حلو اى هيعجبك
قال عامر وهو يتفحص بلال:بس بمناسبة ايه ده
قال بلال بهدوء وعينين يشعان صدقاً:بمناسبة انى أتعرفت على راجل طيب زيك يا عم عامر وبعدين الرسول عليه الصلاة والسلام قال تهادوا تحابوا ..وانا نفسى تحبنى زى فارس كده
أبتسم عامر وهو يتناول زجاجة المسك من بلال قائلا :متشكر يابنى ربنا يحميك لشبابك ...هديتك مقبوله....
طرق فارس باب شقته ففتحت والدته وهى تقول :بتخبط ليه ما أنت معاك مفتاح يا فارس
فارس:معايا واحد صاحبى يا ماما

وضعت والدته حجابها على شعرها وهى تقول ببساطه:أهلا وسهلا يابنى أتفضل
تنحنح بلال وهو غاضاً لبصره قائلا:أهلا بيكى يا حاجه معلش أزعجناكى
أفسحت الطريق وهى تقول بأبتسامه طيبه:لا يابنى البيت بيتك أتفضلوا..

أخذه فارس الى غرفته وأغلق الباب خلفه وجلس أمامه مبتسما وهو يقول:والله زمان يا بلال ...ها أحكيلى بقى
تنهد بلال وقال:أحكيلك ايه بس ربنا ما يكتبها عليك ولا على حد أبدا ..سيبك مني أحكيلى أنت وصلت لحد فين فى الدنيا
بدت علامات التوتر على فارس وكأنه يبحث عن بدايه مناسبه لحديثه ويختارها بعنايه وبدأ يقص على بلال ما يشعر به قائلا:مش عارف يا بلال من ساعة ما أتخرجت لحد دلوقتى فى حلمين مش متأكد انهم هيتحققوا ..النيابه ودنيا
رفع بلال حاجبيه بأهتمام قالا:طب النيابه وعرفناها ..مين دنيا
قال فارس بحرج:دى بنت أتعرفت عليها فى سنه رابعه و..وحبيتها

أبتسم بلال وهو يقول:طب ومحرج كده ليه انت فاكرنى هقولك الحب حرام يعنى
زاد حرج فارس وخجله من صديقه وهو يقول:لا أصل أنا مش بحبها من بعيد لبعيد يعنى ..انا ..أنا بقابلها وبنخرج سوا ثم بدأ فى الدفاع عنه نفسه بسرعه قائلا:بس والله انا قابلت والدتها ووعدتها أنى هتقدملها بعد التخرج لولا دنيا هى اللى رفضت وقالت نأجل الحكايه لبعد النيابه
أطرق بلال لحظات ثم رفع راسه بهدوء وقال:كمان هى اللى رفضت وطلبت التأجيل

نظر له فارس بصمت ولم يتكلم فتابع بلال حديثه:وأنت فاكر لما تخطبها هتبقى خلاص تحللك يا فارس
ظهرت علاات عدم الفهم على وجه فارس وهو يقول:يعنى ايه يا بلال
دلك بلال لحيته وهو يتفحص علامات التوتر على وجه فارس ثم قال بهدوء:التوتر اللى على وشك ده حاجه كويسه..ده دليل على أن متأكد انك بتعمل حاجه غلط..فارس يا حبيبى لو بتحبها سيبها

رفع فارس رأسه اليه باستنكار قائلا:أسيبها ازاى ..انا بحبها يا بلال وناوى على الجواز مش بلعب بيها ولا بعمل حاجه غلط معاها
بلال:وهو أنت بتعمل معاها ايه صح يا فارس
فارس:مش فاهمك

نهض بلال واقفا وجلس بجوار فارس وقال بجديه:أنت بتقابلها يا فارس مش كده؟
فارس :أيوا
بلال:يعنى بتبصلها مش كده ولا بتكلمها وانت باصص الناحيه التانيه
قال فارس بارتباك:ايوا ببصلها
بلال:طب أذا كان ربنا سبحانه وتعالى قال: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ يبقى أنت كده بتعمل حاجه غلط ولا لاء

أطرق فارس برأسه وقال بخفوت:ايوا غلط
أستطرد بلال حديثه قائلا:هسألك سؤال كمان...طبعا بتمسك ايدها
فارس :ايوا
بلال:مع انك يا فارس اكيد سمعت حديث النبى عليه الصلاة والسلام(" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " ) يعنى النظره حرام واللمسه حرام فاضل ايه تانى يا فارس

وأكيد طبعا وأنتوا بتحكوا مع بعض ممكن تضحكوا وأكيد ضحكتها بتحرك مشاعرك ........وممكن وهى بتكلمك وبتحكى معاك ممكن تقول كلمه بصوت ناعم شويه ...... ليه يابنى تحط نفسك فى الفتن دى كلها وتشق على نفسك بالشكل ده ده الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء".

أنت بقى بتحط نفسك فى الفتنه بأيدك يا فارس وترجع تقول انا مبعملش معاها حاجه غلط طب ازاى
أطرق فارس وقد شعر بكل كلمه قالها بلال ورغم صعوبتها الا إنها وضعته على بداية الطريق الصحيح فقال :معاك حق يا بلال ..لكن
قاطعه بلال:لكن بتحبها ومش عارف تعمل ايه
أومأ فارس برأسه موافقا وقال :بالظبط كده اعمل ايه

أبتسم بلال وهو يربط على يده قائلا:كلمها بصراحه وقولها انك مش هتخلف وعدك معاها لكن فى نفس الوقت مش هينفع تغضب ربنا بالحب ده
فارس :والحل
بلال:الحل أنها تبقى زميلتك فى المكتب وبس لحد ما ربنا يكرمك وتتقدملها وتعقد عليها وتبقى مراتك
وأشار له محذرا: وانا بكررها تانى يا فارس وتعقد عليها ..يعنى تكتب كتابك عليها مش تروح تلبسها دبله وتقول خطيبتى بقى أخرج و اعمل اللى كنت بعمله لا يا فارس الخطوبه دى كأنها لسه غريبه بالظبط

أومأ فارس برأسه فى سكون وصمت وهو يستعر المعان الايمانيه التى دخلت قلبه لتوها ولم تغادره وسمع بلال يقول له مرةأخرى:سيبها مؤقتا وعرفها انت هتسيبها لامتى وهتسيبها ليه ..سيبها علشان يكرمك بيها فى الحلال يا فارس بدل ما ربنا يغضب عليكم ويحرمكم من بعض طول العمر..ده لو كنت بتحبها فعلا..تخيل يا فارس لو ماتت وهى قاعده جنبك بتغضب ربنا هتروح تقول لربنا ايه ولو انت مت وانت قاعد جنبها وماسك ايدها هتروح تقول لربنا ايه هتقوله كنت بتغضبه ليه وعشان ايه
هو حد ضامن عمره هيخلص أمتى يا فارس

***- ***- ***-

دخل فارس المكتب بعد صلاة المغرب وألقى التحيه على الجميع ثم توجه الى حجرة مكتبه هو وزملائه وجد دنيا ونورا يتحدثان ويتعرفان الى بعضهما البعض وسمع دنيا تسأل نورا عن باسم قائله:وأستاذ باسم متجوز من زمان ولا لسه قريب ...
نورا:لا من زمان وعنده ولد وبنت
بمجرد أن رأته نورا نهضت واقفه بأبتسامه قائله:حمدلله على السلامه ازيك يا استاذ فارس
حاول فارس ان يتجنب النظر اليها هى ودنيا وهو يقول بود وأحترام:الله يسلمك يا استاذه حمد لله على السلامه
نورا :الله يسلمك

أقتربت دنيا خطوات منه قائله :ايه مفيش أزيك يا دنيا ولا ايه
وضع عينيه فى الاوراق وهو يقول:ازيك يا أستاذه دنيا
أتكأت على المكتب وهى تقول بخفوت: انت عارف انى مبقدرش على زعلك انا اسفه يا سيدى فكها بقى
هز راسه نفيا وهو يقول:مش زعلان من حاجه وياريت نأجل الكلام ده لبعدين
قالت بدلال :تبقى لسه زعلان

وضع القلم على الاوراق بعصبيه وحاول خفض صوته وهو يقول:دنيا من فضلك أجلى اى كلام دلوقتى واحنا مروحين هنتكلم زى ما انتى عاوزه لانى عاوزك فى موضوع مهم جدا ..محتاج أتكلم معاكى فيه ضرورى
خرج باسم من حجرته وهو يقول لدنيا من فضلك يا استاذه دنيا عاوزك شويه ودخل حجرته مرة أخرى وهو يقلب عدة ملفات بين يديه
نهض فارس واقفا بحده وقال لها:لما تدخلى متقفليش الباب وراكى
تركتهم دنيا ودخلت حجرة مكتب باسم وتركت الباب كما أمرها فارس فنظرت نورا اليه قائله:مالك يا استاذ فارس فى حاجه مضايقاك قلقان من حاجه
هز راسه نفيا وهو يقول:ابدا يا أستاذه مفيش حاجه دنيا خطيبتى وانا محبش يتقفل عليها باب أوضه مع اى حد حتى مع الدكتور حمدى نفسه
ابتسمت قائله :هى برضه لسه كانت بتحكيلى عنك وعن غيرتك عليها ..ربنا يتتملكم على خير يارب

أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام لا يدرى من اين يبدا معها...... وكيف سيكون وقع كلماته عليها ......وهل ستتقبل هذا الامر بسهوله أم ستظن انه يتملص من زواجه منها بهذا القرار المفاجىء.......
وكيف سيستمر يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط .......وكيف سيستطيع كتم مشاعرها تجاهها ......وهل سيقدر على ذلك كله ....هل ستكون تلك المشاعر مثل الامواج الثارة التى تتحطم عند ارتطامها بصخرة الحلال والحرام .....هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت منه ومن بين اصابعه دون ان يدرى لتندفع الى منسوبها الاول كما كانت بل واقوى.......
كانت كل تلك التساؤلات تموج بها راسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة ولم تتركه الا وعينيه كانت تنطق بالحيره فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط..أيها الانتظار لو كنت رجلا لقتلتك.
..
في امان الله


إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#8

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الرابع

رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية


أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام لا يدرى من اين يبدا معها وكيف سيكون وقع كلماته عليها وهل ستتقبل هذا الامر بسهوله أم ستظن انه يتملص من زواجه منها بهذا القرار المفاجىء...

وكيف سيستمر يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط وكيف سيستطيع كتم مشاعرها تجاهها وهل سيقدر على ذلك كله هل ستكون تلك المشاعر مثل الامواج الثارة التى تتحطم عند ارتطامها بصخرة الحلال والحرام هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت منه ومن بين اصابعه دون ان يدرى لتندفع الى منسوبها الاول كما كانت بل واقوى
كانت كل تلك التساؤلات تموج بها راسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة ولم تتركه الا وعينيه كانت تنطق بالحيره فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط..أيها الانتظار لو كنت رجلا لقتلتك

***- ***- ***-
أشار باسم إلى دنيا بالجلوس فى المقعد المقابل له دون أن ينظر ينظر إليها وهو يتأمل الورقة فى يده ....ثم يده بها إلى دنيا وهو مازال ينظر للورقة وهو يقول بأهتمام:عاوزك تقرأى المذكره دى كويس وتكتبيلى ملحوظاتك عليها
مدت يدها لتمسك بها وهى تقول:أيوا بس أنا لسه ..ولكنها شعرت بيده وهى تتلمس أصابعها من تحت الورقة وهو يبتسم لها بهدوء وكأنه شىء عادى .....تلعثمت فى عباراتها وجذبت يدها فى أرتباك ولم تتكلم...ألتفتت إليه فوجدته يتفحصها ويتأمل ردود أفعالها الصامته على محاولته التى كانت عينة أختبار لها ليس إلا .....والنتيجة كانت مشجعه ...قالت فى أرتباك:حضرتك أنا لسه جديده ومش هفهم فى حكاية المذكرات دى دلوقتى
كانت كلماتها مشجعه بشكل أكبر بما أنها لم تنهره أو حتى تظهر أنزعاجها من تصرفاته ونظراته فنهض واقفاُ ودار حول مكتبه وتلمس ظهر مقعدها وهو يقول:معلش كل حاجه فى الاول صعبه بكره تتعلمى
شعرت بأصابعه تتلمس ظهرها وكتفها فنهضت فى أرتباك وقد أحمرت وجنتها وقالت بتلعثم دون أن تنظر إليه :من فضلك يا استاذ باسم كده ميصحش
تبسم وهو يرى رد فعلها المتهالك وقال:هو ايه ده اللى ميصحش هو انا عملت حاجه...
قالت بتوتر:حضرتك لمست كتفى وظهرى

باسم بخبث:مكنش قصدى يا ستى ..متزعليش
ثم أستدرك قائلا :هو الاستاذ فارس خطيبك فعلا زى ما سمعت مش شايفك يعنى لابسه دبله
تنحنحت وقد زاد توترها وهى تقول:ايوا أحنا مخطوبين بس لسه ملبسناش دبل
رفع حاجبيه فى تصنع وقال بسخريه :مممممم يعنى لسه مش رسمى يعنى
ثم اردف بمكر:يا شيخه سيبك جواز ايه وبتاع ايه

رفعت راسها إليه وقالت :ليه بقى هو حضرتك مش متجوز برضه وعندك اولاد
أتسعت ابتسامته وكاد أن يضحك وهو يقول:ايه ده وكمان متابعه أخبارى
قالت بسرعه:لا ابدا انا عرفت صدفه ثم تناولت الاوراق وهى تقول طيب حضرتك انا هقرأها وهحاول أفهم الموضوع
سحبها منها ببطء وهو ينظر لعينيها بجرأة قائلا:لا خلاص خليها بعدين
زاغ بصرها وقالت وهى تتجه نحو الباب:طب عن أذن حضرتك

شعرت بنظراته تخترق ظهرها وهى تدلف للخارج..... نعم فهى مثلها مثل كل أنثى تستطيع أن تشعر بنظرات الرجل وتلميحاته والامر يعود اليها من الممكن ان تصده فى البدايه وان تجعله يفكر ألف مره قبل ان يتفوه بكلماته ومن الممكن أن تعطيه بتساهلها الضوء الأخضر ليمرر عباراته ونظراته وقتما يشاء

أما هو فقد علم طبيعة الفتاة التى أعجب بجمالها هى مرتبطة عاطفيا ورغم ذلك لا تريد أن ترسم حدودا قوية لا يتعداها الرجال معاها بل تفسح المجال لذلك فهى تمسك العصا من منتصفها وكأنها تبحث عن فرصة أخرى أيسر وافضل وفى نفس الوقت لا تريد فقد ما تملكه فعلا بيدها
جلست خلف مكتبها وهى تختطف نظرات شعواء بين الحين والاخر إلى فارس القابع خلف مكتبه فى شرود تام ......

وقبل أنتهاء العمل بحوالى الساعه استأذن فارس من الاستاذ حمدى لينصرف مبكرا هو ودنيا ...خرج معها من المكتب وسارت بجواره فى سكون وكأنها تشعر أنه رآها ورأى ردود فعلها المتهاونه مع باسم وتصرفاته وأنتظرته ليتحدث
صمت قليلا ليستجمع كلماته والمنطق الذى سيتحدث به.... بكل حال من الاحوال كان لا يريد فقدها أبداً ...كان سيقرر تأجيل الحديث فيما بعد ولكنه أستجاب لطبيعته التى تكره التسويف والتأجيل فى الامور الحاسمه
فقال بسرعه وقبل أن يتراجع:دنيا عاوز أتكلم معاكى فى موضوع مهم

ألتفتت إليه وقد أنتشلها من شرودها قائله: هه ..موضوع ايه
أخذ نفسياً عميقاً وقال:دنيا... تفتكرى ربنا راضى عن علاقتنا بالشكل ده كده
توقفت فجأة عن السير وكأنه افرغ عليها دلو من المياه البارده شعرت بمشاعر مختلطه بين الحيرة ومحاولة الاستنتاج وقالت:مش فاهمه ..تقصد ايه بالكلام ده يا فارس

هربت الكلمات منه حاول جمع شتاتها مرة أخرى وقال بصدق:دنيا أنتى عارفه ومتأكده أنى بحبك ولا لاء
نظرت إليه تحاول سبر أغواره وقراءت ما يدور فى خلده وقالت:أيوا متأكده ..ليه
وبحكم العاده أستعمل كلتا يديه فى الحديث هو يقول:دنيا ...أنا عاوز ربنا يبقى راضى عن علاقتنا وانا عرفت ان علاقتنا بالشكل ده تغضب ربنا وممكن يعاقبنا ويحرمنا من بعض بسبب الحاجات الحرام اللى بتحصل

حدث ما كان يتوقعه تماماً وقالت بسخريه لازعه:عاوز تسيبنى وتنهى علاقتنا يا فارس... لو عاوز كده قول على طول مفيش داعى للفه دى كلها
نظر لها بحده قائلا:أنتى أكتر واحده فى الدنيا عارفه أنى مبحبش اللف والدوران وانى دوغرى فى كلامى مع كل الناس وانتى أولهم
عقدت ذراعيها قائله بنفس النبرة الساخره:أومال ايه اللى جد فى علاقتنا علشان تقولى حرام وحلال ومن أمتى يعنى

حاول رسم ابتسامه على شفتيه وهو يحاول شرح الامر بصدق قائلا:دنيا أنا عرفت أن نظرى ليكى ووكلامى معاكى حرام وأنا عاوز يبقى ربنا راضى عننا وعلشان متفهميش غلط تانى أنا عاوز أتقدم رسمى ونكتب الكتاب على طول
أتسعت عينيها بدهشه وقالت :أفندم تكتب الكتاب...بس أحنا متفقين تستنى لما نشوف التعين بتاع النيابه وبعدين نتخطب

زفر بضيق وهو يقول:بصى بقى أنا مش عارف أنتى عاوزانى أنا ولا عاوزه فارس وكيل النيابه ..وانا مش هديكى فرصه تسيبينى وتمشى زى كل مره بنتكلم فى الحكايه دى...لو بتحبينى وعاوزانا نكمل مع بعض باقى حياتنا زى ما بتقولى دايما توافقى انى أتقدم دلوقتى وقدامك أختيارين يأما نتخطب بس وده لحد ما تيجى تعينات النيابه ....ومش هينفع برضه لا نتكلم ونخرج مع بعض ولا اى حاجه من اللى كانت بتحصل واللى عرفت انها حرام ومش هعملها تانى

يا أما أتقدم ونكتب الكتاب على طول وساعتها مش هيبقى فى حاجه حرام فى علاقتنا وفى كل الاحوال هنستنى النيابه
ها قولتى ايه ..وخلى بالك دلوقتى الكوره فى ملعبك علشان نحدد بقى مين اللى عاوز يتهرب من التانى

شعرت دنيا بأنه اربكها ووضعها أمام الاختيارين لا تستطيع أن تختار ثالثا لانه لم يكن هناك ثالث إن كانت تريد الابقاء عليه ....ولكن بالتأكيد هناك أختيار ستكون فيه الخسائر أقل
حاولت ان تماطل ولكن هيهات لم يكن هناك مجالا هو يريد معرفة رايها حالا
نظر إليها بجديه وهون يقول:ياه..قد كده قرارارتباطك بيا صعب عليكى

تنفست بعمق وهى تحاول رسم السعاده على وجهها وقالت:طب ممكن يا حبيبى تستنى لما أخد رأى ماما .....مش دى الاصول برضه.
قال بسرعه وبجديه:هستناكى تردى عليا النهارده مش هنام غير لما تكلمينى وتردى عليا .....ولو متكلمتيش النهارده هعرف أنك أخترتى الاختيار التالت ..أنك مش عاوزانى اصلا.
رأت الجديه والحسم فى عينيه وهو يتحدث وهى تعلمه جيدا أنه لا يحب المزاح فى الامور الجديه ابدا ولا يقبل به ولا يخلط بينهما...... وهذا ما يزيده رهبة فى عينيها وهو يتحدث بمثل هذا الحسم
أومأت برأسها وهى تقول:حاضر ..هتكلم مع ماما وهرد عليك النهارده........حاولت أن تمزح وهى تستدرك قائله:بس ماليش دعوه بقى لو أتصلت وأنت مردتش..
قال بجديه وهو يشير لسيارة أجره:مش هنام ..هستناكى ان شاالله للفجر

***- ***- ***- ***- ** ***-

هتفت بها والدتها :أنتى بتستعبطى ولا ايه ..هو ده اللى عارفه بتعملى أيه .........هو ده كلامى ليكى أنا مش قلتلك متخطيش خطوة الا لما تحسبيها كويس ده جواز يابنتى عارفه يعنى ايه جواز
زفرت دنيا بضيق وهى تقول بنفاذ صبر:يا ماما خلاص بقى نعمل خطوبه وخلاص ......جلست على فراشها وهى تردف:أصلا انا وهو بنحب بعض وكده ولا كده كنا هنتخطب ...خلاص طالما مصمم نعمل خطوبه

ضربت والدتها كفاً بكف وهى تقول بغضب:وبعد سنه يجى يقولك عاوز أكتب الكتاب ويمكن عاوز نعمل دخله وتروحى تقعدى فى الحاره مع امه مش كده وساعتها برضه هتعملى زى دلوقتى تقوليلى هعمل ايه يا ماما ماهو مش سايبلى اختيارات تانيه

عقدت دنيا ذراعيها وقالت بحنق:طب قوليلى اعمل ايه ..وقبل ما تقولى أى حاجه لاوم تعملى حسابك انى بحبه ومش ناويه اسيبه انا بس كنت بأجل لما ياخد وضعه مش أكتر
تفحصتها والدتها برهه ثم قالت:انا أمك وعارفاكى كويس أنتى مش متمسكه بيه علشان بتحبيه انتى بس شايفاه أحسن واحد لغاية دلوقتى ومتأكده ان لو حد غيره عجبك هتسبيه وترميه ورا ضهرك

رفضت دنيا حديث والدتها بشده وقالت:لا يا ماما غلطانه أنا بحبه وعارفه طموحه كويس ممكن يوصله لفين وانا عاوزه أوصل معاه يا ماما للى هيوصله ومش عاوزه أخسره وبعدين دى خطوبه ولا هتقدم ولا هتأخر..
قالت والدتها :وبعدين خلاص تبقى خطيبته وتدخولا وتخرجوا مع بعض وأى حد أحسن منه تعجبيه يقول بس يا خساره دى مخطوبه خلاص.. وسوقك يقف على كده ..صح

ابتسمت بسخريه وقالت:لا متقلقيش ولا خروج ولا دخول هو اصلا مش عاوز كده ده داخلى فى موال حلال وحرام ...ومينفعش أبصلك ومينفعش اقابلك والكلام ده ....هو بس عاوز يطمن أنى عاوزاه وموافقه على الارتباط بيه قبل ما يبقى وكيل نيابه
زفرت والدتها بضيق وهى تقول:استغفر الله العظيم ..اعملى اللى عاوزاه..
***- ***- ***- ***- ** ***- *

كان يقف فى شرفته الصغيره يحتسى القهوة ببطء ويدور فى عقله الف سؤال وسؤال ومليون أجابة لكل سؤال حين سمع رنين الهاتف ورأى والدته تخرج من غرفتها فقال بسرعه :خليكى يا ماما التليفون ده ليا
وقفت والدته أمام باب غرفتها وهى تراه يلتقط سماعة الهاتف بلهفه ويقول:ألو ..

صمت قليلا وأرتسمت على وجهه ابتسامة صغيره وهو يقول:يعنى والدتك وافقت على الخطوبة بس
كانت دنيا على الطرف الاخر تنظر لوالدتها وهى تقول له عبر الهاتف :ايوا يا حبيبى معلش بقى حاولت معاها كتير توافق على كتب الكتاب بس رفضت جدا وقالت لاء خطوبه بس فى الاول كده زى كل الناس وبعدين بقى لما نجهز نبقى نكتب الكتاب

أبتسم فارس وهو يقول :خلاص مش مشكله نعمل الخطوبه زى ما كنا متفقين قبل كده..هتحدديلى معاد مع باباكى أمتى
دنيا:بكره لما ارجع من الشغل على بالليل كده
ابتسم وهو يقول:بكره الخميس المكتب أجازة يا دنيا
قالت بمرح :علشان تعرف بس أنك بتنسينى نفسى...عموما استنى مني تليفون بكره واول ما أخد معاد من بابا هكلمك على طول..أوك

أغلق الهاتف وقد علا وجهه ابتسامة رضى كبيرة وألتفت ليجد والدته تقف خلفه تنظر له بحزن وقالت:برضه هتخطبها يا فارس
تغيرت ملامحه وقد شعر بحزن والدته الذى يطل من عينيها واقبل عليها يقبل راسها قائلا بخوت:والله يا ماما دنيا بتحبنى مش زى ما انتى فاكره وبكره تعرفى كده لما تلاقينى سعيد معاها
أومأت براسها باستسلام وهى تقول:خلاص يابنى اللى يريحك
قبل يدها وهو يقول برجاء:مفيش حاج هتنفع من غير رضاكى يا ماما
حاولت ان تبتسم لكنها فشلت وقالت :انا عمرى ما غضبت عليك وانت عارف كده وانا مش عاوزه غير سعادتك يابنى وربنا يوفقك فى حياتك ويخلف ظنى يارب
ضم راسها فى صدره برفق وطبع قبلة عليه وهو يدعو لها بطول العمر ووافر الصحه والعافيه

***- ***- ***- ***- ** ***- *

فى اليوم التالى طرقت دنيا باب غرفة والدها دخلت وأنتظرته حتى ينهى صلاة العصر وما أن أنتهى من صلاته حتى ابتسم لها وهو ينهض ..أقتربت منه قبلت كتفه وقالت حرماً يا بابا
ضحك بوقار وقال يابنتى أسمها تقبل الله هقولك كام مره....ضحكت وهى تقول:ماشى يا حاج تقبل الله...
قال وهو ينظر إليها بأبتسامه حانيه :والدتك قالتلى على حكاية العريس دى هو محامى ولا وكيل نيابه ولا ايه بالظبط
قاطعهم دخول والدتها التى قالت:يلا الغدا جاهز تعالوا كملوا كلامكوا واحنا بنتغدى

ألتفوا حول مائدة الغذاء حيث قال والدها: ها أحكيلى بقى
وضعت دنيا الملعقه وهى تقول:هو بيشتغل فى مكتب الاستاذ حمدى مهران من قبل ما نتخرج وان شاء الله سنه ويبقى وكيل نيابه
أومأ برأسه وهو يقول:ممتاز ..يعنى شاب مكافح
قالت بحماس :ايوا يا بابا وعنده اصرار يبقى حاجه كبيرة

قاطعتهم والدتها وهى توجه حديثها لزوجها:بقولك ايه يا سمير أحنا معندناش غيرها يعنى مش هنرميها كده وخلاص...عاوزاك تشد عليه شويه لما يقابلك وتطلب براحتك أحنا بنتنا حلوه وألف مين يتمناها
ألتفت سمير لزوجته وقال:الموضوع مش موضوع حلاوة يا ام دنيا انا بدور لبنتى على راجل يشيل مسؤليتها وابقى مطمن عليها معاه ولو الولد جد ومكافح وأخلاقه كويسه زى ما سمعت يبقى الطلبات دى تيجى بعدين وعلى مهله
قالت بغضب:يعنى ايه الكلام ده انت ناوى تتساهل معاه ولا ايه

تدخلت دنيا وقالت بسرعه :يا ماما مش أحنا أتفقنا هتبقى خطوبه بس كده لما نشوف هنعمل ايه
نظر اليها والدها بتساؤل:يعنى ايه الكلام ده يعنى ايه خطوبه بس كده
ارتبكت دنيا وقالت:قصدى يعنى يا بابا هنعمل خطوبه لحد ما يكون نفسه يعنى مش أكتر
هزر راسه وقال وهو يكمل طعامه:خلاص خليه يجى بكره بعد العصر ان شاء الله
تدخلت والدتها مرة أخرى وقالت بحده:مفيش كلام فى كتب كتاب يا سمير ...خطوبه بس فاهمنى
التفت الى دنيا ينظر إلى ردود افعالها تجاه كلام والدتها فوجد علامات الاتياح على وجهها فعلم أنها موافقه على تسمع فهز رأسه وقال:اللى فى الخير يقدمه ربنا

بعد الغذاء هاتفته وابلغته بمعاد مقابلة والدها تلقى منها الخبر بسعاده كبيره وهو يشعر بمشاعر مختلفه بين القلق والسعاده..قلق من مقابلة والدها وسعاده بأقتراب تحقيق حلم قلبه الذى طالما أنتظره طويلا...نعم كانت مشاعر السعاده ناقصه نظراً للحزن الذى يراه فى عينين والدته منذ أن أبلغها بمعاد تلك المقابله ولكنه كان يمتلىء بالامل فى أن يسود بينهما جو من الالفه والحب بعد أتمام الخطبه
رفضت والدته الذهاب معه ولكنه أصر بشدة أن تصحبه فى هذه الزياره وقد كان

***- ***- ***- ***- ** ***- *

توقفت والدته تحت البنايه التى تسكن بها دنيا ووقفت تنظر حولها وتقول :تصدق انا كنت فاكره أن فى فرق كبير بينكم ...طريقة كلامها لما شوفتها أول مره خلتنى افتكر أنهم ياما هنا وياماهناك لكن طلعوا أهو ناس عاديه الفرق مش كبير يعنى ولا حاجه
أبتسم فارس وهو يحثها على دخو البنايه وقال :شوفتى بقى علشان تعرفى انها مش هتتكبر عليا زى ما كنتى فاكره يا ست الكل

كان أستقبال والدة دنيا لهما بارداً جدا شعرت به والدته منذ اللحظة الاولى التى وطأت بها باب بيتهم
أقبل عليهم والدها فى ترحاب شديد وبعد لحظات من الحديث مع فارس ووالدته شعر بالارتياح تجاهه وبمدى أحترامه لوالدته وتوقيره لها وهنا اقبلت دنيا بكامل زينتها ورحبت بهما وشعرت والدته ببعض البرود ايضا تجاهها وقد كان متبادل بينهما بمعنى أصح

تشجع فارس كثيرا عند حديثه مع والدها وهو يرى علامات الارتياح على وجهه وبكلماته المشجعه الداعمة له فقال:عاوزين يا عمى بعد اذنك نحدد معاد الخطوبه ان شاء الله
أبتسم والدها وهو يقول:أدينى بس يومين تلاته كده اسأل عليك وانا هكلمك بنفسى أحدد معاك المعاد ان شاء الله
تدخلت والدتها قائله:بمناسبه الخطوبه ..عندك استعداد تجيب شبكه بكام
تدخل سمير قائلا:مش وقته الكلام ده دلوقتى لسه فى قاعده تانيه وبعدين الشبكه دى هدية العريس لعروسته
نظرت له زوجته بحده تتوعده بنظراتها وقالت بعصبيه :أزاى يعنى لازم نحدد من دلوقتى ولا نيجى نلاقى الحكايه كلها دبلتين وخلاص
شعر فارس بالحرج من الحوار الدائر بينهم وقال :ان شاء الله مش هنختلف على حاجه اللى دنيا تطلبه فى حدود أمكانياتى مش هتأخر بيه
كادت والدتها ان تهتف بعصبيه مرة أخرى ولكن دنيا كانت تجلس بجوارها فضغطت على يدها وهى تظهر السعاده على وجهها وقالت بسرعه :مش مهم تمن الشبكه المهم معناها والتفتت الى والدتها وقالت وهى تضغط على يدها مرة أخرى :مش كده يا ماما
زفرت والدتها وقالت وهى تنهض أنا هقوم أجيب الشاى أحسن

أنتهى اللقاء بتحديد موعد بعد ثلاثه ايام ينهى فيهم والدها سؤاله عن فارس ويعلمه بالنتيجه...كان فارس يشعر بالاطمئنان من لقاءه بوالد دنيا فلقد رآه رجل حكيم ويعرف كيف يحكم على الرجال ولكن والدته قالت وهى تدلف من باب منزلهم وتغلق الباب بعصبيه خلفها :سبحان الله البت طالعه لامها نسخه طبق الاصل صحيح على رأى المثل أكفى القدره على فمها تطلع البت لامها

ضحك فارس قائلا:مرحباً بيكى يا ست أم فارس فى عالم الحموات
ضربته على كتفه وقالت:انا حمى يا فارس ..تبقى انت لسه متعرفنيش
ضحك وهو يقبل يدها:عارفك والله يا ست الكل بس معلش أستحملى أمها شويه ولما دنيا تبقى فى بيتى هتاخد على طبعنا ومع العشره هتحبيها بأذن الله
شعرت والدته بالضيق التى تشعر به دائما كلما ذكرها بأن دنيا ستعيش معها فى مكان واحد فى يوم من الايام....

***- ***- ***- ***- ** ***- **

مر يومان وهاتفه والدها كما وعده وأخبره بأنه ينتظره لمقابلة أخرى للأتفاق على ميعاد الخطبه وبقية التفاصيل
لم تكن المقابله باقل توتر من المقابلة السابقه .........بل على العكس زادت عن المرة الاولى لما فيها من تفاصيل ماديه .........ولقد كان فارس يتوقع ذلك
لذلك لم يأخذ معه والدته حتى لا تسمع كلمة تحرجها أو تشعر معها بقلة الحيلة ولقد كان محقاً فلقد أستشاطت والدتها غضباً عندما علمت المبلغ الذى حدده فارس للذهب المطلوب للشبكه
وكادت أن ترفض الارتباط من قبل ان يبدأ لولا محاولات والد دنيا التى هدأتها قليلا .......ولكنها لم تنتهى عن عباراتها المؤلمه حتى نهض فارس واقفاً بحزم وهو يقول:ده اللى عندى ودنيا عارفه كده كويس

تدخلت دنيا لحسم الامر بشكل نهائى وقالت بلهجه قاطعه:وأنا موافقه يا ماما وزى ما قلت قبل كده الشبكه بمعناها مش بتمنها
وتم تحديد موعد نهائى للخطبة بشكل رسمى بعد أسبوع وأنتهت معركة الذهب وهو يحمد ربه على عدم حضور والدته مثل هذا المزاد الرباعى وما قيل فيه من ألفاظ جارحه

عاد ليخبر والدته بالموعد النهائى الذى تم الاتفاق عليه......... لم تكن تعلم هل تشعر بالسعاده لخطبة ولدها أم تشعر بالاسى لاجله فقلبها ينبأها بفشل هذه الزيجه من قبل أن تبدأ ...قامت توضأت وصلت ..سجدت لربها وهى تدعو بحراره قائله :يارب لو فيها خير يسرله أمره ولو غير كده ابعدها عنه ومتسكرش قلبه ياااااارب



إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#9

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم


...

كانت عزة تعد الطعام فى المطبخ بصحبة عبير أختها وهما يتضاحكان ويمزحان حين دخلت والدتهما وقالت:أعملوا شاى يا بنات لخالتكوا أم فارس
قالت عزة بهمه :هعملوا أنا يا ماما حاضر ..ثوانى بس

ضحكت عبير وهى تقول :اه طبعا هتعمليه جرى النشاط حل عليكى دلوقتى
نظرت لها عزة بحده وارتباك وهى تضع براد المياه على الشعله ...أقتربت والدتها منهما وهى تقول بتردد
:فارس هيخطب يوم الخميس اللى جاى....أرتعشت يدها وسقطت المياه على الشعله فأطفأتها

على الفور أقتربت منها أختها بلهفه وهى تنظر ليدها وتقول:الحمد لله الميه كانت بارده لسه

زاغت نظرات عزة وهى تشعر ان المياه كانت ساخنه .....لا انها فعلا كانت شديده السخونه ولكنها لم تسقط على يدها وأنما سقطت على قلبها ......نعم ستحرقها بحرارتها المرتفعه ولكنها فى النهايه ستطفىء النبته التى كانت تنبت بداخله من مشاعر يتيمه من طرف واحد......

قاومت دمعة كانت ستقفز من عينيها وقالت بأنفاس متقطعه
:معلش يا ماما هعمل غيرها حالا ...أخذت عبير براد المياه من يدها وقالت بشفقه
:أستنى يا عزة انا هعمل الشاى

جاهدت عزة لترسم ابتسامه مصطنعه وهى تقول
:أنا نسيت اصلى العصر هروح اصلى واجي بسرعه
توجهت الى الحمام ..دخلت بسرعه وأغلقت الباب خلفها توضأت فأختلطت الدموع بماء الوضوء....... خرجت وتوجهت لغرفتها ...وبدأت فى الصلاة..وقفت وركعت وسجدت بغير هدى ........لم تنتظرها العبارات للسماح لها بالقفز على وجنتيها بل أنسابت بأنهمار وبهدوء لا يشعر بها أحد ولا يستطيع ان توقفها اى كلمات عزاء او مواساة

نعم كانت تعلم أنها ستسمع هذا الخبر يوما ما ان آجلا او عاجلا....... ولكنها كانت تمنى نفسها بأنه لن يحدث بل كان الامل لديها يزداد كلما تذكرت شخصية دنيا المختلفه تماما عن فارس ........لماذا تمنيت ونسجت خيوط الامل حول أمنيه بعيده لا يراها سواى ...ألقى قلبى فى بحر الاحلام فاستيقظ لاجد نفسى وقد غرقت قدماى فى لجة مظلمه لا أكاد أن أرى يداى من شدة ظلمتها .......أصرخ فلا يسمعنى أحد
أستغيث ولا مغيث لى الا الله وحده

...امن الممكن ان يكون عقابا من الله ؟!.....نعم ولم لا ...لقد ملك علي قلبى أكثر مما يجب ...كنت أنتظره وأنسى صلاتى وأخرها لاجله...أحرص على رضاه ولا احرص على رضى خالقى....أبيت الليل فى سهود أحترق بحبه ولا أقوى على القيام لربى ركعتين فى جوف الليل...

أعتمدت على الاسباب ونسيت مسبب الاسباب....نعم والله كان حقا على الله يعذب قلبى بمن شغله عنه....... نعم انا فى الظاهر فتاة صالحه اقوم بفرائضى ولكن وقود قلبى ليس حب الله وطاعته وأنما هو الهوى وحظ نفسى والدنيا

فكنت أشقى بشقاؤه وأفرح لسعادته .......لذلك شقيت به وسأظل أشقى ان لم أفيق الى نفسى سريعا وأنظر لماذا خلقت.......قفزت المزيد من العبارات على وجنتيها ولكن هذه المره كانت دموع من نوع آخر لها مذاق آخر...مذاق محبب

***- ***- ***- ***- ** ***-
وقف فارس أمام المرآه يتأنق ويتألق فى حلته السوداء وهو لا يصدق نفسه ....أخيرا سيرى دنيا بعد ساعه أو يزيد ويزين أصبعها بخاتم الخطبه لتكون له وحده.......... ارتسمت ابتسامه لا اردايه على شفتيه فى سعاده وهو يربط ربطة عنقه بدقه وأناقه ثم ينظر نظرة أخيرة فى رضا تام عن مظهره

ألتفت ليجد والدته تقف على باب غرفته مبتسمه فى حنان وهى تقول:ماشاء الله زى القمر ...ياما كان نفسى أشوف اليوم ده من زمان وبدموع الامهات الحاضره دائما أختلطت أبتسامتها بدموع الفرح

توجه فارس اليها مسرعها ووقال بلهفه:ايه ده يا أمى هو انتى تزعلى تعيطى تفرحى تعيطى....... وضم راسها وهو يقبله فى حب قائلا:ربنا يخليكى ليا يا ست الكل
أبعدها عنه برفق وهو يقول ببهجه:الواد عمرو جه ولا لسه

أنتبهت فجأه وكأنها قد نسيته فى خضم مشاعرها المختلطه والمتلاطمه وقالت:صحيح والله ده انا نسيته....ده بره مستنيك
خرج فارس ليجد عمرو جالسا امام التلفاز يقلب قنواته واضعاً ساقاً فوق الاخرى فهتف به وهو يضربه على كتفه
:ايه يابنى انت قاعد على القهوة يلا أتأخرنا....قاطعته والدته وهى تقول :هنروح احنا التلاته بس يا فارس

التفت لها قائلا:يا ماما دى خطوبه على الضيق كده يدوب اهلى واهلها بس مفيش حد..يلا بينا يا جماعه هنتأخر كده
ضحك عمرو وهو ينظر لوالدة فارس:مستعجل اوى على ايه بكره تندم يا جميل
ضربه فارس على كتفه وقال:طب بكره نتفرج عليك يوم خطوبتك يا أمور
ثم تابع بمكر :اه صحيح ساعتها مش هتبقى مستعجل ده البيت لزق فى البيت
ضحكت أم فارس بينما لكزة عمرو فى يده وهو يقول :خفيف اوى ياخويا

وما أن فتح الباب وكأنه قد فتح شلال ضرب وجوههم فجأه ...أندفعت مهره تجاههم تدفعهم تاره وتختبأ خلف فارس تارة أخرى وتتعلق بقدمه حتى كاد ان يسقط ........وهى تصيح ماليش دعوه هاجى معاكوا الفرح ..ووالدتها تجرى خلفها مسرعه وهى ممسكه بعصا صغيره وتهتف بها بغضب
:يابت تعالى هنا بقولك والله هتنضربى يا مهره لو ابوكى عرف بعمايلك دى هيكسر عضمك

وضع فارس يديه بين مهره ووالدتها وهو يقول :فى ايه بس ايه الحكايه
قالت الام بأحراج شديد :والله أسفين يا أستاذ فارس البت دى مش عارفه مالها كده مجننانى من يومها معلش متزعلش انا هقول لابوها
......ماشى يا مهره والله لقوله على اللى بتعمليه ده

صرخت مهره من خلف فارس :انا معملتش حاجه انا عاوزه اروح الفرح بس

تدخلت والدة فارس قائله بحنان:خلاص علشان خاطرى يا ام يحيى متضربيهاش ..أقولك خليها تيجى معانا مفيهاش حاجه
أم يحيى:ازاى بس يا ست أم فارس هو أنتوا خلفتوها ونسيتوها

قاطعها فارس بعتاب:لاء كده أزعل منك أوى يا أم يحيى أنتى عارفه ان مهره أختى الصغيرة ..طب ايه رايك بقى هاخدها معايا
أم يحيى:مينفعش يا استاذ فارس مش شايف منظرها

ألتفت عمرو وفارس ووالدته ليروها بوضوح لاول مره منذ دخولها عليهم كالعاصفه :هى كما هى بشعرها الاشعث دائما وغرتها المبعثرة على جبينها بغير هدى ولكن زاد عليها شىء واحد جعلهم يضحكون بغير توقف ...كانت تضع أحمر شفاه على شفاهها بطريقه مضحكه جعلها مثل مهرجين السيرك

وقفت تضع يديها فى خصرها وتقول بحنق:بتضحكوا على ايه
قال عمرو وهو مازال يضحك:ايه اللى انتى حاطاه على بؤك ده

تلمست مهره أحمر الشفاه بزهو وهى تقول بثقه كبيرة فى مظهرها:ده روش أنت متعرفش المكياش ولا ايه

ضحك الجميع وهم ينظرون الى بعضهم البعض وقال فارس لعمرو :كسفتنا يا جاهل فى حد ميعرفش المكياش
هجمت والدتها عليها وأخذت بشعرها وجذبتها منه وهى تقول :والله ما هسيبك يا مهره لازم تنضربى النهارده

أبعدتها أم فارس عنها وخلصت شعر مهره من بين يدى والدتها وقالت بحسم:والله لتسبيها انا حلفت بالله...وايه رايك بقى هتيجى معانا...يالا خديها ولبسيها حاجه كويسه وسرحيلها شعرها

هتفت مهره بسعاده وهى تحتضن أرجل أم فارس...... حاولت والدتها الاعتراض ولكن أم فارس حسمت الامر وأغلظت الايمان عليها فأضطرت بالقبول
خرجت أم يحيى بصحبة مهره لتبدل لها ملابسها

نظرعمرو الى فارس مداعبا وقال:كنت مستعجل أديك هتقعدلك نص ساعه على الاقل
ثم اردف قائلا:بقولك ايه احنا ممكن نهرب من مهره ولا دى محدش بيعرف يروح منها فين
ضحكت أم فارس وقالت:طب والله البنت دى زى العسل محدش يعرفها أدى انا هدخل اعملكوا شاى لحد ما تنزل ان شاء الله مش هتتأخر

جلس فارس أمام التلفاز وهو يقول :وأدى قاعده ..منك لله يا مهره هتبقى السبب فى طلاقى فى يوم من الايام
ضحك عمرو وهو يقلب قنوات التلفاز فقال له فارس هامساً:مش ناوى بقى تتقدم انت كمان ولا ايه يا عم المهندس أنت
جلس عمرو وظهرت علامات الشرود على وجهه قائلا:مش عارف يا فارس والله

فارس :ليه يا عمرو ثم اشار له قائلا:أوعى تقولى انى فهمت غلط
أشاح عمرو بوجهه وقال :لا مش غلط بس اولا لسه فاضلى سنه فى الكليه ثانيا مش متأكد منها خايف ترفضنى
ربت فارس على كتفه وقال بابتسامه :خلاص كلها سنه وتتخرج وهتبقى مهندس قد الدنيا...... وبعدين احنا جيران ومحدش يعرف عنك غير كل طيب هترفضك ليه بقى

زفر عمرو بضيق وهو يقول:مش عارف يا فارس قلقان بس مش أكتر
هتف فارس مداعباً:أنت هتعملى فيها بقى عندك دم وبتحب وكده

قفز عمرو من مكانه ووضع يده على فم فارس ليسكته قائلا:اسكت يابنى انت ..انت ايه عاوز تسيحلى وخلاص

خرجت أم فارس من المطبخ تحمل أكواب الشاى فتصنع عمرو انه يهندم ملابس فارس قائلا:لالا مظبوط متقلقش

بعد نصف ساعه كانت مهره تطرق باب الشقه بقوة وأزعاج أنتفض فارس ليفتح الباب وهو يقول:ايه يا بنتى ده ده انتى خبطتك ولا خبطت المخبر
نظرت أم فارس لها بأعجاب وهى تقول :ماشاء الله ايه الفستان الحلو ده وايه الشعر الحلو ده

دارت مهره حول نفسها بأعجاب ليدور معها ذيل فستانها الوردى الرقيق وهى تقول
:ده فستان العيد يا طنط واشارت الى حذائها بشغف وهى تقول:ودى جزمة العيد
قاطعها عمرو مداعبا :وطبعا ده شعر العيد مش كده

ضحك فارس ووالدته التى قالت :أخيرا شفتك مسرحه شعرك يا مهره ..
هتفت مهره بصياح:يلا بينا بقى أتأخرنا على الفرح
ثنى فارس ركبتيه بمرح وهو يمد يده اليها قائلا بصوت طفولى:يلا بينا يا عروستى
ضحكت بسعاده وهى تضع يدها فى يده بيد وتمسك بطرف فستانها باليد الاخرى وتقول:يلا يا عريسى


بالفعل كانت حفلة الخطبة صغيرة وبسيطه وكأنها مقابله عادية باستثناء الاغانى والموسيقى المرتفعه فى البيت وبعض باقات الورود فى أركان المنزل ودنيا بفستانها الذهبى وزينتها الكامله مما جعل فارس يشعر بالحرج بسبب وجود عمرو ورؤيته لها بهذا الشكل .......

كان فارس يجلس فى المنتصف بين والد دنيا ومهره وكان يلتفت الى والد دنيا ويتحدث معه بأهتمام بينما نهضت دنيا وجلست بجوار مهره وقالت بابتسامه صفراء :قومى يا حبيبتى اقعدى جنب ماما
رفعت مهره راسها ونظرت لدنيا وهزت راسها نفياً ولم ترد .......حاولت دنيا كتم غيظها وهى تعيد أمرها مره أخرى
:بقولك قومى يا شاطره اقعدى فى اى حته تانيه

هذه المره لم تنظر لها مهره من الاصل وقالت ببرود:مسميش شاطره ومش قايمه
شعرت دنيا بالدماء تغلى فى راسها وصاحت بعصبيه:بقولك قومى

ألتفت فارس على صوت دنيا وقال بتساؤل:فى ايه يا دنيا
قالت بعصبيه البنت دى بتعند معايا ومبتسمعش الكلام انا كنت فاكراها مؤدبه زى ما كنت بتقول عنها
صاحت مهره بصوت يشبه البكاء :انا مؤدبه والشتيمه حرام واللى بيشتم الكلمه بتلف تلف وترجعله
والتفتت ل فارس وهتفت به :مش انت قولتلى كده يا فارس

لف فارس ذراعه حول كتف مهره وهو يقول:ايوا يا حبيبتى صح بس وطى صوتك شويه ممكن؟
صاحت دنيا :أنت بتنصرها عليا يا فارس وكمان بتستأذنها

نظرت أم دنيا لمهره بحده وقالت بغضب:أسمعى الكلام يا بنت
فركت مهره عينيها وهى تصيح :كده حرام ماما قالتلى عيب نشخط فى الضيوف

نهضت أم فارس وأخذت بيد مهره وهى تقول لدنيا:معلش يا دنيا هى متقصدش ونظرت لمهره وهى تجذبها اليها قائله
:تعالى يا مهره اقعدى جنبى يا حبيبتى
تشبثت مهره بذراع فارس وقالت ببكاء :عاوزه اقعد جنب فارس

نهض والد دنيا ليحل المشكلة ويفض النزاع وأخذ بيد ابنته قائلا:تعالى اقعدى مكانى يا دنيا.... تعالى
جلست دنيا بجوار فارس على الجهة الاخرى وهى ترمق مهره بنظارت ناريه

نهض عمرو وجلس بجوار مهره وأنحنى على اذنها قائلا:تيجى نتفرج من البلكونه شويه
حركت كتفيها برفض وهى تمد شفتاها بغضب وهى تتشبث بذراع فارس أكثر ...ظلت على هذا الوضع فترة من الوقت ومن الحين للآخر يربط فارس على شعرها أو يدها ليبعث الطمأنينه فى نفسها..حتى وضعت راسها على ذراعه المتشبثة بها وأغمضت عينيها نامت ببراءة ...مما جعل دنيا تستشيط غضبا من الصغيره وشعرت انها أنتصرت عليها

أقبلت هيام صديقة دنيا وجلست بجوار عمرو بخجل وبحثت عن كلمات تستطيع بها ان تتحدث اليه وتجذب أنتباهه ولم تجد افضل من مهره للحديث عنها فقالت:هى البنوته دى أختك ولا اخت فارس

ألتفت عمرو اليها وقد تفاجأ بحديثها اليه وقال بابتسامه صغيره :لا دى جارتنا بس متعلقه بينا اوى ......يعنى زى اختنا الصغيره كده
أومأت برأسها باهتمام وأسترسلت فى الحديث قائله:واضح أنكم أصحاب اوى انت وفارس
قال باقتضاب محاولا أنهاء الحديث:اه فعلا

صمتت لبرهه ثم قالت:غريبه
شعر بالفضول والتفت اليها مرة اخرى قائلا:هو ايه اللى غريب
ابتسمت وقد لفتت انتباهه مرة أخرى وقالت:قصدى يعنى غرييه انكوا اصحاب وجيران وانت تدخل هندسه وهو يدخل حقوق
أبتسم قائلا:اه .....بس مفيهاش حاجه غريبه يعنى كل واحد ليه اهتمامات غير التانى.... عادى
قالت بتلقائيه:معاك حق ماهو انا ودنيا اصحاب ورغم كده هى دخلت حقوق وانا دخلت أداب
بس هى بقت لقت نصها التانى لكن انا لسه

ابتسم بمجامله ولم يرد وكان قد استشعر سخافة الحوار فوجدها تقول متسائله
:أومال مجبتش خطيبتك معاك ليه
ابتسم ساخراً فى نفسه فالعبارة مباشرة جدا بعكس ما كانت تتصور هى وقال:لا انا مش خاطب
ثم أستدرك قائلا:انا لسه بدرس وبعد التخرج لسه هشتغل واكون نفسى ومبفكرش فى الحكايه دى دلوقتى خااااااااالص
لسه قدامى كتير اوى عليها........

شعرت بالاحباط من كلماته وهذا ما كان يريده تماما .......ولكنها لم تستطع ان تقاوم جاذبيته وخفة ظله التى أعطت للحفل جو مرح ومبهج ظلت جالسه بجواره ....حاولت ان تقاوم هذا الشعور فكلماته واضحه وضوح الشمس ولكنها لم تستطع

***- ***- ***- ***- ** ***- ***- *


فى اليوم التالى حدث أول تنازل منه ووافق على طلب دنيا التى هاتفته وطلبت منه التنزه سويا قليلا ...
رفض فى البدايه ولكنه لم يستطع مقاومة ألحاحها المتكرر وحزنها الذى ظهر فى كلماتها وهى تتهمه بالتقصير تجاهها وعدم سعادته بارتباطهما أخيراً

التقى بها فى أحدى المتنزهات التى أعتادا اللقاء فيها وجلسا على المقعد المعتاد لهما أمام النيل مباشرة ألتفتت اليه وهى مبتسمه وقالت برقه:متقدرش تتصور وحشتنى ازاى من امبارح للنهارده

أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات الشيخ بلال أنها مازالت غريبة عنه فالخطوبه ليست الا وعد بالزواج فقط لا يحل له شيئا منها .....
حاول السيطره على مشاعره فهو يعلم ان هذا لا يجوز حاليا وقال
:منا علشان كده يا دنيا كنت عاوز أكتب الكتاب علشان اعرف اعبرلك عن مشاعرى براحتى

نظرت اليه بجرأه وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقه وهى تتلمس ذراعه بأطراف اصابعها :يعنى انا موحشتكش
أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده

غلبه شيطانه وهواه وحظ نفسه من متعها وهو يستمع لكلماتها الرقيقه التى تلقيها بدلال
:زمان يا فارس لما كنت بتمسك ايدى كنت بحس انى ملكة الدنيا وما فيها ...ياه لمستك وحشتنى اوى

قالت عبارتها الاخيره بطريقه لم يتحملها أنهارت معها مقاومته كما تنهار أبواب السدود لتغمر الارض العطشه بالمياه وأنساه الشيطان كل ما كان يحذره منه صديقه بلال لقد كان محقاً.......
..لقد وضع نفسه موضع فتنه كبيرة وهو بشرى وغير ملتزم بطريقه صحيحه فكانت النتيجه الحتميه هى التنازل واتباع الشهوات
أمسك كفيها ببطء وهو ينظر لعينيها وتعانقت اصابعهما بعضها ببعض ورفع كفها لشفتيه وقبل كفها قبله طويله أذابت ما بقى بداخله من مقاومه



ومــــــر عـــــــــــــــــام



إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#10

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5
#11

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريحه
رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية
رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية


إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#12

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل السادس

رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية




ومر عام يحمل فى طياته الكثير ...تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم.. كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره ...هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر
على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تسعد الا وتحزن ..يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياة....ولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده.. تعلو وجهها ابتسامه.. ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيه...وقد تكون ساخره


مارس ابطالنا حياتهم كما هى بين العمل نهارا وليلا ولقاءا يوم العطله لا يخلو من التجاوزات والمحرمات مع بعض السعاده احيانا والكآبه وتأنيب الضمير أحيانا أخرى... وقرار عدم العوده ثم العوده بلا أدنى مقاومة.

أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقاً بل كان جبلاً يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح ..أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالباً ولكن يشوبه بعض الامل

وبعد ظهر أحد الايام عاد فارس الى بيته ليجد الباب مفتوحاً وسمع من الخارج صوت جارتهم أم يحيى وهى تطلق الزغاريد قرع الجرس ودخل على أثره ليجد مهره فى استقباله هاتفتةً بسعاده وهى تسرع إليه مقبلة عليه :أنا نجحت يا فارس نجحت وجبت درجات كبيييره أوى اوى وهروح أولى أعدادى
لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عهدها به فى هذه المناسبات ...ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول:
-الف مبروك يا مهره الحمد لله انها خلصت على خير
توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت :
-مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه
ثم قالت بتردد:
-هى نتيجة التعيين طلعت؟!
أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد:
-متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ....ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أستعاد روحه السابقة معها قائلا:
-ها يا ستى عاوزه هدية ايه
أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن:
-مش عاوزه حاجه ....أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله:
-طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أم فارس قائله بحرج:
-عن أذنك يا ست ام فارس

خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكن والدته استوقفته قائله:
-أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها
أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال:
-يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح
أم فارس:مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه
أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول:
-معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله
دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها:
-لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان

أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقرأبدا ...والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما ...لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه
يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماء....لا يريد التفكير فيما بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا
فى المساء وهو يغادر لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا:
-حاضر يا ماما هصالحها ان شاء الله

ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور
أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجستر ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه

مر شهرين آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحه..حتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءاً......

طرق الباب ودخل بعد الاستئذان نظر الى الدكتور حمدى نظرة متفحصة وهو يقول ببطء:
-فى حاجه يا دكتور
نهض الدكتور حمدى ووقف قبالته وتنحنح قائلا:
-نتيجه النيابه طلعت يا فارس
ظهرت الدهشه على وجهه وقال بسرعه :
-ظهرت؟! أزاى دى المفروض بكره
قال الاستاذ حمدى بجديه :انا عرفتها النهارده الصبح بس قلت قت لما اشوفك بالليل ابقى ابلغك
خفق قلب فارس وزادت نبضاته بقوة وشعر بألم فى جميع أجزاء جسده ومرت الثوانى عليه ساعات
وهو ينظر فى عينيى الدكتور حمدى اللتان كانتا خاليتان من اى علامات البشرى وهو يقول:

-كل شىء نصيب يا فارس وان شاء الله تلاقى نفسك فحاجه تانيه
أصابه التبلد وعدم التصديق للحظات وهو يكرر:ايوا يعنى قبلونى ولا لاء
ربت الاستاذ حمدى على كتفه مشجعاً داعماً له وهو يقول:
-أنت أنجزت الدبلومه بسهوله وهتكمل الماجيستير ان شاء الله وبعديها الدكتوراه ومش هتحتاج النيابه دى خالص...انت ليك مستقبل كبير فى المحاماه وانا اصلا كنت مستخسرك فى حكاية النيابه دى ..

هوى فارس الى اقرب مقعد وهو يشعر انه يهوى من فوق سبع سموات وكأن روحه فارقت جسده وكأنه فى حلم جميل واستيقظ على واقعه المرير.... زاغت عيناه بدون هدى وهو يتصور انه هتف داخله ولكنه هتافه قد اصاب شفتاه وهو يقول:
-طب ليه...ليه ..انا جايب التقديرات المطلوبه وجاوبت كل الاسئله اللى اتسألتها فى المقابلات من غير ولا غلطه..يبقى ليه طيب ليه
جلس الاستاذ حمدى بجواره وهو يشعر بالاسى لاجله وقال بشفقه:

-يابنى انت مش عايش فى البلد دى ولا ايه...بصراحه يا فارس انا من الاول وانا متأكد من النتيجه حتى من غير ما تدخل الامتحانات...مفيش حد بيتعين فى المهنه دى الا اذا كان ليه واسطه جامده
يا اما عم او خال او قريب وكيل نيابه ...وكمان مش اى وكيل نيابه ده لازم يبقى وكيل نيابه مرضى عنه يابنى
ألتفت اليه فارس بحده قائلا:مرضى عنه من مين

نظر اليه الاستاذ حمدى قائلا:يعنى مش عارف لازم يكون مرضى عليه من مين يا فارس...اللى هيصدق على قرار تعينك طبعا....وأستدرك قائلا:وانا يابنى لو كان مرضى عنى كنت اتوسطلك بس انت عارف انى طول عمر راجل دوغرى ومش تبع حد وهما عاوزين حد تباعهم ..علشان كده كانت وسطتى هتضرك مش هتنفعك
وضع فارس وجهه بين كفيه وهو غير مصدق ما يسمع ..ها قد أنهارت أحلامه على صخرة الفساد المتفشى فى المجتمع والذى توارثناه جيلاً بعد جيل حتى اصبح شىء طبيعى جدا فالعين عندما تعتاد على القبح لم تعد تراه قبيحا بل لو رأت جمالاً بعده نفرت منه وأستنكرته وقبحته
بدون ارادة منه وجدت العبرات طريقها لعينيه أخيراً فزفر زفرة ساخنة يائسه وقال بصوت متحشرج:
-ليه يا دكتور مفهمتنيش كده من زمان

قال الاستاذ حمدى وهو يتطلع للفراغ بحزن:
-كان عندى أمل يابنى ,,كان عندى أمل مكنتش عاوز احبطك كنت فاكر ان ممكن حاجه تتغير لكن مع الاسف بالعكس ده الفساد بيزيد يوم عن يوم
ثم اردف قائلا:تعرف أن أتعمل عليك تحريات فى مكان سكنك..وكان من ضمن اسباب الرفض أنك ساكن فى مكان شعبى
توقفت الدموع دفعة واحده ونظر اليه مندهشاً قائلا باستنكار :
-طب وده يخليهم يرفضونى حتى لو كنت كفؤ

أبتسم الدكتور حمدى ابتسامه خلت من اى تعبير حتى من معنى السعاده وقال بتشاؤم:
-هو انت فاكر ان التعين بالكفاءه؟ ده انت غلبان اوى...وأستدرك قائلا:
-يلا يابنى قوم كده وأنسى كل حاجه وابدأ حياتك من جديد وايه حلم يضيع ووراه احلام تانيه كتير يمكن تكون افضل منه ..أنتبه لرسالة الماجيستير هتلاقى نفسك نسيت كل حاجه

نهض فارس واقفاً بوهن وقال بصوت بعيد:ممكن أخد باقى اليوم ده اجازه يا دكتور انا مش هعرف اركز فى شغل النهارده
أومأ الاستاذ حمدى وهو يربت على كتفه بعطف قائلا:
-طب خلاص روح أنت أرتاح ومتشلش هم

خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى واجماً يتحاشى النظر لزملاءه فى مكتبه وهو يجمع بعض أوراقه الخاصه وهم يتابعونه بنظراتهم المتسائله ....نهضت دنيا من خلف مكتبها وأتجهت اليه وعلامات التساؤل والفضول تشع من عينيها ..اقتربت منه متسائله:
-مالك يا فارس ايه اللى حصل جوى عند الدكتور
هز رأسه نفيا وهو يقول:مفيش حاجه يا دنيا ...
دنيا بأصرار:لاء..شكلك فى حاجه
زفر بضيق وقال بعصبية:بقولك مفيش..طوى أوراقه وهو يقول:لما ارتاح شويه هبقى اكلمك فى التليفون ..سلام

وقفت تنظر اليه بدهشه وأتجهت لتعود لمكتبها ولكن نورا لم تنتظر أكثر من هذا
تبعته للخارج ولحقت به عند المصعد وقبل أن يستقله قائله:أستنى يا أستاذ فارس
أستدار اليها بدهشة كبيرة ونظر اليها بصمت فقالت بسرعه:
-الدكتور قالك حاجه زعلتك

هز راسه نفيا لا يخلو من التعجب وقال:متشكر على سؤالك يا استاذه محصلش حاجه انا بخير الحمد لله...وكاد ان يفتح باب المصعد ولكنها استوقفته مرة أخرى قائلة:
-موضوع النيابه مش كده؟؟؟

كبرت دهشته ولكنها لم تغطى ألمه بعد ...فقال حانقاً وهو يغادر :عن أذنك
أخذ المصعد طريقه للهبوط وهو بداخله وظلت هى تتابعه ببصرها فى حيرة منه ومن أندفاعها هكذا وأخذت تلوم نفسها بشدة وهى مازالت واقفة فى مكانها فى شرود وصمت أخرجها منه صوت دنيا التى قالت بشك:
-هو فى ايه

ألتفتت نورا أليها بعدم انتباه ولكنها ما استعادت وعيها سريعاً وقالت بلامبالاة وهى تعود أدراجها الى المكتب مرة أخرى
-مفيش حاجه يا دنيا ..عن أذنك
تابعتها دنيا ببصرها وهى تضيق عينيها بارتياب وتنقل بصرها بين نورا والمصعد ولكنها سرعان ما نفضت عن عقلها تلك الافكار وعادت لعملها من جديد ولكنها لم تستطع ان تنفضها من قلبها

لم يشعر الى اين تأخذه قدميه ولكنه سار فى استسلام شديد لا يعلم كم قضى من ساعات ولكنه كان يمشى فقط فى اتجاه اللاشىء ..فقد الاحساس بالزمن وبمن يمر امامه وحوله وخلفه لا يسمع لشىء ولا يرى شىء
لم يرى الا نظرات والدته المكسورة وهى تستمع للخبر لم يسمع الا شهقات اصدقائه وجيرانه دهشةً ولوعةً عند معرفتهم بالخبر...ماذا سيقول لهم...هل يقول لقد رفضونى من أجل حياتى بينكم وحبكم لى وحبى لكم..ماذا سيقول لصورة والده المحتفظ بها فى غرفته تنتظر النتيجه بفارغ الصبر

هل يقول له عفواً والدى لقد رفضونى لانهم لا ينظرون للكفاءه هل يقول لقد رفضونى لانك يا والدى لست قاضياً أو ومستشاراً أو وكيل نيابه ..أو أنك ليس لك أخ أو قريب موالياً لهم يتوسط لى عندهم
وجد نفسه عائداً لمنزله كيف ومتى لا يعلم ولكن من الواضح ان قدميه قد حفظت الطريق عن ظهر قلب فأشفقت عليه وحملته الى بيته بدون توجيه منه

كان الوقت قد تعدى منتصف الليل فحمد الله أن الجميع نيام ولم يراه أحد وقرأ ما كتب على جبينه من شقاء
دخل غرفته فى خفوت ولم يجرؤ على النظر لصورة والده التى يحتفظ بها بجانبه خاف أن ينظر اليها فيرى العبارات تقفز منها لتبلل وجهه وتخنقه وتغص حلقه وتشقيه...فلقد شقى بما يكفى اليوم
ظل يتقلب فى سهاده طوال الليل حتى كاد ان يلفظه فراشه ويطرده بعيدا عنه ليظل خاليا للابد فذلك افضل له من هذا الحانق الغاضب الذى يرقد عليه دائما

بالكاد أستطاع أن ينام بعد أذان الفجر بل ويغط فى نوم عميق ...ولكن أحلامه وكوابيسه طاردته حتى فى النوم ولم تتركه ينعم به
أستيقظ فزعاً على صوت والدته التى كانت واقفه بجوار فراشه توقظه وتهتف به:
-قوم يا فارس قوم يابنى أتأخرت على شغلك الساعه بقت تسعه
تقلب على فراشه وقال دون أن يفتح عينيه :معنديش شغل النهارده يا ماما

جلست على طرف فراشه بدهشه ممزوجه بالقلق وهى تقول:
-من أمتى بقى انت بتاخد اجازات...انت مالك تعبان ولا ايه ؟
وضع الوسادة على وجهه وهو يقول:
-مجهد بس شويه ...سبينى اصحى براحتى لو سمحتى يا ماما

تركته والدته ..خرجت وأغلقت الباب خلفها ..توضأت وصلت الضحى ثم ابدلت ملابسها وذهبت للتسوق ..عادت وكانت تظن أنها ستجده قد استيقظ ولكنه وجدته مازال نائما كأنه يهرب من شىء ما فهى تعلمه جيدا...فهو لا ينام هكذا الا ليهرب من شىء يؤلمه ويؤلمه بشده
صلت الظهر ودخلت المطبخ لتعد طعام الغداء لم يكن عقلها فيما تعمل بل كان مصاحباً له فى رحلت هروبه وهى تتسائل ..ياترى ماذا حدث له جعله هكذا

وفجأه أستمعت لصوت زغاريد يأتى من خارج الشرفه ..أنهت ما تفعله بسرعه وتوجهت للشرفه لتنظر ماذا يحدث فى شارعهم البسيط....كانت والدة عمرو صديق فارس تطلق الزغاريد بين الحين والاخر وهو يقف وسط بعض الشباب والجيران يهنئونه ويباركون له النجاح والتخرج من كلية الهندسة

أبتسمت بأثر رجعى وهى تتذكر لحظة تخرج ولدها وكأن المشهد يعيد نفسه مرة اخرى
أستيقظت من شرودها على صوت قرع جرس الباب فى صخب نظرت الى الوضع الذى كان عمرو يقف فيه فلم تجده فايقنت أنه هو صاحب هذا الصخب توجهت الى الباب مسرعه وفتحته بسرعه وهى تقول بابتسامه:
-بالراحه يا عمرو.. فارس نايم

نظر لها عمرو بدهشه مصحوبه بابتسامه كبيرة ارتسمت على وجهه وهو يصيح:
-انا مالى ومال فارس انا جاى للرز باللبن اللى وعدتينى بيه يا بطه
قالت بسعاده وهى تفسح المجال له ليدخل وتشير باصبعها لعينيها:
-من عنيا يا حبيبى هيكون عندك النهارده أنت والشارع كله بأذن الله
ضحك بصخب كعادته وقال بمرح:بس انا اللى اوزع يا خالتى الله يخليكى..انتى عارفه انا خلاص بقيت مهندس رسمى وهقسم بالعدل ان شاء الله
أم فارس:لا يا عمرو انا متأكده انك لو انت اللى وزعت.. الناس كلها هيوصلها الاطباق نصها فاضى
قال بدهشه مصطنعه:نصها!!!.. طيبه اوى على فكره

فى هذه اللحظه خرج فارس من غرفته غير مستوعب لما يحدق وقال بضيق:
-ايه الدوشه دى...مين اللى ...ولكنه بتر عبارته وهو ينظر لصديقه عمرو والفرحه التى تعلو وجهه والابتسامه المرسومه على شفتيه فى سعاده بالغه فذهب ضيقه فى لحظه وقال بشك:
-نجحت ولا عامل دوشه على الفاضى
ضحك عمرو وهو يقترب منه قائلا: طبعا نجحت وأتخرجت علشان تبطل تقولى يا تلموذ
بادله فارس ضحكاته وهو يقول:برضه هتفضل تلموز مفيش فايده
نظر عمرو الى فارس نظرات متفحصه ورغم ضحكات فارس الا ان عمرو استطاع ان يخترق تلك الابتسامات الواهنه والضحكات المتستره ... أقترب منه وقال بهدوء:
-مالك يا فارس شكلك زى ما يكون فى حاجه مضايقاك

قاطعتهم والدته قائله :طب انا هروح أنقع الرز بتاعك يا بشمهندس علشان نلحق نوزعه بالليل
تركتهم والدته ودخلت المطبخ وعاد فارس أدراجه الى غرفته يتبعه عمرو سائلا بألحاح:ماهو هتقولى مالك يعنى هتقولى مالك قول بقى بالذوق أحسنلك

أبتسم فارس وهو ينظر لصديق عمره الذى لم يتغير ابدا مازال طفلا متشبثاً بما يريد دائما ولكنه استطاع ان يغير مجرى الحديث بسؤال مباغت:هتروح أمتى تخطب عزة
توتر عمرو وشحب وجهه وهو يقول:
-مش عارف يا فارس خايف ترفضنى .. متردد اوى فى الحكايه دى
وضع فارس يده على ساقه مشجعاً وقال:
-أسمع يا عمرو انت متعرفش هى رايها فيك ايه بلاش تقولى هترفضنى والكلام الفاضى ده...أنت خلاص أتخرجت وبقيت مهندس قد الدنيا وكلها شهر ولا حاجه وتبتدى شغلك ..وعزة ممكن يكون حد حاطط عينه عليها ويتقدملها قبلك وترجع تندم وتقول ياريتنى كنت خدت قرارى بدرى شويه
نظر له عمرو حائراً وقد شعر بكلمات فارس تغزو قلبه بشدة وتمزقه وهو يردد:
-حد تانى ياخدها مني..تفتكر يا فارس

أومأ فارس براسه وقال مؤكداً:ايوا طبعاً..وليه لاء ..بقولك ايه انا مش هسمحلك تأجل الحكايه دى أكتر من كده..بلغ والدتك وخليها تروح تجس النبض علشان البنت وأهلها يعرفوا أنك عاوزها
فرك عمرو جبهته بتوتر وهو يقول بأرتباك:
-خلاص هقولها وربنا يستر بقى..بس الشغل يا فارس هتقدم ازاى من غير ما أشتغل
فارس:يا سيدى ده هيبقى ربط كلام بس لحد ما ربنا ييسرلك شغلك وانا أصلا كنت مكلم الدكتور حمدى عليك علشان عارف ان أخته عندها مكتب ديكور وهو وعدنى وقالى اعتبر الحكايه تمت

أطلت نظرات الامل المختلطه بالقلق وهو يحاول طمأنة نفسه وهو يقول:هو أه انا مهندس مدنى مش ديكور بس ممكن الاقى شغل معاهم مش كده يا فارس
ابتسم فارس أبتسامه صغيره وهو يحاول رسم التفاؤل على شفتيه قائلا:
-أومال كليه ايه اللى أتخرجت منها دى ..تصدق اللى نجحك ظلمك يا أخى
ثم أدرف بحسم:خلاص أتفقنا هتمشى فى الموضوع؟؟
دب انشاط فى عمرو مرة أخرى وعاد اليه مرحه وتفائله ونهض هاتفاً بمرح :
-ربنا يخاليك ليا يا سبعى هههههه
خرجا من الغرفه يتضاحكان واقبلت عليهما والدته قائله بابتسامه :أنا قلت برضه محدش هيظبك غير عمرو

وقبل أن يجيب فارس سمع رنين الهاتف يقاطعه فى اصرارأخذ سماعة الهاتف ليجيب المتصل الذى كان يتوقع منه هو وقال:ألو
-ايوا يا فارس أنت فين
-أنا فى البيت يا دنيا
-ده أنت تعبان بجد بقى !

قال بتردد: لا أنا كويس بس ....نظر الى عمرو ثم الى والدته وركز بصره عليها وهو يخشى من ردة الفعل وقال:
-الدكتور حمدى بلغنى انهم رفضونى فى شغل النيابه
شهقت والدته وهى تضع يدها على صدرها وأتسعت عينيى عمرو وهو ينظر اليه مدهوشاً
وهتفت دنيا غير مصدقه:بتقول ايه يا فارس
قال مؤكداً وقد لمعت عيناه بالدموع وهو ينظر الى والدته التى بدا عليها عدم الاتزان وأستندت الى ساعد عمرو الواقف بجوارها :
-بقولك رفضوا يا دنيا رفضونى
هتفت دنيا صارخه :بتقول أييييه....وسقطت والدته مغشياً عليها






إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#13

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل السابع




رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية






"ها يا دكتور ماما عامله ايه"...

نطق فارس هذه العباره وهو يفرك يديه فى توتر بالغ و ينظر الى الطبيب بقلق
دَون الطبيب أسماء بعض الادويه فى ورقة من دفتره ثم فصلها وأعطاها لفارس قائلاً:
-متقلقش يا استاذ فارس والدتك كويسه الحمد لله ..الضغط بس علي عليها شويه..بس مفيش حاجه خطر الحمد لله
ألقى فارس نظرة على الورقة بيده وقال :
-اومال الادويه دى ليه يا دكتور

ابتسم الطبيب وهو يضع أدواته فى حقيبته الطبيه ويقول:دى أقراص بسيطه كده للضغط لازم تواظب عليها واللى مكتوب ورا الروشته ده تحليل عاوزك تعمله ضرورى وياريت النهارده
نظر الى اسم التحليل دون فهم وقال وهو يحاول استيعاب الامر:
-تحليل ايه ده
الطبيب :ده تحليل سكر فاطر وصايم

أنزعج فارس وقال بسرعه:سكر..هى عندها سكر
الطبيب:انا طلبت التحليل ده علشان نطمئن بس مش أكتر...وان شاء الله يطلع معقول زى ما انا متوقع
خرج فارس بصحبة الطبيب وهو يقول متسائلاً:طب هى هتفوق أمتى يا دكتور
نهض عمرو واقفاً هو ووالدته وهو يستمع لحديث الطبيب الذى كان يجيب فارس قائلاً:
-انا ادتها حقنه تنزل الضغط وهتفوق دلوقتى ان شاء الله ..متقلقش

خرج الطبيب من المنزل وأغلق فارس الباب خلفه واستدار فى مواجهة عمرو الذى قال بلهفه:
-خير يا فارس؟؟
جلس فارس وهو يقلب الروشتة بين يديه وكأنه فى عالم آخر وقال بشرود:
-الدكتور بيقول ضغط...كنت متأكد أنها مش هتستحمل الصدمه
توجهت والدة عمرو داخل الغرفه التى كانت أم فارس ترقد بها وهى تقول بتبرم:
-ضغط ايه وبتاع ايه ...هو حد يصدق كلام الدكاتره

شد عمرو على يده قائلا:بسيطه يا فارس ان شاء الله... متشيلش نفسك اكتر من كده انت ملكش ذنب فحاجه ..انت كمان اتصدمت..بس ولا يهمك يابنى انت مجال شغلك مفتوح وانت شاطر ....مش هتقفل على حكاية النيابه دى يعنى..ركز بقى فى الماجيستير وبعده الدكتوراه وفى جوازك

أنتبه فارس لعبارة عمرو الاخيرة وتذكر دنيا التى تركها تصرخ على الهاتف وهرع الى والدته ولم ينتبه حتى ان يعيد سماعة الهاتف كما كانت
ألقى نظرة على الهاتف فقال عمرو مسرعاً:انا اللى حطيت السماعه ..قلت علشان لو اتصلت تانى ولا حاجه
رفع فارس راسه لعمرو متسائلاً وقال:وأتصلت؟؟
هز عمر رأسه نفيا ولم يرد ...وسمعا صوت والدته تناديه بوهن :فارس يا فارس

نهضت أم فارس من فراشها بمساعدة والدة عمرو فى اثناء دخول فارس وعمرو الذى قال يداعبها:
-الف سلامة عليكى يا بطه بس برضه مش هتنازل عن الرزبلبن بتاعى
حاولت أن تبتسم وهى تنظر الى فارس ولكنها لم تستطع ساعدها فارس على الجلوس مره أخرى على الفراش وجلس بجوارها ..قبل راسها وقد لمعت عيناه بالدموع وهو يقول بانكسار:
-أنا آسف يا أمى أنا السبب فى اللى حصلك ده..لو كان بايدى كنت

قاطعته والدته وهى تحاول صبغ صوتها بنبرة حاسمه:مش عاوزه اسمع منك الكلام ده تانى كل شىء نصيب انا كل اللى يهمنى أنك تبقى مبسوط ومرتاح ومش عاوزه حاجه تانيه من الدنيا وانا يابنى لو كنت حاطه أمل على الشغلانه دى فده كان علشان كنت شايفاك متمسك بيها وبتحلم بيها لكن انا عن نفسى مفيش حاجه تفرق معايا ولا تريحنى غير سعادتك انت وبس سواء كنت محامى ولا مستشار
أنحنى فارس مقبلاً كفها وقد أعطته أمه دفعه لان يتماسك أكثر وتتراجع دموعه وتجف قبل أن تظهر مرة أخرى وقال:
-ربنا يخليكى ليا يا ست الكل ربنا يديكى الصحه والعافيه يارب

سمع عمرو طرق خفيف على باب الشقه فقال وهو يخرج من الغرفه :
-أنا هروح اشوف مين ده أكيد حد من الجيران
توجه عمرو الى الباب وفتحه ...نظر إليها غير مصدق وقال بدهشه:
-عزة!!
خفضت عزة راسها بخجل وتنحت جانباً ..ظهرت والدتها وأختها عبير من خلفها
حاول عمرو السيطرة على مشاعره وهو ينظر إليها وقال وهو يبتعد عن الباب:
-أتفضلوا

دخلت جارتهم أم عزة يتبعها الفتاتان وهى تقول بقلق:
-فى ايه يا بشمهندس ايه اللى حصل للست أم فارس
عمرو:ابداً الضغط على عليها شويه بس بقت كويسه الحمد لله...ثم اشار الى الغرفه قائلاً:
-أتفضلى هى جوى هنا ومعاها فارس

دخلت أم عزة مسرعة ووقفت عبير وعزة تنتظرها فى الخارج
حاول عمرو النظر الى عزة مرة أخرى فخطف نظرة سريعة وهو يقول بابتسامه:
-أزيك يا أنسه عزة
شعرت عزة بالخجل لسؤاله أياها فقط ...بينما قالت عبير بدهشه ممزوجه بابتسامه خفيفه وهى تقول:
-كويسين الحمد لله

لا يعلم لماذا شعر بعاطفة كبيرة تجتاحه تجاهها بدون سابق أنذار وكأن وقوفها بقربة قد حرك مشاعره وزاد لهفته عليها وعلى الارتباط بها لقد تردد كثيراً وهو غير متأكد من سبب تردده كان يظن من وجهة نظرة أنها متعلقه بفارس ولكن لا دليل على ذلك وقد يكون أساء بها الظنون ولكن هل يترك الظن يتلاعب بها أكثر من هذا ..شعر بالخوف عندما تذكر كلمات فارس له منذ قليل أنه ربما يتقدم لها شخصاً آخر وقد يقبله أهلها هل ينتظر لتضيع من بين يديه هكذا بسبب تردده وقلقه من شىء ليس له وجود عندما وصل لهذه النقطه شعر بأندفاع لم يشعر به من قبل ....ولم لا أحياناً يكون التهور هو الحل الوحيد لانهاء ما يدور من صراعات بداخلنا

كانت الفتاتان ينظران اليه وهو شارداً تماماً وكأنه فى عالم آخر وقد خرجت والدتهما بصحبة والدة عمرو ويتبعهم فارس وأمه التى كانت تستند على ساعده
وقالت لعمرو بأمتنان:
-معلش يابنى تعبناك معانا

نظر إليها وكأنه لم يسمعها وصوب بصرة باتجاه والدة عزة وعبير ..أخذ نفساً عميقاً وقال بسرعه :
-طنط انا بحب عزة وعاوز أتقدملها موافقه ولا لاء

ثم تنفس لاهثاً وكأن وحشاً كان يطارده ......صوب الجميع نظراتهم اليه ما بين دهشة وابتسامة وأستنكار وحياء
وأسرعت عزة بالخروج من الشقه ووجهها كحبة الطماطم وتبعتها عبير التى كانت تبتسم بسعادة ودهشه
هتفت والدته به :أنت عبيط يا واد ولا ايه..... فى حد يطلب طلب زى ده قدام البنات كده ...مش فى أصول
بينما ابتسمت والدة عزة وقالت موجهة كلامها لأم عمرو:عبيط ليه بس يا أم عمرو هو قال حاجه عيب..هو بس أستعجل شويه
ضحك فارس متناسياً همومه وهو يقول:يخرب عقلك يا عمرو أنا كنت أعرف أنك مجنون بس مش للدرجادى

وأخيرا قال عمرو حانقاً:يعنى هى دى المشكله دلوقتى خلاص انا اسف بس انا مصمم على طلبى على فكره ومش هتنازل عنه ونظر الى أم عزة قائلاً برجاء :
-أنا صحيح لسه متخرج النهارده بس ان شاء الله هشتغل قريب..انا بس عاوز يبقى فى كلام رسمى يعنى علشان محدش يسبقنى

أكد فارس كلام صديقه وقال بثقه:ان شاء الله كام يوم وعمرو يروح يعمل مقابلة الشغل فى مكتب الهندسه بتاع أخت الدكتور حمدى ..ونظر الى أم عزة وقال: الدكتور حمدى أكدلى حكاية الشغل دى يا طنط
تكلمت أم عزة وقد بدت السعاده على قسمات وجهها وهى تقول:
-يا عمرو يابنى أنتوا جرانا من زمان وعارفين اخلاقكوا كويس الموضوع مش موضوع شغل ثم قالت بتردد:
-أنا بس مش عاوزه أكسر قلب أختها أنت عارف عبير هى الكبيرة ولو أختها الصغيرة أتخطبت قبلها هتشيل فى نفسها وتضايق ..عموما قابل ابوها وكلمه وانا عن نفسى معنديش اعتراض خالص

قالت أم عمرو بعتاب :كبيرة ايه وصغيره ايه هو لسه فى حد بيعمل كده ده كان زمان يا أم عبير الناس كانت بتفكر كده... لكن كلنا عارفين ان الجواز قسمه ونصيب وكل واحده ليها نصيبها
أومأت أم عزة براسها موافقة لها وقالت:معاكى حق بس والله ده راى ابوها مش رايى أنا..
قاطعهم عمرو بحسم قائلاً:مش هسيبه لحد ما يوافق ان شا الله حتى أطلعله فى كل حته بيروحها لحد ما يزهق منى ويقولى روح خدها وأمشى

قاطعهم صوت جرس الباب المفتوح نظر فارس تجاهه فوجد دنيا تقف بزاوية من الباب وتنقل نظرها بينهم بتوتر
شعر بالدهشه وهو مقبل عليها حتى وقف امامها وهو يشير عليها بالدخول قائلاً:
-تعالى يا دنيا أتفضلى
قالت والدته للمرأتان:دى دنيا خطيبة فارس

أستأذن الجميع بالانصراف وجلست دنيا وهى تنظر لوالدة فارس قائله:
-حمد لله على سلامتك يا طنط
أم فارس: الله يسلمك يا بنتى ..
نظر اليها فارس تدور تساؤلات كثيرة بعقله وتظهرها عينيه وقال:
-عرفتى منين ان ماما تعبانه
قالت بتوتر:قابلت عزة تحت وانا طالعه وقالتلى
لاحت ابتسامة سخرية على شفتى أم فارس وقد علمت أن دنيا قد أتت لشىء آخر ...ولاحظت نظرات التوتر فى عينيها
فقالت وهى تنهض :
-طب عن اذنك يا بنتى هقوم ارتاح شويه أحسن دماغى لفت تانى
وقالت موجهةً حديثها لفارس:قوم يابنى قدملها حاجه وتركتهم وتوجهت لغرفتها

وقف فارس قائلاً:هعملك شاى معايا
أشارت اليه وقد نهضت هى الاخرى فى مقابلته وقالت محاولة السيطره على نبرة صوتها:
-الكلام اللى قلتهولى فى التليفون ده صحيح يا فارس
جلس مرة أخرى وقال دون ان ينظر اليها:
-أيوا صحيح هو الكلام حد يهزر فيه

سقطت العبارات من عينيها وقد تأكد لديها الخبر وقد كانت تتمنى ان يكون مازحاً أو ما شابه لقد سقطت أحلامها وهوت وأنسلت من بين يديها كانت تهوى جمع حبها بفارس مع منصبه الرفيع الذى كان يحلم به وقد جعلها تتعلق به معه وتراه ليل نهار وتضع نفسها بجانبه داخل هذا البرواز المزركش المرصع بالمنصب والمستوى المرتفع والكلمه المسموعه ....قالت بحزن وكأنها تهزى:
-يعنى ايه ....حلم السنين راح خلاص ...كل حاجه راحت من بين ايديا

نظر إليها وقد عاوده شعوره بالندم والانكسار مع كلماتها المؤنبه ..وقال محاولا اضفاء بعض الامل على قلبها:
-لا مش كله ولا حاجه انا خلصت الدبلومه وماشى فى الماجيستير وان شاء الله بعدها الدكتوراه
أستطردت مقاطعةُ اياه قائلة:وهتفرق فى ايه ماجيستير ولا حتى دكتوراه ..برضه فى الاخر شغال بمرتب عند الاستاذ حمدى
تنفس بعمق وهو يستمع لكلماتها تشق قلبه بحروفها الحاده وقال :لا ما انا فى يوم من الايام هفتح مكتب ان شاء الله وساعتها الدرجات العلميه دى هتنفعنى اوى فى شغلى
لاحت ابتسامة سخريه على شفتيها وهى تقول:
-اه ..فى يوم من الايام

لم يعد قادراً على التحمل وكل كلمة من كلماتها تنغمس بين ضلوعه لترديه يائساً وبعنف فنهض بحدة وقال:
-أنا كنت فاكرك هتقفى جنبى يا دنيا وتشجعينى أواصل طريقى ..أه صحيح كده الطريق هيطول شويه..بس فى الاخر هنوصل ان شاء الله
نظر إليها فوجدها واجمه صامته فجلس بقربها وأخذ كفها بين راحتيه قائلاً:انا مش عاوزك تيأسى كده ..فاكره لما كنتى بتقوليلى أنا واثقه أنك هتوصل يا فارس أنت جواك عزيمه توصلك المريخ..فاكره؟؟!
أبتسمت بضعف وهى تومأ برأسها وتقول:فاكره

قال مشجعاً:يبقى تقفى جنبى لحد ما نوصل سوا
نظرت إليه بعينين زائغتين وقالت:وانت فاكر ان أهلى هيوافقوا اقعد استناك كل ده لحد ما تجيب مكتب وبعدين تجيب شقه ونفرشها بالمرتب اللى بتاخده من مكتب الاستاذ حمدى

قال باستنكار:وشقه ليه مش أحنا متفقين هنعيش هنا مع ماما..وهى معندهاش مانع ابدا ...وهنيجى على نفسنا شويه وممكن اوى نأجر شقه تنفع مكتب مش لازم نشترى يعنى كفايه الايجار وبكده يبقى جمعنا بين الجواز والمكتب فى نفس الوقت
صمتت وطال صمتها فحثها قائلاً:ردى عليا
مطت شفتيها وقالت بضيق:أنا لازم أمشى دلوقتى انا أتأخرت أوى


***- ***- ***- ***-
صاحت أمها فى وجهها وهى تقول:مش أنا قلتلك الواد ده هيفضل طول عمره فقرى..انتى اللى صممتى تتخطبى ليه مش عارفه ..وفى الاخر كلامى طلع هو اللى صح وعاوز ياخدك تعيشى معاه عند أمه فى الحاره وتستنى بقى لما يبقى يفتح مكتب

بللت العبرات وجنتيها وقالت بأختناق:كفايه يا ماما كفايه اللى انا فيه كفايه

دخل والدها غرفتها وهو يتسائل بأنزعاج:فى ايه بتزعقوا كده ليه
قصت عليه دنيا ماحدث لفارس فقال:وايه المشكله يابنتى هو لو مكنش وكيل نيابه مينفعش يعنى ؟

قالت من بين دموعها:مش قصدى يا بابا بس انا كنت متعشمه... كده كل حاجه راحت
نظر إليها بجديه قائلاً:ازاى يعنى كل حاجه راحت الولد كويس وراجل وبيحبك وعنده عزيمه كويسه وأنا متوقعله مستقبل كويس وبكره تقولى بابا قال ومش لازم يا ستى يعنى المستقبل ده يبقى فى النيابه ......وبعدين أنتى كان لازم تقفى جنبه وتسانديه مش تقعدي تقطمى فيه كده

أمسكت والدتها يدها التى تحمل خاتم الخطبه وحاولت نزع خاتم الخطبه وهى تقول بصياح وغضب:
-أسمعى ..أنتى من بكره ترجعيله شبكته مش عاوزين منه حاجه
قبضت دنيا اصابعها وهى تقول ببكاء:
-لا يا ماما انا بحب فارس ومش هسيبه ..


***- ***- ***- *
ويوم الجمعة ذهب فارس لصلاة الجمعه فى المسجد الذى أعتاد أرتياده يوم الجمعه والصلاة فيه وكان فى داخله يتمنى لقاء الشيخ بلال ليتكلم معه ويحكى له ما يجيش بصدره لعله يجد لديه الراحة التى يتلمسها فى كلماته دائماً...وبالفعل عقب أنتهاء الصلاة قام يبحث عنه ووجده فى ركن من المسجد يتحدث الى بعض الاخوه ويتمازح معهم بود ويهاديهم ببعض أعواد الاراك وزجاجات المسك الصغيرة التى يحملها دائماً فى جيبه والتى تبعث له دائماً رائحة محببه لكل من يقف بجواره أو يمر بجانبه

وقف ينتظره حتى أنتهى من حديثه معهم وعندما لمحه بلال ابتسم ابتسامته الوضاءه المعهوده منه دائما كلما رآه ... واقبل عليه فرحاً وصافحه بحراره قائلاً
-واحشنى والله يا فارس أيه يابنى مبقناش نشوفك ليه
لا يعلم فارس لماذا كلما نظر الى وجه بلال شعر بالسكينة والوقار.. .أنسابت عباراته بلطف وهدوءوقال بصوت خفيض :
-أنا محتاجك أوى يا بلال

جلسا سوياً إلى أحد اركان المسجد وقال بلال وقد هاله رؤية فارس وعباراته ويستمع الى صوت آلمه وأحزانه ويأسه وأطرق براسه أسفاً وهو يسمع منه تجاوزاته التى كانت تحدث بينه وبين خطيبته دنيا ومخالفته لوعده معه من قبل ..ظل يستمع إليه فى أنصات شديد حتى أنتهى ..

كان فارس يظن أن بلال سيجيبه ببعض الكلمات التى تواسيه وتذكره بأجر الصابرين ولكنه وجده يبتسم قائلاً:
-أنا هحكيلك حكاية يا فارس عاوزك تسمعها بقلبك قبل ودنك أتفقنا
أومأ فارس برأسه وهو يقول :سامعك

بدأ الشيخ بلال فى سرد هذه الحكايه عن أحد التابعين قائلاً

-رجل يُدعى أبا نصر الصياد ، يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد
مشى في الطريق ذات يوم مهموما مغموما ً، يسأل الله تعالى الفرج والرزق الحلال فزوجته وابنه يتضوران جوعاً .
مر على شيخه أحمد بن مسكين' يقول له أنا متعب يا سيدي ..
وقرأ التابعي في وجه تلميذه ما يعانيه ، فقال له اتبعني إلى البحر

فانطلقا إليه، وقال له الشيخ – راغباً في لجوء مريده إلى الله تعالى : " صلّ ركعتين على نية التيسير" واسأل الله تعالى الرزق الحلال الطيب ...فصلى ، ثم قال له : "سم الله " ، - فكل شيئ بأمر الله .. فقالها . .. ثم رمى الشبكة ، فخرجت بسمكة عظيمة . ... قال له "بعها واشتر بثمنها طعاماً لأهلك ".
فانطلق إلى السوق يبيعها ، واشترى فطيرتين إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يعود إلى الشيخ فيقدم إحداهما له اعترافاً بصنيعه . ..
رد الشيخ الفطيرة قائلاً : هي لك ولعيالك ، ثم أردف : " لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة "

وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الفطيرتين في يده
وقال في نفسه هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً فماذا افعل ؟
ونظر إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما، فقدمهما لها قائلاً:
الفطيرتان لكما ..
ظهر الفرح والسرور على محياها ، وسعد ابنها سعادة رقصت لها أسارير وجهه..
وعاد أبو نصر يفكر بولده وزوجته .

ما إن سار حتى سمع رجلاً ينادي من يدل على أبي نصر الصياد؟
فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم فهو مال أبيك .

يقول أبو نصر الصياد
وتحولت غنياً بإذن الله تعالى وكثر مالي ، و ملكت البيوت وفاضت تجارتي ، وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة في شكرالله تعالى ..
ومرت الأيام ، وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!

وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام أن الميزان قد وضع ونادى مناد : أبا نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك ، فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات ..
فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بصنيع كأنه لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، ورجحت السيئات
وبكيَت .. بكيت حتى كادت نفسي تذهب وأحشائي تتقطع . وقلت ما النجاة ؟
وسمعت المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟
فأسمع الملك يقول: نعم بقيت له رقاقتان ...
وتوضع الرقاقتان (الفطيرتان) في كفة الحسنات ، فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.
فبقيت خائفاً .. وأسمع المنادي مرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء
قلت: ما هو؟ ...
قيل له: دموع المرأة حين أعطيتها الرقاقتين .
فوزنت الدموع، فإذا بها كالحجر الصقيل وزناً .فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فرحاً شديداً ..
وأسمع المنادي كرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟
فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيَت أمُه الرقاقتان ...
وترجح كفة الحسنات...و ترجح ...وترجح..
وأسمع المنادي يقول: لقد نجا ... لقد نجا
فاستيقظت من النوم فزعا أقول ما قاله لي أحمد بن مسكين حين رد إليّ إحدى الفطيرتين : لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة .

أنهى بلال حكايته قائلاً: فهمت اللى عاوز اقوله يا فارس
كان فارس يستمع وهو يشعر بالراحه وكلما سمع وأنصت كلما شعر بالرضا وفهم مالم يفهم من قبل وقال:
-فهمت يا بلال...أنا كنت عايش علشان نفسى وأحلامى وبس وعلشان كده أخدت على قد ما قدمت



إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#14

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الثامن

اسفه يا قمرات على تاخري بنقل الروايه
لكن ان شاء الله هابقى انزل كل يوم جزء


رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

عاد فارس أدراجه الى منزله وهو شارداً فى كلام صديقه بلال وأخذ يسمعه يصدح فى عقله ويتردد صداه بداخله مرات ومرات
- شوف يا فارس اللى حصلك ده سببه حاجات كتير أوى ولو بصينا على الاسباب الدنيويه اللى أنت بصيت عليها وركزت كل تفكيرك فيها مش هنلاقيلها حل ابداً لان الفساد هيفضل موجود
عاوزين نبص لأسباب تانيه ..الاسباب الحقيقيه يا فارس..أنت يا فارس عرفت الحرام والحلال ورغم كده تماديت فى الحرام وفضلت نزواتك ودنيتك على حساب أخرتك علشان كده التوفيق مبقاش حليفك وبعد عنك ...وأنت ربنا بيحبك أنه أبتلاك فى الدنيا علشان يفوقك وترجعله أحسن ما كان الحساب يجمع فى الاخره ..
وأنا مش هتكلم كتير أنا هقولك حديث النبى صلى الله عليه وسلم
" و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " ...عارف معنى الكلام ده ايه..معناه انك ممكن يكون جاي للأنسان رزق من ربنا فى اى حاجه سواء بقى فلوس، أولاد ،عريس ،عروسه، شغل ..اى حاجه ..وييجى الانسان يرتكب ذنب ولا معصيه فيحرم من الرزق اللى كان جايله ده..ويقعد يقول ليه وعلشان ايه ويبص للأسباب الدنيويه وميخدش باله أنه ممكن يكون أتحرم منه لانه أرتكب معصيه تغضب ربه
عاد من شروده إلى أرض الواقع دفعة واحده عندما اصطدم بمهرة التى كانت تعبر بوابة بنايتهم وهى تبكى بشدة وتفرك عينيها ...حاول أن يحدثها ولكنها أسرعت للداخل فى غضب ..لحق بها ووقف يسد الطريق أمامها وقال بأسف حقيقى:
- متزعليش بقى خلى قلبك أبيض ده أحنا أصحاب من زمان يعنى
صاحت وهى تبكى:
- برضه مخصماك ومش هكلمك ..وانا قلبى مش بيضا
ضحك وهو يقول:
- لاء انتى قلبك بيضا أنا عارف
جلس على أول درجة من السلم ليمنعها من العبور وأستند براسه على قبضته وقال:
- ولو مصلحتنيش هفضل زعلان على طول..ثم استدرك بمكر:
- لكن لو صلحتينى هاجبلك هديه كان نفسك فيها من زمااااان اوى
قالت بلهفه وهى تمسح دموعها بكلتا يديها:
- بجد هتجبلى العروسه اللى أسمها باربى
أومأ برأسه فى تأكيد وهو يقول:
- ايون...بس أصبرى عليا يومين لما أقبض مرتبى
ضحكت بشدة وأخذت بيده فى سعاده وهى تتقافز يمنة ويسره...هدأ حركتها وقال مستدركاً:
- قوليلى بقى كنتى بتعيطى ليه؟!
مطت شفتاها وهى تقول بحزن:
- كنت رايحه ألعب مع البنات فى الشارع اللى ورانا بس مرضيوش يلعبونى وقالولى أنتى أوزعه وصغيرة ..قعدت أحلفلهم أنى عندى 11سنه بس محدش صدقنى وقالولى أنتى كدابه أنتى عندك 7سنين
ونظرت إليه وقد أغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول:
- والله أنا مش كدابه يا فارس ومش بحب حد يقول عليا كدابه
حركت دموعها وطريقة بكاؤها أشجانه وقال فى عطف:
- بصى يا مهرة متروحيش تلعبى معاهم تانى ولما حد يضايقك تانى متعيطيش أبدا خليكى قويه اللى مش مصدقك عنه ما صدقك
أنهمرت دموعها وهى تستمع إليه ثم قالت:
- وانا ذنبى ايه أنى شكلى أصغر منهم ..حتى صحابى فى المدرسه بيضحكوا عليا
لا يعلم فارس لماذا ذكرته بنفسه وبحاله تذكر كلماته مع الدكتور حمدى
وهو يقول له < طب وانا ذنبى ايه أنى ساكن فى مكان زى ده وأن ماليش وسطه >

شعر أنه لابد أن يعلمها درساً ..لا بل يريد أن يلقن نفسه هذا الدرس أولاً.. نظر لها بجدية وقال:
- شوفى يا مهرة أنتى أه شكلك اصغر من سنك لكن أنتى ذكيه جدا وكل الناس بتحبك ...وتقدرى تتفوقى وتبقى اشطر منهم كلهم ..ولما تكبرى هتبقى أحسن منهم كلهم أن شاء الله لما تتفوقى عليهم بعقلك مش بشكلك ولابجسمك ...ذاكرى وأتشطرى وابذلى مجهود كبير وخلى المدرسين يعجبوا بيكى وبشطارتك ويحبوكى ..هتلاقى صحابك فى المدرسه هما اللى عاوزين يصاحبوكى ويلعبوا معاكى ويذاكروا معاكى كمان علشان يتعلموا منك...أنتى تقدرى تغيرى مستقبلك بعقلك ومجهودك مش بطولك ولا بشكلك...
نظر فى عينيها التى كانت تنظر له بأهتمام وأنصات وتحاول استيعاب جميع كلماته وقال:
- فهمتينى يا مهرة
حركت راسها موافقةً ببراءه وهى تقول:
- فهمت
شعر بأنتشاء شديد يغزو كل كيانه وكأنه رسم صورة ذهنية لعقله ووضع فيها كل ما يحب أن يضع كل فى مكانه تماماً...
سيأخذ بالاسباب الدنيويه ويجتهد وفى نفس الوقت ستكون الاخرة هى غايته وليس الدنيا كما كان يفعل من قبل ..نعم هذا هو ما يريد أن يقوله لنفسه..أبذل مجهود وأجعل الصبر حليفك والاخرة غايتك ولن يضيعك الله ابداً وستأتى الدنيا لك راغمه وستمتلكها فى يدك وليس فى قلبك


جلست عبير بجوار أختها عزة وهى تتفحصها قائلة:
- يعنى مردتيش يا عزة على كلام ماما
نظرت لها عزة فى توتر وهى تقول :
- اقول ايه بس يا عبير ..اصلا بابا مش هيوافق
تدخلت والدتها قائله:
- أختك بتسألك على رايك مش على رأى ابوكى
فركت عزة كفيها فى توتر شديد وقالت بتلعثم:
- أنا اصلى اتفاجأت ومحتاجه وقت افكر يا ماما
أرتسمت علامات الغضب على وجه والدتها وهى تهتف بها:
- تفكرى فى ايه هو عمرو غريب عاوزه تعرفى اخلاقه ولا مش عارفين أهله
أنكمشت عزة من ردة فعل والدتها الغاضب وأحمر وجهها ولاذت بالصمت فنهضت عبير وهى تقول لوالدتها:
- معلش يا ماما سيبيها دلوقتى من حقها تفكر برضه وبعدين الجواز ده لازم يكون فيه قبول فسيبيها تفكر براحتها
نهضت والدتهما فى تبرم وهى تتمتم:
- بنات آخر زمن
أغلقت عبير باب غرفتهم واقتربت من أختها وجلست بجوارها وهى تضع ذراعها على كتفيها وقالت بحب:
- أنا حاسه بيكى يا عزة..متفتكريش أن محدش حاسس بيكى
تسللت دمعة خارج مقلتيها معلنة عن قلق وخوف واضح وهى تقول بخفوت:
- لا يا عبير مش اللى فى دماغك سبب ترددى
ابتسمت عبير وهى تمسح عبرتها بئاناملها وقالت بحنان:
- مش مهم ايه السبب..المهم اننا نعرف رايك فى عمرو..طيب أنتى حاسه بقبول ناحيته ؟
أبتعلت ريقها بصعوبه وقالت:
- عادى يا عبير مش حاسه برفض ولا بقبول عادى يعنى...أن أصلا طول عمرى بتعامل مع عمرو على أنه أخويا مش أكتر فطبعا مش هكون بكره واحد بحسه زى أخويا وفى نفس الوقت مش بحبه
أبتسمت عبير وهى تقول :
- طب ايه رأيك لو بابا وافق تدى لنفسك فرصه وتبدأى تعامليه بطريقه مختلفه ...ثم ضحكت وهى تتذكره وقالت:
- وبصراحه الطريقه المجنونه اللى طلبك بيها تخلينى متأكده أنه هيقدر يخليكى تحبيه وأستدركت وهى تقول:
- بصراحه يا عزة ده شكله بيحبك أوى ياريت تفكرى تانى وتدى نفسك فرصه وتديله هو كمان فرصته
لوحت عزة بيدها متبرمه وهى تقول:
- بتكلمى كأن بابا وافق خلاص
شعرت عبير بمزيج مختلط من المشاعر وهى تقول :
- ملكيش دعوه ببابا ..بابا كان دايما يشكر فى عمرو وهو لو رفض يبقى مفيش غير سبب واحد وأنا ان شاء الله كفيله أنى اقنعه
هتفت عزة حانقه وهى تنهض واقفة:
- أنتى مالك عاوزه تخلصى مني كده ليه يا عبير
وقفت عبير وهى تضع يدها فى خصرها وتنظر لها نظرة ذات معنى وتقول:
- أنا مش عاوزه أخلص منك ولا حاجه أنا عاوزاكى أنتى اللى تخلصى بقى
استدارت عزة بأرتباك وأعطتها ظهرها وهى تقول بتلعثم:
- أخلص من ايه
وقفت قبالتها ونظرت لعينيها بعمق وهى تقول:
- تخلصى من المشاعر السلبيه اللى كابسه على نفسك دى..واللى مخلياكى مش عارفه راسك من رجلك ومأجله حياتك كلها بسببها...أنتى صحيح بقالك مدة طويله قريبه من ربنا وبطلتى حاجات كتير كنتى بتعمليها بس مع الاسف لسه محتفظه بالسلبيه دى جواكى ومفيش حاجه هتخرجك من الدوامه دى غير عمرو ..انا متأكده
رفعت عزة كتفيها وهى تنظر لعبير بدهشه قائلة:
- ومالك متأكده كده ليه
ضحكت عبير وقالت:
- منا لسه قايلالك مجنون وبيحبك وزى ما ماما قالت كده عنده أستعداد يفضل يلف ورا بابا لحد ما يقنعه يعنى مُصر عليكى يعنى من الاخر كده رخم وهتحبيه يعنى هتحبيه والواد قمر برضه متنكريش
نظرت لها عزة بدهشه لما تقول وقالت :
- يا سلام يا سلام أومال حفظ ايه ومسجد ايه اللى بتروحيه
ضحكت عبير وقالت بخبث:
- آه ...هنبدأ الغيره بقى.....
***- ***- *
خرج باسم من حجرة مكتبه وقال موجهاً حديثه لدنيا:
- تعالى شويه يا أستاذه دنيا لو سمحتى...
ثم عاد الى مكتبه مرة اخرى
نهضت دنيا وهى تحاول أن لا تصطدم بنظرات فارس الناريه وتوجهت الى حجرة مكتبه ولكنها مل تنسى تنبيهات فارس لها سابقاً بأن تترك الباب مفتوحاً ..جلست أمامه بتسائل وكانت تتوقع بحكم عمله كمسؤل عن ملفات القضايا فى المكتب أن يكون الحدث حول ذلك ولكنها وجدته ينظر لها مبتسماً وهو يقول:
- مش أنا هفتح مكتب خاص بيا
تعجبت للحظات وهى تنظر إليه بدهشه فما شأنها بذلك..وقالت بلامبالاة:
- مبروك يا استاذ باسم..بس أنا ايه دخلى فى الموضوع
أتسعت ابتسامته أكثر وهو يتفحصها بجرأه ويقول:
- أنا عاوزك تيجى تشتغلى معايا فى المكتب..
باغتها بطلبه فارتبكت وصمتت برهة لتفكر فى الامر فقطع شرودها قائلاً:
- هو أنتى مرتبك هنا كام؟
علت دهشتها وقالت بسرعه:
- ما حضرتك عارف
فأومأ برأسه وقال بثقه:
- مرتبك عندى هيبقى ضعف مرتبك هنا 3 مرات..ها قولتى ايه
ثم استدرك قائلا بسرعه:
- بس ده فى الاول لكن بعد لما تاخدى خبره ممكن يبقى ليكى نسبه فى القضايا وأنتى وشطارتك ومش بتكلم فى كلام فاضى أنا بتكلم فى ألافات
أدارت عبارته راسها وقالت بتسائل:
- وحضرتك أخترتنى أنا ليه بالذات
قال بجرأة وصراحه:
- بصراحه عجبتينى
دنيا باستنكار:
- عجبتك يعنى ايه
رمم عبارته المتصدعه وحاول أن يجعلها أكثر تهذيباً وقال:
- قصدى يعنى بيعجبنى مجهودك فى الشغل وطموحك العالى اللى هيموت فى المكتب ده وبالمرتب اللى بتقبضيه هنا
صمتت وهى تنظر امامها بشرود تفكر فيما يقول فقال مؤكدا :
- على فكره معايا ممكن فى من الايام تحطى يافطه باسمك جنب يافطتى ويبقى ليكى مكتب خاص تستقبلى فيه زباينك ..ها قلتى ايه
نهضت واجمه وهى تقول ببطء:
- أدينى فرصه افكر
فقال موافقاً:
- فكرى براحتك عموما انا لسه قدامى مش أقل من شهرين علشان انقل شغلى هناك

أنتهى اليوم كالعادة وطويت الملفات والمستندات ..وقفت بجواره لتستقل سيارة أجره كما تفعل دائما لا يرحل قبل أن يطمئن عليها .. وضع بعض الحدود بينهما فى التعامل فى حدود علاقة الخطبة التى تربط بينهما ولكنه لم يستطع ألانتظار أكثر من هذا ..أنها لم تجيبه ولم تعطى قرارها حتى هذه اللحظه ...ألتفت إليها قائلا بجديه:
- دنيا..أنتى مردتيش عليا لحد دلوقتى فى موضوع كتب الكتاب ده
زفرت بضيق قائلة:
- أنا مش عارفه أنت مستعجل كده ليه..انا وافقت على كل كلامك اللى قلته..مبقناش نتكلم ولا نتقابل حتى النظرة مبقتش تبصهالى وانا كل ده متكلمتش ووافقتك... ايه المطلوب منى تانى
شعر بكلماتها تقطر حنقاً وضيقاً من هذا الوضع فقال مؤكداً:
- ماهو علشان كده أنا مستعجل على كتب الكتاب ..علشان نخرج ونتقابل واعرف أكلمك وأتكلم معاكى براحتى
نظرت فى ساعة يدها تستعجل الوقت وهى تقول :
- مش هينفع يا فارس كتب كتاب دلوقتى خالص نستنى شويه لما ظروفنا نتحسن..هو أنت مش بتقول عاوز تاخد الماجيستير فى اقرب وقت خلاص بقى ركز فى الرساله بتاعتك وحاول تخلصها بدرى ولما تخلصها يا سيدى نبقى نشوف هنعمل ايه..لكن الاستعجال بتاعك ده هيبوظ كل حاجه وهيعطلنا جامد وان كان عليا يا سيدى أنا هستناك انا مش عارفه أنت قلقان ليه كده
***- ***- ***- **
أنكمشت فى فراشها كما تفعل دائما عندما تواجهها مشكله وظلت عبارات باسم تتردد فى اذنيها :
- مرتب 3 أضعاف ...وفى المستقبل يافطه جنب يافطتى... نسبه من القضايا
ظلت تقارن هذا الوضع بتلك الذى ينتظرها فى مكتب الاستاذ حمدى مهران نعم هى تحب العمل فى هذا المكتب بصحبة فارس ولكن إلى متى ستظل هكذا تجد وتعمل فى أرهاق وتعب والمقابل ضعيف ولم لا تغير حظها بيدها فى مكان آخر بمقابل افضل...
ولكن ترمومتر فطرتها الانثويه مازال يعمل والذى أنبأها بأن باسم لم يريدها الا لرغبة فى نفسه وأن الاسباب التى قالها جميعها كاذبه بل وتنطق بالكذب ..هل تستطيع أن تحسم أمرها وتعمل معه ولكن تنتبه لنفسها وتحسب ألف حساب لكل كلمه وكل حركه وكل ردة فعل..أم تبقى كما هى
ولكن حتى لو وافقت هل سيوافق فارس..بالطبع لا ..سيرفض أيما رفض وسيتمسك برايه بل ومن الممكن أن يخيرها بينه وبين العمل مع باسم...
وظل تسأل نفسها فى تردد وقلق ...لا بد من حل ما يرضى جميع الاطراف ولكن اين هو

***- ***- ***- ***- **
خرج والد عزة من المسجد الصغير بعد أنتهاء صلاة العشاء وهو يبحث عن حذائه بين كومة الأحذيه أمام المسجد وقف يبحث بعينيه عنه حتى وجده اخيراً أنحنى ليلتقطه ولكنه فوجىْ بمن يسبقه اليه ويناوله اياه بأبتسامه ودوده ...فابتسم شاكراً وهو يقول:
- متشكر أوى يا عمرو يابنى
أتسعت أبتسامة عمرو وهو يقول:
- العفو يا عمى..أستنى حضرتك أجيب الحذاء بتاعى ونروح سوا وظل يتلفت حوله وهو يقول بتمثيل مكشوف:
- ياترى راح فين مع أنى لما باجى اصلى هنا كل يوم كل يوم بحطه فى نفس المكان
تبسم والد عزة وهو يشير لقدم عمرو قائلاً:
- ما أنت لبسه أهو يابنى
نظر عمرو الى قدميه بصدمه واضحه وهو يقول:
- ايه ده مش معقول ...لبسنى أمتى ده
ضحك والد عزة وهو يقول:
- طب لو ماشى يالا أنا مستعجل
سار عمرو بجوار والد عزة بمنتهى الادب والتواضع وهو يتصنع الوقار قائلاً:
- بس انا دايما باجى اصلى هنا هو حضرتك مبتجيش بأنتظام ولا ايه
ضحك الرجل مرة أخرى فمحاولاته مكشوفه دائما وقال:
- معلش بقى يمكن مش بنتقابل من الزحمه ولا حاجه
سارا بعض خطوات فى سكون غير مناسب لشخصية عمرو ولذلك لم يحتمل كثيراً وقال بشغفه المعهود:
- حضرتك مردتش عليا يا عمى فى موضوع الانسه عزة
وقف والد عزة ونظر اليه بملامح جامده وقال:
- لا رديت عليك وقولتلك ربنا ييسر الامر لما نشوف أختها الاول
قال عمرو بضيق:
- ياعمى طب انا كده مفهمتش حاجه ..أنا كده متعلق
تابع والدها بنفس ملامحه الجامده:
- عاوزنى أكسر قلب بنتى الكبيرة ؟
قال عمرو بتبرم واضح:
- لا يا عمى أكسر قلبى انا براحتك
مشي بجواره حتى وصل الى منزله وهم بالصعود ولكن عمرو لم يتركه لا يزال يلح بأستماته ووالدها يؤجل باستماته ايضاً وأخيراً قال :
- طيب يابنى ربنا يعمل اللى فيه الخير..سبنى أطلع بقى
أوقفه عمرو مرة أخرى وهو لا يعلم ماذا يقول كان يأمل فى أن يقنعه بالموافقه ولكن محاولاته جميعاً باءت بالفشل الذريع قاطع شروده صوت والد عزة وهو يقول بضيق:
- ممكن بقى تسيبنى أطلع ولا هتفضل وافقلى كده على السلالم
ابتسم عمرو ابتسامه مصطنعه وهو يقول :
- طب استنى حضرتك بس عاوز اقولك على حاجه وبعدين أطلع
عقد الرجل ساعديه أمام صدره بضيق وقال بغضب :
- أتفضل يا سيدى ...قول
رسم عمرو ملامح الجديه على وجهه وقال بأهتمام:
- كان فى مره فى بلد اوروبى فيه أقليه مسلمه ناس بيصلوا العصر فى المسجد
بعد ما خلصوا صلاة ..دخل عليهم واحد ماسك سكينه كبيرة وقال:
- مين فيكم هنا مسلم؟
الناس بصت للسكينه اللى مع الراجل ومحدش أتجرأ ينطق الا واحد بس هو اللى أتشجع وقال :
- أنا مسلم
فالراجل أخده بره المسجد بعيد شويه عن الناس وقاله انا مسلم فى السر ومحدش يعرف وجبت خروف وعاوز أدبحه على الطريقه الاسلاميه بتعرف تدبح وتسلخ
فالراجل قاله :
- أنا بعرف أدبح لكن مبعرفش اسلخ روح شوف حد تانى بيعرف يسلخ
بعد ما دبحوا الخروف الراجل رجع للمسجد تانى وكان ماسك السكينه وفيها دم الخروف وقال للناس:
- مين فيكم مسلم تانى
الناس كلها بصت للسكينه اللى فى ايده وأترعبوا ومحدش نطق لكن شاوروا على الامام اللى كان بيصلى بيهم وقالوا:
- ده مسلم
فالامام أتخض وقالهم :
- فى ايه ..هو علشان صليت بيكم ركعتين خلاص بقيت مسلم ؟!!
أنفجر والد عزة ضاحكاً وبعد أن هدأت ضحكاته .. باغته عمرو مرة أخرى قائلاً بلهفه :
- ها يا عمى وافقت على الجواز !!

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#15

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم

صعد والد عزة الى شقته أخيراً والابتسامه تعلو شفتيه على أثر النكته التى ألقاها عليه عمرو منذ قليل جلس بين زوجته وبناته أمام التلفاز وهو يضرب كفاً بكف ويقول :
- أما والله حاجه عجيبه
نظرت له زوجته بأهتمام وابتسمت هى الاخرى لرؤيتها ابتسامته وقالت:
- خير يا ابو عبير هو ايه اللى عجيب
ألتفت إليها بابتسامته وهو يستند بساعديه الى حواف مقعده ويقول:
- البشمنهدس عمرو يا ستى...بقاله كام يوم مش سايبنى فى حالى وعمال يلف ورايا زى النحله ..
حانت منه ألتفافه إلى عزة التى اشاحت بوجهها سريعاً ونهضت قائلة:
- طب أنا هدخل أنام بقى تصبحوا على خير
اقتربت عبير من والدها على المقعد المجاور له وهى تتسائل:
- هو كلمك تانى يا بابا؟؟
هم أن يجيبها ولكن والدتها قاطعته قائله:
- قالك اشتغل ولا لسه يا ابو عبير
أشاح بوجهه عن زوجته ونظر الى عبير مرة أخرة وقال:
- يشتغل ولا ميشتغلش دى حاجه تخصه هو وانا مالى
ثم نهض واقفاً وهو يقول:
- انا هدخل اريح شويه تصبحوا على خير
تبعته عبير بنظرها حتى دخل غرفته واغلق بابها خلفه فنهضت واقفةً وهى تقول لوالدتها:
- ماما ممكن أدخل أتكلم مع بابا شويه لوحدنا
نظرت لها والدتها بدهشه قائلةً:
- خير يا عبير فى ايه
أقتربت منها وهى تقول بجدية:
- بصى يا ماما أنا فاهمه كويس بابا رافض عمرو ليه وعمال يأجل فى موضوعه مع عزة وأنا بصراحه محتاجه اتكلم معاه فى الحكايه دى مينفعش أسكت أكتر من كده
نهضت والدتها بموافقةً منها لكلام ابنتها وهى تقول:
- طب تعالى معايا
وضعت عبير يدها على كتف والدتها وقالت برجاء:
- معلش يا ماما خلينى اتكلم معاه لوحدى ..أنتى عارفه بابا لما بيلاقى أكتر من حد بيتكلم فى نفس الموضوع بيقفل
فكرت والدتها قليلا ثم قالت بايماءه بسيطه:
- طب خلاص اللى تشوفيه يابنتى خبطى عليه الاول بس براحه كده ليكون نام ولا حاجه
وقفت عبير امام غرفة والدها وطرقت الباب بخفه وقالت بهدوء:
- بابا حضرتك نمت؟
أتاها صوته قائلاً:
- أدخلى يا عبير
دخلت الغرفه وجدته يجلس على الاريكه بجوار النافذه فاتحاً لمصحفه امامه ويقرأ فيه قليلا قبل النوم كما هى عادته دائماً
نظر لها مبتسماً بحنان وهو يقول:
- تعالى يا عبير
جلست بجواره على الاريكه وقالت برجاء:
- بابا أرجوك توافق على خطوبة عمرو وعزة
صمت برهة وقال بضيق:
- وياترى بقى مين اللى قالك تيجى تقوليلى كده أمك ولا عزة
ابتلعت ريقها وقالت بوجل:
- بابا ..انا عارفه حضرتك بتاجل الموضوع ده ليه ..وصدقنى يا بابا انا الحكايه دى متفرقش معايا خالص بالعكس والله أنا أتمنى ان عزة تتخطب النهارده قبل بكره
وخفضت نظرها وقالت بخفوت:
- لو سمحت يا بابا متخالنيش أحس أنى واقفه قدام سعادة اختى ومستقبلها
هتف مستنكراً:
- ايه اللى بتقوليه ده يابنتى وأنتى عرفتى منين ان سعادتها فى الجوازه دى
ابتسمت بمرارة وهى تقول:
- يا بابا حضرتك طول عمرك بتشكر فى عمرو وزى ما حضرتك قلت من شويه انه عمال يلف زى النحله وبيزن عليك ليه بقى اكون انا السبب انى اضيع على اختى واحد بيحبها وكمان عارفين اخلاقه واهله وكل حاجه عنه
تذوقت مرارة ابتسامتها لاول مره وشعرت بها تغص حلقها فابتلعتها برضى وهى تقول:
- الحمد لله يا بابا انا عارفه ان كل شىء نصيب وانا هيجيلى نصيبى لحد عندى سواء دلوقتى ولا بعدين...لكن أنا عمرى ما هبقى سعيده ابدا وانا رابطه اختى جنبى كده وهى ذنبها ايه طيب
نظر لها والدها بمشاعر مختلطه بين الفخر والحزن وهو يقول:
- ونعم العقل والايمان يا بنتى أنا كنت بقول لامك عبير قاعده طول النهار تسمع فى شرايط وداخله وخارجه تحضر دروس فى المسجد ومكنش عاجبنى ..مكنتش أعرف أنك بتستفيدى بيها بالشكل ده ..ربنا يرضى عنك يابنتى
لمعت دموع الفرح فى عينيها وهى تقول بلهفه:
- يعنى حضرتك وافقت يا بابا
ابتسم وهو يربط على ساعدها قائلا:
- بينى وبينك ... أه وافقت
نهضت فى سعادة وهى تهتف بفرحه حقيقة:
- أنا هروح ابشر ماما

***- ***- ***- **

أحتضن فارس "عمرو"بشدة وهو يقول بسعادة مازحاً:
- مبروك يا عمرو أخيراً يا اخى هتدخل القفص برجليك
دفعه عمرو بخفه وهو يتكلم بشغف كعادته:
- بطلوا قر بقى دى يدوب أبوها وافق أنى اروح أتقدم رسمى
ثم فرك كفيه بتوتر بالغ قائلاً:
- أنا هموت من القلق يا فارس..كل ما أتصور نفسى وأنا قاعد بتكلم معاها على أنى خطيبها بقى وكده..ياه أحساس جامد اوى ..
ثم تابع بنبرة حائره:
- تفتكر هتوافق عليا يا فارس ولا أنت رايك ايه
شعر فارس بالحيره وقال متسائلاً:
- الله...أومال ابوها وافق على اي اساساً
تناول عمرو بعض قطع الشيكولاته أمامه وهو يجلس الى مائدتهم الصغيرة وقال:
- وافق أنى أتقدم واقعد أتكلم معاها..ماهو ده طلبها يا سيدى عاوزه تتكلم معايا الاول قبل ما تقول رأيها النهائى علشان تستخير
ومد يده مرة أخرى الى شنطة الشيكولاته البلاستيكية ولكن فارس ضربه على يده قائلاً:
- كفايه بقى دى لو مهرة عرفت أن حد كل من الشيكولاته بتاعتها هتخرب الدنيا
خطف عمرو قطعة أخرى وهو يقول :
- خلاص يا عم اللى جابلك يخليلك أخر واحده بس ومتقولهاش ماشى أنا مش قدها يا فارس
ضحك فارس وهو يقول:
- طالما جبان كده يبقى متمدش ايدك على حاجتها أحسنلك
ثم اردف بأهتمام:
- بس أنا خايف من حاجه يا عمرو
عمرو وهو يبتلع قطع الشيكولاته بصعوبه:
- خايف من ايه؟
مط فارس شفتيه وهو يقول:
- لو المقابله دى على اساسها عزة هتحدد هى هتوافق ولا لاء يبقى فى خوف كبير بصراحه ..اصلك هتفضحنا انا عارفك
لم يلحظ عمرو نبرة المزاح فى عبارة فارس فقال بجزع:
- ليه يا فارس ..طب قولى بسرعه اعمل ايه الله يخليك
أكمل فارس طريقته المصطنعه وهو يقول:
- بص أنت تحاول ..تحاول يعنى تبقى مؤدب كده ومحترم وذوق وظريف وهادى وعاقل ..كده يعنى ..انا عارف أن موضوع هادى وعاقل ده صعب عليك بس معلش حاول
فرك عمرو راسه وهو يقول :
- هحاول...!!
***- **
- يالا يا عبير كل ده بتلمعوا الصالون...
كانت عبير منحنيه تزيل بعض أثار التراب فى غرفة الاستقبال فأعتدلت وهى تجيب والدتها:
- خلاص يا ماما أنا خلصت أهو
أقبلت والدتهما مسرعه وهى تنهرهما قائلة:
- معقوله كده الناس زامنهم جايين ولسه مخلصتوش ..
ونظرت الى عزة وقالت بعتاب:
-, انتى كمان لسه مجهزتيش نفسك هايجوا يلقوكى بترابك كده ؟
زفرت عزة بضيق وهى تهتف ساخطه:
- يا ماما يعنى اقطع نفسى يعنى وبعدين فى ايه ما الشقه نضيفه أهى ..
قالت والدتها وهى تدفعها للخارج:
- طب روحى يا فالحه جهزى نفسك بسرعه خلاص زمانهم جايين
خرجت عزة وهى تتمتم ببعض الكلمات معترضه بينما نظرت الام الى عبير وهى تجتهد فى أبراز جمال الغرفه وهى تصلح من شأنها بأهتمام فأقتربت منها وقالت برفق:
- عقبال يومك يا عبير يا بنتى
أستدارت لها عبير وهى مبتسمه فوجدت نظرة مشفقه تطل من عيني والدتها غاصت تلك النظرات فى قلب عبير حتى شعرت أنها شجته نصفين ..قاتلت حتى تستطيع رسم ابتسامة عذبه على شفتيها وقالت تداعبها:
- أيه بقى يا ست ماما أنتى عاوزه تخلصى مننا كلنا علشان الجو يخلالك انتى وحبيب القلب ولا ايه
ضحكت أمها وقد تلاشت نظرة الحزن من عينيها وقالت :
- انتى بس لو تعقلى كده وتشيلى البتاع ده من على وشك وانتى خارجه كده والعرسان تشوفك بدل ما انتى مخبيه نفسك كده محدش عارف انتى حلوه ولا وحشه
قالت عبير بثقه وهدوء:
- يا ماما اللى هيجى يتقدملى علشان انا حلوه ولا اللى هيخاف يتقدملى احسن اكون وحشه..الاتنين ميلزمونيش وقلتهم أحسن ومش طالباهم بصراحه
فقالت أمها وهى تدفعها هى الاخرى للخارج:
- طب يالا روحى شوفى أختك بتعمل ايه يا أم لسانين

تجهز البيت وتزين لاستقبال جيرانهم الاعزاء عمرو ووالده ووالدته
وبعد الترحيب والاستقبال الحار وعبارات الود والمحبه جلس الجميع فى غرفة الاستقبال حيث قال أبو عزة بترحاب شديد:
- واحشنى والله يا ابو عمرو الواحد مبقاش يشوفك غير كل فين وفين
شد والد عمرو بيده على يد والد عزة وهو يقول بمرح:
- بكره تزهق مني يا ابو عبير ما احنا هنبقى نسايب بقى
ضحكا الرجلان بينما قالت والدة عمرو أمال فين عروستنا يا ام عزة مكسوفه ولا ايه
نهضت الام واقفةَ وهى تقول بابتسامه واسعه :
- هروح أندهلها حالا
دخلت الام فوجدت عزة تكاد تبكى وهى تقول لعبير مش عاوزه اخرج يا عبير طب خلى مامته هى اللى تيجى هنا
قاطعهم والدتها وهى تهتف بها بصوت خفيض:
- تيجى هنا فين يا بت أنتى
حاولت عبير دفع عزة تجاه والدتهما وهى تقول بتشجيع:
- يابنتى أطلعى أمال هتكلمى معاه ازاى هو مش أنتى اللى طلبتى تقعدى معاه الاول
أخذتها والدتها من يدها كالاطفال وخرجت بها وهى خافضة راسها الى الارض خجلا من الموقف وقفت والدة عمرو وأحتضنتها وقبلتها بشدة وهى تضغط على ساعديها مره وعلى ظهرها وكتفيها مرة أخرى وتقول:
- ماشاء الله ماشاء الله أزيك يا عروستنا عامله ايه
أجابت عزة بخفوت:
- الحمد لله يا طنط
أجلستها بجوارها ...حيث قال والد عمرو:
- والله كبرتى يا وزه بقالى كتير مشوفتكيش عامله ايه يا بنتى
ابتسمت عزة فى خجل وهى تقول بصوت غير مسموع :
- الحمد لله
كان عمرو مسلط نظره عليها يريد منها ألتفاته واحده فقط ولكنها لم تفعل لم تنظر اليه ابدا حتى عندما تجرأ وقال لها:
- أزيك يا أنسه عزة
أومأت براسها ولم ترد ..لاحظ ذلك والدها أنها لم ترفع عينيها لعمرو قط ولم تجبه ايضاَ على سؤاله ....فنهض وهو يقول موجهاَ حديثه لزوجته:
- هاتلنا بقى يا حاجه العصير هنا وخدى الولاد بره فى الصاله يقعدوا يتكلموا مع بعض شويه
نهض عمرو من فوره فى سرعة وسعادة بينما وقفت عزة على مضض وخرج ثلاثتهم ...
جلست عزة على المقعد المواجه لغرفة الصالون حيث يقع عليها نظر والدها كما تم الاتفاق مسبقاَ معه وجلس عمرو على المقعد المجاور وذهبت والدتها للمطبخ لاحضار العصير التى كانت عبير قد أتمت أعداده وأعطته لوالدتها على الفور
خرجت من المطبخ ووضعت أكواب العصير امام عزة وعمرو وعادت لغرفة الصالون مرةأخرى
ظل عمرو يعصر ذهنه ليتذكر وصايا فارس ولكنه لم يتذكر شىء على الاطلاق فقرر أن يتصرف بنفسه ..فألقى نظرة على غرفة الصالون ثم نظر إليها يتفحصها وقال بصوت تسمعه هى فقط:
- أزيك يا وزه
ألتفتت اليه باستنكار فشعر أنه ارتكب جرماَ فقال بتلعثم:
- قصدى أزيك يا أنسه عزة
خفضت نظرها مرة أخرى وهى تقول:
- الحمد لله كويسه
مسح عمرو راسه وقال بتردد:
- طيب انا سامعك لو فى حاجه عاوزه تسالينى فيها
ألقت عليه نظرة خاطفه أنهتها سريعاَ وقالت بجديه:
- أنا كنت عاوزه أعرف بس أنت عاوز تجوزنى ليه واشمعنى أنا يعنى ؟؟
باغتته بالسؤال ..شعر بالارتباك وصمت قليلا وهو ينظر اليها ...فقالت :
- ايه مش لاقى أجابه ولا محرج تجاوب
رفع حاجبيه بدهشة وقال:
- يعنى ايه محرج أجاوب
أرتسمت على جانبى شفتيها ابتسامة ساخرة صغيرة وهى تقول:
- يعنى محرج تقولى أنك زيك زى شباب كتير عاوز يتجوز وخلاص ومش فارق معاك انا بالذات يعنى .. علشان كده محرج تجاوب ...صح؟
زال الارتباك الذى كان قد شعر به كلياَ وشبك اصابع كفيه امامه وهو يتكأ الى ركبتيه وقال بثقه:
- لا مش صح
فقالت بسرعه :
- أومال سكت ليه مكنتش محضر أجابه
هز راسه نفياَ وقال بثقة أكبر:
- لاء مش علشان مكنتش محضر اجابه ...علشان خايف اجابتى تسببلك أحراج
رفعت كتفيها وأخفضتهما سريعاَ وهى تنظر إليه قائلة:
- لا عادى ..مفيش أحراج ولا حاجه
نظر فى عينيها بعمق وقال بهدوء:
- علشان بحبك
أحمرت وجنتيها تلقائياَ وخفضت عينيها فتابع حديثه:
بحبك من زمان ..من زمان أوى ...من واحنا لسه فى الثانويه العامه..بالتقريب كده من ساعة ما مشاعرى ابتدت تتحرك أساساَ وأعرف الحب
كانت تستمع اليه فى توتر وحياء وتكاد تقطع شفتاها من كثرة الضغط عليها بدون وعى
فقال وهو مازال ينظر اليها ويتابعها حركاتها وسكناتها:
- عرفتى بقى مكنتش عاوز اجاوب ليه
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا ...كلماته ونظراته أخترقت خجلها وشعرت انه يرى قلبها من خلف ضلوعها وهو ينبض بعنف ويتابع أندفاع دماء جسدها كله من خلف شراينها إلى وجهها وراسها ...لامت نفسها على السؤال الذى طرحته والذى كان السبب فيما قال
كانت تعرف ان عمرو جرىء ومندفع ولكن لم تكن تعلم انه من الممكن ان يقول ما قال بهذا الشكل المفاجىء والصريح لابعد الحدود بل وكأنه كان يود أن تسأله هذا السؤال ليفصح عن مكنون قلبه ومشاعره تجاهها
فنهضت وقد تحشرج صوتها وهى تقول:
- طب عن أذنك
ودخلت فى سرعه فى أتجاه غرفتها وهى ترى ما حولها باللون الاصفر أو هكذا يبدو...
استقبلتها عبير وهى تنظر لوجهها بدهشه قائلة:
- جيتى بسرعه كده ليه هو أنتى لحقتى تتكلمى معاه
وضعت عزة كفيها على وجنتيها تتحسس حرارتهما وهى تقول باستنكار:
- لو كنتى سمعتى كلمه واحده من اللى قالهالى كان زمانك قمتى من بدرى
أبتسمت عبير وقالت بشغف:
- قالك ايه
نظرة لها عزة بخجل وقالت بخفوت:
- سألته سؤال واحد بس وياريتنى مكنتش سألت أحرجنى اوى يا عبير ووقالى..قالى بحبك من زمان
ضحكت عبير ثم وضعت كفها فوق فمها لتكتم ضحكتها وقالت:
- مش بقولك رخم ......
نظرت لها عزة بعتاب وقالت:
- فرحانه فيا يا عبير ماشى
عبير:أبدا والله بس مستبشره خير ..ها رايك ايه بقى
قالت عزة بشرود:
- مش عارفه يا عبير محتاره اوى ومش عارفه اقرر لسه
عبير:طب بقولك ايه أنتى تستخيرى الاول وبعدين تقررى وان شاء الله خير

غادر عمرو واسرته منزلهم وجلست والدة عزة وزوجها فى غرفتهم وهى تقول:
- ها يا ابو عبير رايك ايه
قال بتاكيد:
- مانتى عارفه انى معنديش مانع يا ام عبير المهم راى عزة كلميها وشوفى نرد عليهم نقولهم ايه
قالت بلهفه:
- لا كلمها أنت هى بتسمع كلامك
هز راسه نفياَ وقال :
- لاء هتكسف مني...انتى امها..كلميها واعرفى منها بالظبط رايها ايه ولو عاوزه وقت تفكر براحتها خالص الولد اصلا لسه قدامه شويه

دخلت والدة عزة غرفة بناتها وجلست بجوارهم لتعرف رايى ابنتها ولكنها وجدتها مرتبكه ولم تحدد رايها بعد ومازالت متردده فقالت لها عبير:
- خلاص يا ماما أحنا اتفقنا أنها تستخير الاول وبعدين نشوف
نظرت عزة الى والدتها وقالت برجاء:
- ماما انا عارفه انك انتى وبابا متحمسين لعمرو وبتحبوه بس من فضلكم متضغطوش عليا وسبونى افكر على مهلى
قالت والدتها بدهشه :
- ومين قالك انى جايه اضغط عليكى..انا جايه اعرف رايك بس مش أكتر
عزة:يعنى بابا مش هيضغط عليا علشان اقول رأى بسرعه؟
الام:لاء بالعكس ده هو اللى قالى أسيبك تفكرى براحتك وقالى انه مش مستعجل علشان عمرو لسه قدامه شويه على ما يجهز
نظرت لها عزة باستنكار وقالت بحنق:
- اومال لما هو مش مستعد دلوقتى مستعجل ليه وكان عمال يزن على بابا كل شويه
استندت والدتها الى ظهر السرير ورفعت حاجبيها وهى تقول مداعبه:
- أصله خايف حد تانى ياخدك منه
ضحكت عبير من اسلوب والدتها وطريقة القائها للعباره وشعرت عزة بالدماء تتصاعد لوجنتيها مرة اخرى...تباَ لهذا العمرو الذى يدفع الدماء الى راسها بين الحين والاخر بكلماته سواء ألقاها هو ام ارسلها لها عن طريق غير مباشر
***- ***- ***- ***- *
أنطفأت الانوار وخلد كلً الى فراشه وقد سكنت العيون ولكنها لم تستطع النوم جافاها النوم وعصتها عيناها فلم تستجب لها ظلت مفتوحةَ طوال الليل ...عبير...ولكن من هو الذى سيستنشق عبيرها المقيد بداخلها ومتى سيخرج للنور
...مابكى يا عبير لماذا تعانين ما هذه المرارة التى تشعرين بها ...بل وتتذوقينها على شفتيكِ ..لعلها مرارة الوحدة ..نعم هى ذاك..الوحدة التى تشعر بها رغم كل البشر حولها والاهل والجيرة الطيبه ..ولكن..هى أمرأة..أنثى رغم كل شىء..بداخلها طاقة حب لا تعرف كيف توجهها والى من تمنحها .هى أنثى أتمت الثلاثون من عمرها ومازال فراشها بارداً خالياً.. بل ومتجمد ولو أن لم تكن أختها تشاركها نفس الغرفه لشعرت انها ملقاة بالصحراء تكاد وحوش وحدتها تلتهمها وهى فريسة وحيدة...بلا مأوى ..فاين هى المأوى واين هو المستقر الدافىء ..نعم ملتزمه ومنتقبه ولكنها ليست متبلدة المشاعر ..متجمدة الحس..ليست جماد..ولكن ايضاَ ترفض أن تكون ريشة بمهب الريح لتحركها الشهوات كيف تشاء فتذهب مترنحه وتعود خاوية...فتتلمس ركعتين فى جوف الليل تناجى ربها ..يارب عجلى الخلاص والمفر

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#16

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

إظهار التوقيع
توقيع : ام طاطو
#17

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم

وقف عمرو أمام هذا المبنى الكبير الكائن فى أحد الأحياء الراقيه فى قلب القاهرة وتنقلت عيناه بين اللافتات الكثيرة فى ذاك المبنى ما بين لافتات عيادات أطباء كبار وبين شركات متنوعه أستيراد وتصدير ومقاولات وشركات هندسيه وهنا توقف نظره عند أحدى الافتات الكبيرة والتى من الواضح أنها تحتل أكثر من ثلاثة طوابق فى المبنى الكبير ...مشى ببطء داخل ردهة الشركة الهندسه الخارجيه يتأمل الفخامه والديكور المميز الذى يدل على ذوق رفيع وبذخ فى الانفاق..ظل يجول ببصره حتى سمع صوت أنثوى يقول بلباقة :
- أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى ؟؟
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأَ وقال:
- هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله :
- البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه:
- أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله:
- أهلا وسهلا يا بشمهندس ..أتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة:
- أنا البشمهندسه إلهام مديرة الشركة
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالساَ..كانت أمرأة فى العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المُتكلفة التى هى سلاحها الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت نظرته إليها استكشافيه لم تخلو من الفضول ولكن نظراتها هى قد تبدو مختلفة ومتباينة أكثر وذات معنى لم يفهمه عمرو للتو...
وأخيراً تكلمت وهى تتصفح ملفه الخاص الذى بين يديها قائلة:
- ملفك عاجبنى أوى يا بشمهندس ..ماشاء الله تقديراتك حلوه أوى وخصوصا فى العملى..مش ناقصه غير الخبره بس ..ودى سهله اوى ..هنا هتتعلم كل حاجه وخبرتك هتبقى أكبر مما تتوقع
قال عمرو بتلقائية:
- إن شاء الله يا فندم ..أنا اصلا بتعلم بسرعه والشغل معاكوا هنا مكسب لاى حد لسه متخرج زيى
أبتسمت فى رضا وضغطت أزرار هاتفها قائله وهى عيناها لا تفارق عمرو :
- أبعتيلى البشمهندس صلاح بسرعه
أغلقت الهاتف وهى مازالت تتفحصه بابتسامتها العذبه ..شعر عمرو بالحرج فقال:
- طيب أنا ممكن استنى بره مش عاوز أعطل حضِرتك اكتر من كده
أنتبهت لعلامات الحرج التى ظهرت على ملامحه فعادوت النظر الى ملفه مرة أخرى وهى تغلقه قائلة
- البشمهندس صلاح هيجى دلوقتى علشان يوريك مكتبك ويعرفك على زمايلك فيه...طرق الباب ودخل المهندس صلاح ...رجل فى أواخر العقد الخامس من عمره يظهر عليه الوقار والنشاط فى نفس الوقت ..دخل وهو يرمق عمرو بنظرات خاليه من أى تعبير وقال موجهاً حديث لألهام:
- خير يا بشمهندسه
قالت بترفع وهى تشير الى عمرو:
- البشمهندس عمرو مهندس مدنى هيبدأ معانا من النهارده وهيبقى تحت مسؤليتك يا بشمهندس
أومأ براسه لها ثم نظر الى عمر بأبتسامه ودوده قائلاً:
- أهلا بيك يا بشمهندس أتفضل معايا
نهض عمرو شاكراً أياها وتوجه فى سرعه للخارج وكأنه يهرب من وحش نظراتها الملتهمه
دخل حجرة مكتبه بصحبة المهندس صلاح الذى قال :
- إن شاء الله الشغل معانا هيفيدك كويس اوى فى بدايتك يا بشمهندس ..
رفع الزملاء نظرهم إلى القادم الجديد فأشار المهندس صلاح إليه قائلاً:
- البشمهندس عمرو هيبقى معاكوا فى المكتب من النهارده
ثم قام بتعريفهم لديه قائلا:
- البشمهندس أحمد،البشمهندس نادر
صافح عمرو زملاءه فى ترحاب شديد شعر به مع أحمد ولكنه شعر بعكسه تجاه نادر الذى صافحه ببرود وهو يبسم له بتهكم ..لم يوله عمرو أهتمام وجلسه خلف مكتبه وهو ينظر له وللكمبيوتر الخاص به بنشوة وسعادة ..كانت هذه هى المرة الاولى التى يشاهد فيها الكمبيوتر خارج أسوار الجامعه فهو لم يكن قد أنتشر فى هذا الوقت ليصل للجميع بعد......
***- ***- ***- ***- *
هتفت أم يحيى بصوت اشبه للبكاء قائلة بلوعة:
- أنا خايفه على البنت يا ست أم فارس ..أنا حاسه كده أن مخها متأخر عن سنها ..مش زى زمايلها فى المدرسه ابدا
نظرت لها أم فارس بدهشة كبيرة وقالت :
- ما تصلى على النبى كده يا أم يحيى أيه الكلام اللى بتقوليه ده..مُهره ذكيه وكنت بشوفها وفارس بيذاكرلها بتجاوب لهلوبه
تكلمت أم يحيى بحنق شديد وقالت بأنفعال:
- أومال ليه كل ما اقعد أقولها سمعى ولا أخلى أخوها يسألها سؤال مبترضاش تجاوب ..وغير كده البت زى ما تكون عبيطه كده وشعنونه مش عارفلها حاجه
وضعت أم فارس يدها على صدرها وقطبت جبينها قائله:
- عبيطه!!! بقى مهره عبيطه..لاء ده انتى شكلك متعرفيش بنتك كويس بقى....
قاطعها ان سمعت صوت قرع جرس باب الشقه فنهضت وفتحت الباب وقالت بترحاب شديد:
- أهلا يا عزة يابنتى تعالى
وقفت أم يحيى لمصافحة عزة ثم قالت بحرج :
- طب استأذن أنا بقى يا ست أم فارس
جلست أم فارس بجوار عزة وقالت بحنو:
- ها يا حبيبتى تشربى معايا قهوة ولا اجيبلك حاجه تانيه
تمسكت عزة بذراعها قبل أن تنهض وقالت بسرعه:
- لا يا طنط أنا مش غريبه وبعدين انا ماشيه على طول ..
ثم تنحنحت بحرج قائله:
- أنا بس كنت عاوزه أخد رايك فى حاجه كده
- خير يا عزة شكلك كده فى حاجه مهمه
شعرت عزة بأضطراب شديد أبتلعت ريقها بصعوبه وقالت:
- بصراحه يا طنط أنا جايه أخد رايك فى عمرو..أصلك ياعنى أتعاملتى معاه عن قرب اكتر مننا بحكم انه صاحب فارس من زمان يعنى
أبتسمت أم فارس وهى تنظر لعزة المطرقة براسها لاسفل..فهى تعلم أنها ما ارادت رايها وأنما أرادت راى فارس ..مازالت متعلقة بلأمل مازالت ترغبه ...تود أن يقول لها لا تتزوجيه أرفضيه فسأصبح لكى فى يوم من الايام ..
أفاقت أم فارس من شرودها على صوت المفتاح يدور فى باب الشقه ورأت فارس يدخل ويغلق الباب خلفه مبتسماً لهما وهو يقول:
- السلام عليكم ..أزيك يا عزة
أبتسمت عزة وهى تنهضت واقفةً فى حرج وقالت:
- وعليكم السلام أزيك أنت يا فارس أخبارك أيه
تعجبت عزة أنه لا ينظر إليها وهو يحادثها ولكن قلبها خفق بشدة واصفر وجهها حينما سمعته يقول:
- ولا بلاش يا ستى أناديكى بأسمك كده لعمرو يزعل ولا حاجه ..أنا بعد كده هقولك يا مدام عمرو بقى وأخلص ..
أخذت حقيبة يدها بضيق وهى تعلقها على كتفها وتقول بتبرم:
- أنا لسه مبقتش مراته علشان تقولى مدام عمرو ..
ثم أنحنت وقبلت أم فارس بسرعه وقالت لها وهى على عجلة من أمرها:
- معلش يا طنط اصلى أفتكرت حاجه مهمه عن اذنك
وخرجت سريعا وكأنها تهرول من بيته ..لا بل تهرول من صدى صوته التى مازال يتردد على مسامعها بكلماته التى أغضبتها وجعلتها تحسم أمرها سريعاً ..فلم تعد فى حاجه الى أن تستمع لرأيه فى شأن خطبتها من عمرو ..لقد أجابها دون سؤال
نظر فارس إلي والدته وهو يقترب منها متسائلا وقال:
- فى أيه يا ماما مالها عزة ؟!!
قالت والدته وهى تربت على كتفه :
- مفيش حاجه يابنى أدخل أنت غير هدومك على ما أحضرلك الغدا
دخل فارس غرفته ليبدل ملابسه ويلتقط انفاسه قليلا من عناء العمل بينما دخلت والدته المطبخ لتعد طعام وهى واجمة وتحدث نفسها قائلة فى شرود:
- وبعدهالك يا عزة هتفضلى متعلقه بحبال الهوا الدايبه لحد أمتى يابنتى ..والله لو كان عليا ماكنتش أسيبك ابداً لكن النصيب بقى
***- ***- ***-
فى اليوم التالى وفى المساء صدح رنين الهاتف فى منزل عمرو ..قامت والدته للرد على الهاتف ..تحدثت فى سعاده كبيرة وبعد أن أنهت المكالمه أتجهت الى حيث يجلس عمرو ووالده وأخيه محمود وقالت بابتهاج تبشرهم:
- مبروك يا عمرو يا حبيبى عزة أستخارت ربنا ووافقت وعاوزنا نروح علشان نتفق على معاد الخطوبه والذى منه
أتسعت عيني عمرو فرحاً وهو ينظر لوالدته قائلاً:
- بجد يا ماما عزة وافقت عليا
قالت والدته بزهو:
- هما كانوا هيلاقوا أحسن منك فين يا بشمهندس
ربت والده على كتفه قائلاً:
- مبروك يابنى
ألتفت عمرو إليه وعانقه بشده وهو يقول:
- يا حبيبى يا بابا
تأوه والده من عناقه المؤلم ودفعه عنه قائلاً:
- فى ايه يا بنى هو حد قالك انى مش أبوك ولا ايه
ضحك أخيه محمود وهو يقول بعبث:
- ومالك فرحان كده ليه ده أنت هتخش القفص برجليلك يا حلو
أمسكه عمرو من خديه مداعباً هو يقول:
- خاليك فى الثانويه الجملى بتاعتك دى
ثم قبض كفيه وهو يشبكهما فى بعضهما البعض وينظر اليهم جميعا بسعاده ويقول:
- الحمد لله ربنا حققلى أغلى حاجه كنت بتمناها
ثم جلس بجوار والده وهو يقول بحرج:
- بابا حضرتك عارف طبعا انى أستلمت شغلى الجديد وأن شاء الله مرتبى هيبقى كويس أوى البشمهندس صلاح طمنى من الناحيه دى
قاطعه والده وهو يتفحصه قائلا:
- عاوز تقول ايه هات من الاخر
قال عمرو بسرعه:
- والله يا بابا هردهوملك أول ما اقبض
ألتقت نظرات والده بوالدته الحائرة فقال فى ثقه :
- متقلقيش يا أم عمرو أنا عامل حسابى ...
ثم نظر الى عمرو وقال مطمئناً:
- متحملش هم أنا كنت عامل حساب اليوم ده من فتره وشبكة عزة عندى
***- ***- ***- **
كان الجميع يعمل فى صمت كلُ يرتب أوراقه ويدون ملاحظاته عليها حتى وضع فارس قلمه على مكتبه وأغلق أوراقه ثم مسح وجهه بكلتا يديه مزيلاً لآثار التعب والارهاق البادى على وجهه وقال موجهاً حديثه لـ حسن:
- يالا يا حسن علشان ننزل نصلى العشاء
رفع الجميع راسه إليه وقال حسن:
- هبقى أصليها لما أروح البيت يا فارس متحبكهاش كده العشاء ممدوده
نهض فارس وأتجه إليه واغلق الملف أمامه وقال باصرار:
- افضل وقت العشاء قبل الثلث الاول ما ينتهى وبعدين أنت كده هيفوتك ثواب الجماعه يالا بقى نلحق الاقامه فى المسجد
نهض حسن على مضض وهو يقول:
- أمرى لله أدينى قايم يا سيدى
قالت نورا بأبتسامه رقيقه:
- طب وأحنا يا أستاذ فارس مش المفروض نصليها دلوقتى ولا ايه
قال فارس دون أن ينظر إليها :
- لو قفلتوا الباب وضامنين محدش يدخل عليكم صلوا لكن لو ممكن حد يدخل ويشفكم وأنتوا راكعين ولا ساجدين يبقى تستنوا لما تروحوا البيت أحسن ...على رأى الشيخ حسن العشاء ممدوده...
نظرت لها دنيا بغيرة واضحه مخلوطه ببعض التهكم وأنتظرت حتى خرج فارس وحسن ثم قالت:
- بقيتى تهتمى أنتى يا نورا بمواعيد الصلاه وكده
التفتت إليها نورا بدهشه قائلة:
- أنا بهتم بيها من زمان ..أنا بصلى من زمان الحمد لله
أبتسمت دنيا ابتسامة صفراء وهى تعيد نظرها للأوراق مرة أخرى
كان باسم يعلم ميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لاداء فريضة العشاء فى المسجد ..أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه..حضرت إليه كما أراد فاشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلاً:
- كل سنه وأنتى طيبه يا دنيا مش عيد ميلادك النهارده برضه
نظرت إليه بدهشه قائله:
- وحضرتك طيب بس عرفت ازاى أن عيد ميلادى النهارده
قال بثقه زائدة:
- اللى بيهتم بحد ..بيحب يعرف عنه كل حاجه
أخرج علبه متوسطة الحجم من درج مكتبه وقدمها لها قائلاً:
- أتفضلى هديتك
نظرت إلى العلبه مندهشه ولمعت عيناها من المفاجأة وقالت:
- ايه ده تليفون محمول مره واحده
علت الابتسامه شفتيه وهو يقول:
- ده اقل حاجه ممكن تتقدملك...
قال عبارته هذه وهو يتفحصها بجرأته المعهوده
شعرت بالخجل من نظراته وقالت بأرتباك :
- بس انا اسمع أنه بيبقى مع رجال الاعمال بس علشان شغلهم يعنى ..أنا بقى هعمل بيه أيه
- لا ده كان أول ما نزل مصر بس دلوقتى أبتدى ينتشر شويه وبعدين يا ستى علشان لما أحب أطمن عليكى ...أصلك لسه مردتيش عليا فى موضوع الشغل وأنا خلاص يومين وماشى من هنا وعاوز أعرف أكلمك وقت ما أحب
لم تكن كلماته تحمل معنى آخر نظرت الى العلبة بين يديها سعيدة بها وحائرة هل تقبلها أم لا إنها هدية ليست بالبسيطه وفى نفس الوقت ماذا ستبرر ذلك لفارس ...وكأنه قرأ أفكرها التى ظهرت جلية فى عينيها وهى تنظر للعلبه فقال باصرار:
- أنا مش هتنازل عن أنك تقلبيها ..
ألتفتت إليه فقال:
- وبعدين يا ستى لو خايفه من الاحراج مش لازم تقولى أنى أنا اللى ادتهولك ..
وكأنه أعطاها المخرج من تلك الورطه فابتسمت وهى تقول:
- متشكره أوى يا أستاذ باسم على الهدية القيمه دى الحقيقه دى أغلى هديه جاتلى فى عيد ميلادى
مد يده ليصافحها قبل أن تخرج وضغط على كفها بين أصابعه برقه وقال:
- دى حاجه بسيطه بالنسبه للى جاى لو وافقتى تشتغلى معايا
أبتسمت بأرتباك وتوتر وهى تسحب يدها من يده ببطء قائله بخفوت:
- هشوف كده ربنا يسهل
خرجت دنيا من حجرة مكتب باسم مسرعة وهى تخشى أن يكون قد عاد من صلاة العشاء ولكنها أسترخت وهى لا ترى فى الحجرة سوى نورا فقط والتى كانت منكبه على عملها بأهتمام
حشرت العلبة فى حقيبه يدها عنوه ووضعتها تحت مكتبها الخاص حتى لا تلفت الانتباه بأنتفاخها وواصلت عملها بنظرات زائغه وكأن شيئا لم يكن
عاد فارس وحسن من صلاة العشاء وجلس كل منهما خلف مكتبهم ولكن نورا لم تنسى تحيييه بابتسامه قائله:
- تقبل الله
- منا ومنكم
نظر حسن الى الجميع بأهتمام وقال وكأنه سيدلى بمعلومه سرية:
أنتوا عرفتوا يا جماعه أن الاستاذ باسم هيسيب الشغل هنا ويفتح مكتب خاص بيه
قال فارس دون أن يرفع نظره إليه وكأن الامر لا يعنيه:
- أيوا عارفين ربنا يصلح حالنا جميعا
قالت نورا بأهتمام :
- تفتكروا مين اللى هيمسك أدارة المكتب مكانه يا جماعه
أكمل حسن حديثه وكأنه لم يستمع إليها قائلا:
- طب عارفين أنى هروح معاه
نظر له فارس بأستنكار وقال:
- ليه يا حسن أنت هنا بتاخد خبره أكبر وبتتعلم من الدكتور حمدى
قال حسن بتهكم وهو يشير الى حجرة باسم:
- وهناك هاخد فلوس أكتر
ردت دنيا بحماس وكأنها قد وجدت من يعينها ويفكر مثلها:
- برافو عليك ده تفكير منطقى جدااااا
ألتفت فارس بأستنكار وقال بضيق:
- تفكير منطقى أزاى يعنى ..الفلوس مش كل حاجه
أومأت نورا موافقه لكلامه وقالت:
- ده صحيح الخبره مستقبلها اكبر من المرتب بكتير ..
ثم ألتفتت الى حسن وهى تتابع حديثها:
- وبعدين يعنى الفرق مش هيبقى كبير
عقد حسن ذراعيه أمام صدره وقال مخالفا:
- ولو جنيه واحد زياده هيفرق معايا...وبعدين أنتوا مش ملاحظين ان الشغل هنا ابتدى يقل ..وأخفض صوته وهو يستطرد قائلا:
- والدكتور كمان مبقاش يجى كتير
قال فارس بأنفعال:
- ده علشان الدكتور مبيقبلش قضايا المخدرات والقضايا المشكوك فيها يعنى على الاقل يا أخى ضامن ان مرتبك من فلوس حلال
أبتسم حسن بسخريه وهو يفتح ذراعيه قائلا:
- أهلا الشيخ فارس وصل
هب فارس واقفا بغضب واشار له محذرا وقال:
- ألزم حدودك معايا يا حسن وأتكلم باسلوب أحسن من كده
وقفت نورا مسرعه وهى تقول منفعله:
- أيه يا أساتذه صلوا على النبى كده وأهدوا ..كده صوتنا هيوصل للدكتور
أسندت دنيا رأسها الى كفيها وهى تنظر إليهم مشتتاً أفكارها وهى تقول فى نفسها:
- أمال لو قلتله أنى عاوزه أروح أشتغل معاه هيعمل فيا أيه

أوت إلى فراشها ليلاً وهى تمسك بالهاتف النقال فى يد وبالكتالوج فى اليد الاخرى محاولةً فك طلاسم هذا الهاتف وهى تتمتم بسخريه:
- ايه الجهل اللى أنا فيه ده
وفجأه صدح رنينه بين يديها تفاجأت وهى تنظر لاسم باسم تضىء به شاشة هاتفها وهمهمت قائله:
- انا مسجلتش اسمه ..معقوله يكون مديهولى وهو مسجل اسمه عليه
ترددت لبرهه ثم قررت الرد وقالت بصوت متلعثم:
- الو
- ها التليفون عجبك
- اه جميل بصراحه..ميرسى اوى
- مبروك عليكى ...طيب يا ستى أنا قلت بس أقولك تصبحى على خير
- وأنت من أهله
أغلقت الهاتف وهى تنظر له وتقلبه بين يديها وهى واجمةً وتفكر فى الخطوة القادمه
كيف ستفاتح فارس فى الامر وكيف ستكون ردة فعله تجاهها
***- ***- ***- ***-
أستيقظ فارس قبل الفجر بساعه وهو يمد يده ويطفىء ساعته المنبهه التى تصدح يوميا فى مثل هذا الموعد معلنةً عن وقت صلاة القيام ...تململ فارس فى فراشه وهو يشعر بأجهاد شديد وكأنه لم ينم الا منذ لحظات قليله معدودة ولكنه جاهد نفسه وهب واقفاً بدون تفكير حتى لا يفكر فى العودة الى النوم مرة اخرى ويغلبه كسله وأجهاده ...توضأ وعاد الى غرفته جلس وهو ممسكأ بالمصحف وقرا ورده الليلى منه ولكنه شرد بعقله وهو يفكر فى عمله ولا يعلم لماذا راودته صورة وهو فى حجرة مكتبه بين دنيا ونورا..فشعر بالاستنكار لهذه الصورة وبانقباض قلبه لها ..كيف أجلس كل هذا الوقت بين فتاتين وخصيصا أن حسن هو الاخر سوف يترك المكتب للعمل مع باسم هذا سيكون مدخل من مداخل الشيطان ومدعاة للفتن ..كيف لم يفكر فى هذا الامر من قبل لماذا لم يطلب من الدكتور حمدى سابقا ان يفصل بين النساء والرجال فى مكتبه
كيف تجلس النساء كل يوم كل هذه الساعات من العمل بصحبة الرجال الزملاء فى العمل ..من الاكيد سيحدث أعتياد وألفه وترى المرأة زميلها فى صورة متالقه غير التى ترى بها زوجها فى البيت يوميا وكذلك سيفعل الرجال سيرون زملايتهم فى ابهى صورة يوميا.. من الملابس وطريقة المعاملات واسلوب الكلام غير التى يرى بها زوجته فى المنزل رغم أن الفارق كبير ..فهذه فى عملها وهذه بأطفالها ومسؤلياتها ولكن
الشيطان لن يقول لهما هذا... أنما سيجمل زميلته وزميلها فى عينيهما وسيصور لهما أنهما الافضل والاجمل وسيطفى عليهما صفات خياليه أخرى تجعل الالفه والاعتياد لهما مفهوما اخر
وضع المصحف جانباً ووقف يصلى القيام واطال فيه حتى ركع وأطال فى الركوع حتى سجد ولاول مره يشعر بسجود قلبه مع سجود جبهته أطال السجود وهو يشعر بحلاوته التى يتذوقها بقلبه وجوارحه أغمض عينيه وهو يدعو لا يريد ان يفارق تلك السجدة التى وجد حلاوتها فهى له الدنيا بما فيها ووجد نفسه يدعو..اللهم جنبنى الفتن ما ظهر منها وما بطن ،اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ،اللهم خذ بيدى إليك أخذ الكرام عليك
لم يستطع أن يرفع راسه ابدا الا عندما سمع صوت أذان الفجر ينتشر فى الارجاء ..أنهى فارس صلاته وقد قرر ان يفاتح الدكتور حمدى فى امر فصل الرجال عن النساء حين عودتهم للعمل

***- ***- ***- **

دخلت والدتها لتوقظها فى الصباح فوجدت الهاتف النقال بجانبها فأخذته وظلت تنظر إليه بأمعان وتتفحصه وباليد الاخرى توقظ دنيا وتهزها هاتفةً بها:
- قومى يا دنيا ايه اللى جاب التليفون ده معاكى
نهضت دنيا متكاسله وهى تتثائب فتحت عيونها فوجدت امها تمسك هاتفها النقال بين يديها وتقلبه متسائلةً:
- بتاع مين ده يا دنيا
أنتزعته من يد والدتها وهى تقول برجاء:
- الله يخليكى يا ماما مش عاوزه بابا يعرف ليقعد يحقق معايا وجبتيه منين ومجبتيهوش منين
نظرت لها والدتها بشك وقالت:
- وانا يعنى مش هسألك
قبلتها دنيا على وجنتها وقالت :
- انتى مامتى حبيبتى مش هتعقديلى الدنيا زى بابا
أبعدتها والدتها عنها قليلا وبرفق قالت:
- طب جاوبينى مين اللى أدهولك
- أستاذ باسم مدير المكتب اللى حكتلك عنه قبل كده أنه عاوز ياخدنى معاه مكتبه
- وجابهولك بمناسبة ايه ده
- بمناسبة عيد ميلادى يا حبيبتى
صمتت والدتها قليلا فقالت دنيا متوتره:
- ايه يا ماما سكتى يعنى
- مش عارفه مش مرتاحه
عانقتها دنيا وقبلتها مرة أخرى وهى تنهض من الفراش قائله بثقه:
- متقلقيش يا حبيبتى انا عارفه انا بعمل ايه كويس وبتعامل مع الناس أزاى
نظرت والدتها إليها وقد خرجت من الغرفه ثم ألتفتت الى الهاتف الملقى على الفراش وشردت تماما ولاول مره تشعر بالقلق حيال تصرفات ابنتها
***- ***- ***- ***- *
ويوم الخميس وفى المساء كان منزل عزة مهيأ لتلك المناسبة المبهجة للأسرتين حفلة خطوبة عزة وعمرو
كانت الحفله بسيطه ينعزل فيها الرجال عن النساء نوعا ما فالنساء فى الصالون والرجال فى الخارج يفصل بينهما بابا لا يكاد ينغلق من كثرة الحضور..لذلك أحتفظت عبير بنقابها حتى لا يراها احد دون أن تشعر
لم يكن هناك شخص أسعد منه فى تلك اللحظه..اللحظة التى طوق خاتم خطبته اصبعها وأخيرا اصبحت خطيبته واخيرا اصبحت له...لم يكن بحاجه الى التعبير عن سعادته فلقد تكفلت عيناه بهذا الامر مما جعل عزة تشعر بتأنيب الضمير لانها لا تبادله نفس مشاعره ولا حتى جزء منها غير الاحترام وفقط
كان فارس يجلس مع الرجال فى الخارج وفجأة شعر بمن يهزة من الخلف نظر خلفه فوجد مُهره ابتسم كعادته كلما رآها واستدار إليها فى جلسته ودون ان يقف فأقتربت من اذنه وهى تشير الى محمود أخو عمرو وهى تقول :
- ألحق يا فارس الواد الرخم ده بيضايقنى
نظر فارس إلى حيث تشير ثم نظر إليها مرة أخرى متعجباً وقال:
- بس هو شافك أزاى اصلاً علشان يضايقك
نظرت له بغضب ومطت شفتاها وقالت:
- انت كمان بتتريق عليا ماشى يا فارس
قال مداعباً:
- طب متزعليش بقى خلاص انا هقوم أكسرلك عضمه ..
ثم حك ذقنه وهو يقول:
- بس قوليلى هو ضايقك ازاى يعنى خد منك حاجه
حركت راسها نفيا وقالت:
- لاء بيقولى شعرك حلو اوى
نظر لها بدهشه ثم تصنع الجديه والغضب وهب واقفا وهو يقول:
- طب استنى هنا انا هروح أكسرهولك
تقدم فارس من محمود أخو عمرو وهى تتبعه كظله وقال مداعباً له :
- أنت يا أخ أنت بتعاكس خطيبتى ليه
ضحك محمود وهو يقول:
- خطيبتك ايه يا ابيه فارس بقى الاوزعه دى خطيبتك
صاحت مُهره من جواره بغضب:
- بس متقولش أوزعه
أمسكه فارس من شعره كما يفعل به دائما كلما رأه وقال له:
- عارف لو شفتك بضايقها تانى هعمل فيك ايه ..هحلقلك شعرك اللى فرحان بيه ده زلبطه
ثم ألتفت الى مُهره واشار لها آمراً وقال بجديه :
- اتفضلى يا هانم اقعدى جوه مع الستات ايه اللى مطلعك وسط الرجاله
أستدارت مُهره وهى تنظر الى محمود بانتصار وشماته ودخلت عند النساء كما أمرها فارس
قال فارس لمحمود:
- أنت من صغرك كده هتقعد تعاكس البنات اومال لما تكبر شويه هتعمل ايه ..وبعدين ملقتش الا مُهره يعنى دى تجرسك فى كل حته يابنى
قال محمود : بصراحه يا ابيه فارس أنا ناوى اخطبها لما تكبر
- والله ..وانت بقى هتستناها لما تكبر
- وفيها ايه يا ابيه انا رايح تانيه ثانوى وهى رايحه تانيه أعدادى يعنى قريبين من بعض
أمسكه فارس من كتفه وقال بجدية:
- بقولك ايه يا محمود أنت فى مرحله حرجه دلوقتى يعنى تركز فى مذاكرتك أحسن يابنى علشان تعرف تدخل كليه محترمه..وبعدين يعنى اشمعنى مُهره دى شعرها أطول منها
- ماهو ده اللى عاجبنى فيها يا ابيه
كتم فارس غيظه وهو ينظر إليه شاعرا بتفاهته وقال:
- هو انا واقف معاك ليه اصلا ..
ودفعه قائلا :
- امشى يلا من هنا


وقفت أمرأة بجوار عبير عن قصد وقالت بتشفى :
- عقبالك يا حبيبتى
نظرت لها عبير بود وقالت :
- جزاكى الله خيرا يا طنط عقبال بناتك يارب كده لما تفرحى بيهم
ضحكت المرأة وهى تنوى أغاظتها وقالت:
- بناتى ..انا بناتى أتجوزوا من زمان يا حبيبتى مفيش واحده فيهم قعدت لبعد العشرين ..عقبالك انتى بقى
صمتت عبير ولم ترد فقد شعرت فى نبرة المرأة شىء غير مريح فآثرت الصمت حتى لا تحدث مشكله تعكر صفو خطبة اختها ولكن المرأة لم تصمت ولم تتوقف وقالت:
- هو أنتى عديتى التلاتين ولا لسه يا عبير
بدون شعور منها وجدت العبرات طريقها الا عينيها حاولت منعها حتى لا تشمت بها تلك المرأة أكثر فرفعت يدها وأنزلت البيشه على عينيها فوق النقاب وهى تقول:
- لا لسه يا طنط عن أذنك
مرت بهدوء لتخرج من غرفة الصالون ولكن والدتها نادت عليها قائله :
- اطلعى يا عبير هاتى صندوق حاجه ساقعه من بره البقال باعتهم على السلم
خرجت بسرعه فى طريقها للباب الخارجى للشقه وهى تحاول دفع دموعها للتراجع ولكن بلا جدوى حتى أنعدمت الرؤيا تماما لديها وأختل توازنها وهى تحاول حمل الصندوق ولم تشعر بشى ألا وهى تسقط من اعلى درجات السلم وفقدت الوعى تماما ..

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
#18

افتراضي رد: رواية مع وقف التنفيذ , للكاتبه مشاعر غالية

الفصل الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم


وقفت عزة فى حضن والدتها تبكى بمراره ولم تكن أمها بها من القوة ما يجعلها تخفف عنها كل ما استطاعت أن تفعله هو أن تدعو الله بقلبها ألا تكون عبير قد اصيبت بسوء ...أقترب عمرو منهما وقال لعزة بعتاب :
- مش كده يا عزة المفروض أنتى اللى تقوى مامتك وتخففى عنها
بكت عزة بقوة أكبر وهى تقول :
- مش قادره أمسك نفسى يا عمرو خايفه على عبير أوى
خرج الطبيب من حجرة الكشف وتبعته الممرضه تدفع الترولى أمامها التى رقدت عبير فوقه ما بين النوم واليقظه قال الطبيب فى عجلة من أمره
- مش كده يا جماعه وسعوا شويه لازم أعملها اشعه على رجلها حالا
تشبث والدها بالطبيب وقال بصوت متهدج وهم يسرعون خلفه:
- طب طمنا عليها طيب قولنا أى حاجه
طمأنهم الطبيب قائلاً:
- متقلقوش هى كان مغمى عليها من اثر الوقعه وانا فوقتها والالم كله فى رجلها هنعمل الاشعه ونشوف
ربت فارس على كتفه من الخلف مطمئنا وقال :
- متقلقش ان شاء الله خير ..
ثم اشار الى الجميع قائلا:
- تعالوا طيب اقعدوا فى أستراحة المستشفى لحد ما تخلص الاشعه
قالت الام بعصبيه:
- استراحه ايه ومين ليه نفس يستريح ودونى عند أوضة الاشعه دى عاوزه أعرف بنتى مالها
أومأ فارس براسه متفهما وقال محاولا أحتواء الموقف:
- طيب مفيش مشكله تعالوا نستناها هناك
أسرعت الام السير وهى مازالت متشبثة بذراع عزة التى كانت تحث الخطى بجوار أمها ووالدها ...أنحنى عمرو على أذن فارس خلفهم وقال بأعتذار:
- متزعلش يا فارس أنت مقدر طبعا الحاله اللى هى فيها
نظر له فارس معاتبا وقال:
- ايه اللى بتقوله يا ده عمرو ...طبعا مقدر وفاهم الله يكون فى عونهم
أنتظر الجميع فى الخارج حتى خرج إليهم الطبيب وهو يحمل صور الاشعه وقد ظهرت على وجهه علامات البشرى وقال:
- متقلقوش يا جماعه الموضوع مش خطير الحمد لله
قال الاب بلهفه:
- يعنى مفيهاش حاجه يا دكتور طمنا الله يخليك
وقف الطبيب امامهم يحاول ان يخفف من وقع كلماته وقال:
- بصوا يا جماعه وقعه زى دى كانت ممكن تأذى العمود الفقرى لكن الحمد لله العمود الفقرى كويس محصلش كسور غير فى الرجل اليمين
ضربت أمها على صدرها وشهقت وهى تقول:
- بنتى رجلها أتكسرت
ربتت عزة على كتفها وهى تكفكف دموعها قائله:
- الحمد لله يا ماما أنها جات على قد كده بيقولك العمود الفقرى كان ممكن يتاذى
تابع الطبيب قائلا:
- أحنا دلوقتى هنحط الجبس ومش أقل من 3أسابيع علشان نشيله وبعديه كمان هنبدأ فى العلاج الطبيعى برضه مش اقل من شهر
شعر الاب بوهن شديد ووخذ فى صدره ولكنه تماسك وقال بضعف:
- يعنى دلوقتى هى هتتجبس ونروح على البيت ولا ايه
الطبيب: لازم تبات هنا يومين على الاقل وبعدين تاخدوها وتروحوا بالسلامه
خرجت الممرضه تدفع عبير أمامها وما أن رأتها والدتها ملقاه على الترولى وهى مستقيظه حتى أندفعت أليها وأوقفت الممرضه وهى تقول لها بلوعه:
- حمد لله على سلامتك يابنتى ياريتنى ما كنت قلتلك اطلعى هاتى الصندوق من بره
كانت عبير تشعر بالالم فى جميع انحاء جسدها من اثر السقطه التى سقطعها من أعلى السلم حاولت أن تخرج صوتها متماسك ولكنها لم تنجح بشكل كامل فى ذلك وقالت :
- متقلقيش يا ماما انا كويسه قدر الله وماشاء فعل أدعيلى أنتى بس..
لم تلاحظ عبير وجود عمرو وفارس لم تكن ترى الا امامها فقط فقالت لوالدها
- بابا فى حد شافنى
قالت عزة حانقه:
- انتى فى ايه ولا فى ايه يا عبير دلوقتى
أعادت عبير سؤالها مرة اخرى على والدها فقال :
- متقلقيش يا بنتى وشك كان متغطى لحد ما جيتى المستشفى ودخلتى اوضه الكشف
قالت الممرضه وهى تدفع الترولى مرة اخرى :
- يا جماعه كفايه كده الدكتور مستنى لما تخلص ابقوا أتكلموا زى ما أنتوا عاوزين
سار الجميع خلفها مرة اخرى وسمعوا عبير تسأل الممرضه قائله:
- هو انا كان مغمى عليا ؟؟
قالت الممرضه وهى تسير بسرعه:
- ايوا
- مين اللى فوقنى ..؟؟
- الدكتور
- كشف وشى ؟؟
- طبعا أومال هيفوقك ازاى
شهقت عبير وهى تضع يدها على وجهها وبدأت فى البكاء وهى تسترجع قائله:
- إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة الا بالله
تقدمت والدتها وقالت بلهفه:
- مالك يا بنتى حاسه بألم ولا حاجه
قالت عبير من بين دموعها:
- ياريت تيجى على ألم رجلى يا ماما الدكتور شاف وشى ولسه طبعا علشان يجبس رجلى لازم هيشوفها ويمسكها لا حول ولا قوة الا بالله اللهم أنك تعلم اننى لا ارتضى ذلك ولكنى مكرهة عليه
تركت الممرضه الترولى وفتحت باب غرفة الطبيب ثم عادت لتدفع الترولى داخلها ولكن عبير استوقفتها قائله :
- والدى هيدخل معايا
تقدم والدها وهو يقول:
- متقلقيش يا بنتى انا جاى معاكى
قالت الممرضه بأصرار:
- مينفعش حد يكون موجود وبعدين ما انا معاكى يا ستى
قالت عبير بحسم:
- لو والدى مدخلش معايا مش هدخل ومش هجبس رجلى
خرج الطبيب الذى كان يستمع إليهم وقال:
- طيب خلاص سبيه يدخل معاها مش مشكله
دخلت هى ووالدها وأغلق الباب جلست عزة بجوار والدتها وقد تحسنت حالتهما كثيرا
ووقف عمرو بجوار فارس الذى كان يستمع الى كل تلك الحوارات وشعر بالاعجاب الشديد حيال عبير وتصرفاتها ...سار قليلا الى آخر الممر حتى وصل للنافذة المطله على حديقة المشفى
وأتكأ إلى السور فراى بعض أهالى المصابين يخرجون من المشفى متوجهين للخارج ومن بينهم بعض الفتيات الاتى يرتدين الملابس الضيقة منها والمفتوحة نوعا ما فشعر بالدهشه وهو يغض بصره عنهن وقال:
- سبحان الله واحده رجلها مكسوره وبتتألم ألم محدش يعرفه غير اللى حصله كسر قبل كده ورغم كل ده حريصه على ان محدش يكون كشف وشها ولا شافها ومضايقه ان الدكتور هيشوف رجلها المسكوره وهيجبسها وبتعيط ..رغم انها فى حالة ضروره ومفيش قدامها حاجه تانيه...وبنات تانيه نازلين من بيتهم بارادتهم ايديهم ورجليهم مكشوفين سواء بالعريان او الضيق اللى مجسم جسمهم ..وعادى جدا مش حاسين بأى حاجه ولا بأى مشكله ثم ابتسم بسخريه وهو يتمتم:
- لا و الواحده منهم لما تيجى تكلمها تقولك منا محجبه أهو.. زى ما يكون حد قالها الحجاب أنك تغطى شعرك وتعرى جسمك ..صحيح والله هناك نساء وأشباه نساء .....
فى هذه اللحظه تذكر خطيبته دنيا وعزم على أمر ما بداخله
***- ***- ***- ***- **
أنهى باسم جميع متعلقاته فى مكتب الدكتور حمدى مهران وتركه نهائياً وأخذ معه حسن للعمل معه فى مكتبه الخاص وفى نفس اليوم دخل الدكتور حمدى المكتب ولكنه لم يذهب مباشرة الى مكتبه وانما مر بالحجرة الاخرى الخاصه فارس ونورا ودنيا ..أطل براسه وقال موجهاً حديثه لفارس:
- تعالالى يا فارس شويه عايزك
نهض فارس واقفاً وذهب خلف الدكتور حمدى وترك دنيا ونورا تنظران اليه وعلامات الاستفهام تطل من اعينهما بوضوح..دخل حجرة مكتب الدكتور حمدى خلفه وسمعه يقول وهو يجلس خلف مكتبه:
- اقفل الباب وراك يا فارس
أغلق فارس الباب خلفه وجلس قبالته وهو ينظر إليه بأهتمام وهو يتوقع التكليف بقضية مهمه من ضمن القضايا التى يكلفه بها ولكنه فوجىْ به يقول:
- أنت هتمسك ادارة المكتب مكان الاستاذ باسم
أتسعت عيناه دهشة فهو لم يكن يتوقع ابدا أن تسند إليه مثل هذه المهمه فى هذا التوقيت المبكر
وقال:
- ايوا يا دكتور بس ..
قاطعه الدكتور حمدى قائلا بجديه :
- انت طلعت كارنيه ابتدائى ولا لسه ؟؟
أومأ فارس براسه وقال:
- ايوا طلعته
فقال الدكتور حمدى:
- مبروك يا سيدى عقبال الاستئناف والنقض كمان..
ثم اردف متابعاً:
- متقلقش من حاجه الموضوع اصلا مش محتاج حاجه يعنى مش مسؤليه زى ما انت فاهم وبعدين القضايا مبقتش كتير زى ما أنت شايف
أطرق فارس براسه لبرهة من الوقت صمت خلالها يفكر ثم رفع راسه وقال:
- بس أنا مش اقدم واحد فى المكتب فى ناس أقدم مني
ابتسم الدكتور حمدى وهو يقول بثقه:
- بس انا بثق فيك أنت...
ثم نظر امامه وكانه شرد قليلا وهو يقول:
- وبعدين انا بحضرك لحاجه كبيره بس مش دلوقتى
حاول فارس أن يتكلم متسائلا عن الامر ولكنه قاطعه مرة اخرى قائلا:
- رسالة الماجيستير قدامها قد ايه وتخلص
فكر فارس قليلا وكأنها يجمع الاوراق امام عينيه وقال:
- ان شاء الله كام شهر وأنتهى منها
هز راسه مبتسماً وهو يقول:
- طب يالا بقى على مكتبك الجديد..
خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى بمشاعر مضطربه ما بين السعادة والخوف من المسؤليه الكبيرة التى ألقاها أستاذه على كاهله ووجد نفسه يهتف داخله متضرعاً:
- يارب وفقنى أنا محتاجلك اوى يارب
دخل حجرته فنهضت دنيا على الفور تقول متسائله:
- خير يا فارس الدكتور كان عاوزك ليه
ابتسم فارس وهو يأخذ نفساً عميقا ثم قال:
- الدكتور كلفنى بأدارة المكتب بدل الاستاذ باسم
شهقت دنيا فرحاً وهى تضع كفيها على وجنتيها وهتفت بسعادة:
- معقوله ..ألف مبروك يا حبيبى
نظرت إليه نورا بعينين لامعتين ما بين الفرحة والاسى فهو لم يعد يشاركهم نفس الحجرة مستقبلا فلن تراه الا عندما يطلبها فقط للعمل وقالت:
- مبروك يا استاذ فارس تستاهلها والله ..بس خلى بالك بقى الناس القدام اللى هنا مش هيعجبهم
قال فارس بجديه:
- انا قلت كده للدكتور لكن هو مصمم
قالت دنيا بحماس :
- ولا يهمك محدش يقدر يعملك حاجه
كان قد أنتهى من جمع بعض أوراقه فأنصرف قائلاً:
- طيب عن اذنكم يا أساتذه ..سلام عليكم ..
وقبل أن يخرج توقف وكأنها قد تذكر شىء ذات اهميه وقال:
- لو سمحتى يا دنيا تعاليلى كمان ساعه كده عاوزك ضرورى
أبتسمت دنيا وهى تتابعه وهو يخرج من الحجرة ثم نظرت إلى نورا بغرور ..تجاهلت نورا نظرات دنيا وعادت لعملها وهى تشعر بالقهر تجاهها لم تستطع نورا حبس مشاعرها اكثر من ذلك وهى تشعر بنظرات دنيا الثاقبه ...وبرد فعل عكسى نهضت واقفه ونظرت إليها نظرات مشابهه وتوجهت لحجرة مكتب فارس الخاصه ..طرقت الباب ودخلت عندما سمعته يعطى الاذن بالدخول..وقفت فى حيرة من أمرها لا تدرى ماذا تقول ..فقال فارس بهدوء لا يخلو من الدهشه:
- فى حاجه يا استاذه نورا
وبحركة تلقائيه كادت ان تغلق الباب ولكنه أستوقفها قائلا:
- لو سمحتى سيبى الباب مفتوح
دلفت للداخل وجلست قبالته وقالت بتوتر:
- استاذ فارس ..أنا عارفه أنك مشغول أوى بس أنا...أنا بجد مخنوقه أوى ومحتاجة أتكلم معاك
ترك فارس مافى يده من ملفات وقال ببطء متسائلا:
- خير فى حاجه مضايقاكى ..فى الشغل
قال كلمته الاخيرة تلك وهو يضغط حروفها جيدا وهو يعلم ماذا يقول وماذا يقصد
فرفعت نظرها إليه متعجبه وقالت باستنكار:
- غريبه اوى أنت كنت بتسمع لمشاكلى كلها وبتحاول تلاقيلى حل مهما كانت نوع المشاكل دى
أستند فارس إلى سطح المكتب وهو ينظر لكفيه ويقول :
- عارف يا استاذه نورا..بس أنا عرفت أن ده كان غلط ..مش غلط انى أحللك مشاكلك ..لاء..لكن الغلط فى حد ذاته أنى أخلى زميله ليا تشوفنى على أنى سوبر مان اللى مفيش مشكله بتقف قدامه ...وأنتى أغلب مشاكلك متعلقه بخطيبك وبعلاقتكم مع بعض وخصوصا المشاكل العاطفيه ومع الاسف انا مكنتش منتبه لما كنت بقعد اقولك ان خطيبك غلطان فى كده وكان لازم يعمل كده ومكنش المفروض يتصرف بالشكل ده فى الحكايه دى وكلام زى ده كتير كان بيتقال..وده طبعا كان ممكن يبقى باب فتنة ليكى كبيرة أوى..
بيتهيألى لو حكيتى لبنت زيك هيكون افضل وهنسد باب الفتن دى من أولها لاخرها
قطبت جبينها وقالت فى حرج :
- بس يا استاذ فارس حضرتك عمرك ما قلتلى كلمه وحشه علشان تقول كلمة فتنة دى
ابتسم فارس وهو مازال غاضا بصره عنها:
- ايوا مكنتش بقول ..بس الشيطان مش هيسيبك فى حالك هيفتحلك الف باب وباب ويهيألِك انى محصلتش.. والحقيقه انى بشر زى اى بشر بغلط وبتوب بتكلم حلو ووحش زى كل الناس لكن لما بنشوف المشكله من بره بيبقى حكمنا وطريقة كلامنا غير اللى عاشها فعلا
وقفت وهى تقول بحنق وقد شعرت بكلماته تغوص بداخلها لتخرج ما به من انفعالات وقالت بضيق شديد:
- متشكره اوى يا استاذ فارس على تنبيهك ده ..عن اذنك
خرجت من حجرته حانقةَ عليه وعلى نفسها دخلت لتتوضأ وعادت لحجرتها فى المكتب لتصلى فى أحد اركانه وتلكأت فى جلستها حتى نهضت دنيا ودلفت إلى مكتب فارس
وبنفس الطريقه اشار لها أن تبقى الباب مفتوحا
جلست امامه فى سعادة بالغه وهى تقول:
- مبروك مره تانيه يا حبيبى تستاهلها بجد
أخذ نفساً عميقا وهو يغمض عينيه وزفر فى بطء وهدوء ثم قال:
- دنيا أولا مينفعش تقعدى تقوليلى يا حبيبى والكلام ده ..متنسيش أننا لسه مخطوبين
مطت شفتاها بتبرم وهى تقول:
- وثانيا ؟
قال بسرعه:
- وثانيا بقى ياريت يعنى علشان خاطرى تغيرى طريقة لبسك دى ومتنسيش أنى كلمتك كتير فى الحكايه دى
- يوه بقى يا فارس أنت كل شويه هتطلعلى حاجه شكل مش عاجباك فيا
- يعنى أنتى شايفه ان لبسك ده صح
قالت بعناد وضيق:
- ايوا صح وبعدين دى الموضه
- حتى لو كانت الموضه دى مترضيش ربنا
- يعنى عاوز ايه دلوقتى يا فارس
- عاوز لبسك تنطبق عليه صفات الحجاب الشرعى لا يصف ولا يشف ومش ملفت للنظر
صاحت فى غضب وهى تهب واقفه:
- ما تقولى البسى خيمه أحسن
- أنتى زعلانه انى بغير عليكى وعاوزك تبقى ماشيه فى الشارع مستوره وربنا راضى عنك
تبرمت فى حنق وجلست مرة اخرى ولم ترد أو بمعنى اصح تقلب الامر فى راسها فهى معتاده على ذلك لا ترفض ولا توافق قبل أن تفكر ايهما يأتى بأقل الخسائر..صمتت قليلا ثم قالت:
- طيب سيبنى بس لما اقبض علشان اعرف اشترى لبس جديد علشان انا معنديش لبس غير اللى مش عاجبك ده
أبتسم لموافقتها وقال:
- بسيطه كلها كام يوم ونقبض ...
شعرت أنه يحاصرها وقالت فى نفسها بضيق :
- كام يوم..
قاطع حديثه الخاص وقال بابتسامه اكبر:
- وعلى ما الكام يوم دول يخلصوا مش هينفع طبعا أسيبك تمشى كده فى الشارع ..
ثم أخرج بعض المال وقدمه لها قائلا:
- معلش ده مبلغ بسيط بس هيكفى ان شاء الله تجيبى طقم بسيط كده على ما نقبض
نظرت للمال ثم نظرت إليه بضيق وهى تقول:
- حتى الكام يوم مش عاوز تسيبنى براحتى فيهم وبعدين شكرا يا سيدى هاخد فلوس من بابا
- أومال ليه بتقوليلى استنى لما اقبض
زفرت فى غضب هاتفةً:
- يووه بقى يا فارس ....حاضر حاضر حـــااضر

***- ***- ***- ***-
جلست نورا على مقعدها خلف مكتبها وهى تدفن راسها بين كفيها وتستعيد كلمات فارس الذى ألقاها عليها منذ قليل كمن يلقى دلواً باردا فى ليل الشتاء القارص على قلبها بلا رحمه أو شفقة
ولم تعد تدرى اهو يقصد صالحها كما قال أم يتهرب منها ومن مشاكلها التى غطت اذنيه منذ عملهما معاً...كانت تريد أن تختلى بنفسها قليلا بعيد عن أعين الناس ..نهضت وأخذت حقيبتها وبدون أن تستأذن للأنصراف خطت بسرعه خارج المكتب مسرعة لا تعبأ بالسؤال عنها حين ملاحظة غيابها ..بل لم تعبا بالدنيا كلها كانت مرتبكة قلقه تتردد كلماته على قلبها قبل عقلها فحثت السير أكثر كأن شبحا يطاردها
***- ***- ***- ***- *
تقوقعت نورا فى فراشها وهى تحتضن قدميها إلى صدرها وهى تفكر فيما قاله لها اليوم وتفكر فيه بعمق وتحادث نفسها قائله
- مش عارفه معاه حق ولا لاء ..بس ..بس أنا فعلا فى الاول كنت بتكلم معاه على أنه زميلى وبس لكن مع كل مشكله كان بيحلهالى كنت بحس أنه هو ده اللى بدور عليه ..وكنت بندم على أنى مقابلتوش قبل خطيبى قبل ما نكتب الكتاب ..
أستلقت على أحدى جنبيها وهى تقول:
- مقدرش أغلطه ..لانه للاسف معاه حق ..انا فعلا من كتر من اتعودت عليه وعلى طريقة كلامه اللى كانت بتفتحلى السكك المقفوله لقيت نفسى بحبه من غير ما اقصد وبقارن بينه وبين خطيبى من غير ما اقصد وقلبى بيبعد عنه برضه من غير ما اقصد وبيقرب من فارس غصب عنى ...ألقت راسها على الوسادة وهى تفكر فى حل لما وقعت فيه بدون ارادة منها وقالت بضيق :
- ياريتنى كنت حكيت لبنت زيى على الاقل كنت هفضفض معاها من غير ما يحصل اللى حصل ده جوايا....
تململت فى الفراش كتململ العصفور المبلل بماء المطر حتى استسلمت للنوم وقد قررت أن تقف مع نفسها بحسم وتصرف عن قلبها صورة فارس الهُلاميه التى صنعتها له بيديها ... صورة الرجل المتكلم الذى لا يخطىء أبدا ...وتضع مكانها صورة خطيبها وحبه لها لتستطيع أن تعيد حياتهما كما كانت سابقا لتجعل منه مددا لها لعلها تفيق مما هى فيه وتشعر بهذا الرجل الذى أهملته كثيرا بأوهامها السابقه.....
***- ***- ***-
طرق عمرو باب مكتب ألهام ودخل وأغلق الباب وكالعاده رأى ابتسامتها الواسعه المرحبه به بشكل دائم وفى كل الاوقات ..وقفت أمامها وهو يقول:
- خير يا بشمهندسه حضرتك بعتيلى
أشارت إليه بالجلوس وهى تقول :
- تشرب أيه الاول
نظر إلى ساعته وهو يقول بحرج:
- أنا اسف مش هينفع أصل عندى شغل هخلصه وهمشى على طول عندى ارتباطات مهمه
نظرت إليه متفحصه بجرأة وقالت بهدوء:
- أيه عندك معاد غرامى ولا أيه
رفع نظره إليها بدهشه من جرأتها وتدخلها فى شئونه الخاصه بها الشكل السافر وقال على الفور:
- لا معاد غرامى ايه أنا مش بتاع الكلام ده ..
ثم اردف سريعاً:
- خير يا بشمهندسه فى حاجه فى الشغل
تابعت وكأنها لم تسمعه وقالت:
- أومال رايح فين
زادت دهشته من اهتمامها الزائد به وقال :
- ابدا رايح أجيب أخت خطيبتى من المستشفى مع والدها
أتسعت عيناها ونظرت ليده فلم تلحظ الدبله الفضيه فى يده قبل ذلك وقالت متوتره:
- ايه ده هو أنت خاطب من امتى أنا مشوفتش دبله فى ايدك أول مره جيت هنا
زفر بطريقة لم تلحظها وقال بضيق :
- أنا لسه خاطب من يومين بس
هزت راسها بعصبيه وهى تنقر على سطح مكتبها وتقول:
- ده أنت كنت مستنى لما تشتغل بقى علشان تخطبها ..ايه قصة حب ولا ايه
تحرك من مقعده قليلا وهو ينظر لساعة يده ويقول :
- حاجه زى كده ...طيب انا مضطر استأذن دلوقتى
نظرت إليه بحده وهى تقول بجديه:
- ساعات العمل الرسميه لسه مخلصتش يا بشمهندس ..
ثم ابتسمت ابتسامه صفراء وهى تقول:
- لسه نص ساعه
أستند الى ظهر مقعده وظل صامتا فقالت بحنق:
- هو أنت متعود تمشى قبل المواعيد ولا أيه
حاول أن يغلب الغضب بداخله وقال دون ان ينظر اليها:
- انا مكنتش همشى قبل مواعيدى يا بشمهندسه ..أنا قلت لحضرتك فى الاول انى ورايا شغل عاوز أخلصه قبل ما أمشى
هبت واقفة وقالت بتعالى:
- طب اتفضل خلص شغلك يا بشمهندس أنا عندى أجتماع
نظر إليها متعجبا من تصرفاتها المتناقضه فهو لم يطلب الدخول إليها أو الجلوس معها من الاساس فلماذا تفعل ذلك ولكن على كل حال تنهد فى أرتياح وهو يغادر إلى مكتبه
كسرت القلم بين يديها فى غضب وهى تنظر للفراغ الذى كان يحتله منذ دقائق
***- ***- ***- **
دخل عمرو مكتبه وتوجه على مكتبه الهندسى الخاص به تحت نظر زميله نادر الذى كان يرمقه متبرما لاستدعائها المتكرر له فى مكتبها الخاص ووجد نفسه يقول بسخريه:
- أتأخرت ليه يا روميو
نظر له كل من عمرو وزميلهم الثالث أحمد وقال عمرو فى أنفعال:
- بتكلمنى انا
قال نادر متهكما:
- هو فى روميو تانى هنا
ترك عمرو ما فى يده وقال له محذرا فى غضب شديد:
- أنا بحذرك تكلم معايا بالطريقة دى تانى أنت فاهم ولا لاء
كان يتوقع أن يهاجمه نادر ولكنه وجده يقول بسخريه وهو ينظر لاحمد:
- شفت يا عم أحمد طبعا ما هو مسنود من فوق بقى
صاح عمرو بغضب مرة أخرى قائلا:
- بقولك اتكلم معايا كويس أحسنلك
حاول أحمد تهدئة الوضع بينهما ووقف يهتف بهما:
- ميصحش كده يا جماعه
ثم نظر لنادر معاتبا وقال بضيق:
- وبعدين معاك يا نادر ده احنا زمايل وفى مكتب واحد يا أخى مش كده
نظر لهما نادر بسخرية وأعاد نظره الى عمله مرة اخرى دون ان يتفوه بكلمة أخرى وكأنه كان يختبر أعصاب عمرو هل هو سريع الغضب أم لا
ربت احمد على كتف عمرو قائلا بهدوء:
- معلش يا بشمهندس خاليها عليك المره دى
قال عمرو وهو يرمق نادر بعينيه :
- ياريت الناس كلها فى أخلاقك يا بشمهندس أحمد ..
دقائق من الهدوء سادت فى المكتب وكل منهم يتابع عمله حتى ينتهوا منه قبل مواعيد الانصراف
***- ***- ***- ***-
قطع عمرو بوابة المشفى مسرعا الى الممر ثم الى المصعد ومنه الى غرفه عبير وعندما وصل وجد والدها فى الخارج ينتظر خروجهم من الغرفه وفارس يقف خلفه يحمل حقيبة ملابس صغيره لعبير كانت بصحبتها فى المشفى
فقال بأنفاس متقطعه وهو يلهث:
- انا اسف والله أتأخرت غصب عنى ربنا ينتقم من اللى كان السبب
قال والد عبير بحنو:
- براحه يابنى خد نفسك وبعدين أحنا لسه ممشيناش أهو
جلس عمرو الى المقعد القريب منهم وهو يقول:
- هو الدكتور جوه ولا ايه
ابتسم والد عبير وهو يقول:
- هو لو الدكتور جوه كنت أنا هبقى هنا ليه يا بشمهندس
قال فارس بمزاح:
- طول عمرك ناصح على فكره
تابع والد عبير وهو يضحك على كلمات فارس قائلا:
- عزة ووالدتها معاها بيجهزوها علشان نمشى
أقتربت الممرضه وهى تدفع الكرسى المتحرك امامها ودخلت غرفة عبير وبعد دقائق قليله
خرجت تدفع الكرسى فهب عمرو واقفا وهو يقول مشفقاً:
- حمدلله على سلامتك يا انسه عبير
وكذلك قال فارس :
- حمد لله على السلامه
قالت عبير وهى تخفض نظرها عنهما:
- الله يسلمكم جزاكم الله خيرا
***- ***- ***-
عادت عبير إلى منزلها بصحبة عزة وعمرو ووالدها ووالدتها بينما استأذن فارس للعوده الى عمله مرة أخرى ....دخلت غرفتها بصحبة والدتها وأختها عزة ..استراحت على فراشها وسمعت عزة تقول:
- أجيبلك تاكلى يا عبير ولا هتنامى
- لا يا حبيبتى انا هنام شويه اصلى مكنتش عارفه انام فى المستشفى خالص
- منا عارفه مبتعرفيش تنامى بره البيت يا حبيبتى
تدخلت والدتها قائله:
- سيبى اختك تنام وأطلعى اقعدى مع خطيبك شويه ميصحش كده
نظرت عزة إلى عبير تستنجد بها فقالت عبير بسرعه:
- يا ماما مينفعش تقعد معاه لوحدها ده لسه خطيب مش زوج
نهضت والدتها وجذبت عزة من يدها وهى تدفعها تجاه الباب وتقول:
- أبوكى قاعد معاه بره مش هتقعدى معاه لوحدك يالا ياختى وخدى معاكى كوباية عصير فى ايدك الراجل واقف معانا من بدرى
خرجت عزة وهى تنظر تحت قدميها ان صحت العباره.. نظر عمرو اليها بطرف عينيه وشعر بخفقان قلبه كما يحدث له دائما عند رؤياها ...وضعت الكوب على الطاوله امامه وهى تقول بخجل:
- أتفضل ...
تابعها بعينيه حتى جلست على مقعد آخر يبعد عنه بعض الشىء فقال والدها:
- اختك عامله ايه دلوقتى
- الحمد لله يا بابا ..سبتها تنام وترتاح
قال الوالد وهو يهز راسه راسه بأسى :
- والله منا عارف هتقعد فى الجبس 3 اسابيع ازاى وبعديهم كمان علاج طبيعى وشغلانه
تدخل عمرو قائلا:
- متقلقش يا عمى ان شاء الله خير وبعدين متقلقش من حكاية العلاج الطبيعى دى ..فارس يعرف دكتور كويس اوى وقريب من هنا جدا
خفق قلبها عند سماعها أسمه واشاحت بوجهها بعيدا حتى لا يرى أحد علامات تاثرها بادية على وجهها ..ساد الصمت للحظات قطعه والدها قائلا :
- منور يا بشمهندس
تنحنح عمرو بحرج وقال وهو ينهض واقفا :
- ده نورك يا عمى ..طيب أستأذن انا بقى
وقفت عزة ووالدها الذى قال بتصميم:
- لا والله ما ينفع ده أنت لسه داخل حتى ملحقتش تشرب حاجه
ابتسم عمرو بمودة وهو يقول:
- معلش يا عمى مره تانيه ان شاء الله
نظر إليها والدها وقال آمراً:
- وصلى خطيبك يا عزة
أحمر وجهها بشدة وهى تنظر لوالدها وكادت أن ترفض ولكنه وجدت علامات الجديه على وجهه فتراجعت عن الرفض وقالت وهى تشير لعمرو :
- اتفضل يا بشمهندس
توجه والدها للداخل وتركهم عند باب الشقة المفتوح وقف عمرو بالخارج وهى بالداخل تنظر الى الارض كانت تتصور ان يلقى السلام ويغادر ولكنه لم يفعل...وقف ينظر اليها وكل خلجه من خلجاته تنطق بالحب ليس نظراته فقط وما كانت عيناه الا مرآة يمر الحب خلالهما وينساب بدون أن يشعر ليسكن فى عينيها عندما رفعتهما اليه لترى سبب صمته الذى طال فأخفضت عينيها حياء منه ومن نظراته وهى تقول بخفوت :
- فى حاجه يا بشمهندس
قال بنفس خفوتها وابتسامته تملىء وجهه :
- على فكره أنا اسمى عمرو ..هه
قالت دون ان تنظر اليه :
- فى حاجه يا عمرو
خفق قلبه لنطقها اسمه وابتسم فى سعاده و ...قاطعت نظراته وافكاره ورفعت راسها فجأه وقالت بجديه:
- على فكره مينفعش تبصلى كده ..عن اذنك
تراجع للخلف بدهشه وأغلقت هى الباب وسمعته يقول من خلفه:
- يخرب عقلك قطعتى لحظه رومانسيه بنت لذينه
وخبط كفا بكف وينزل درجات السلم وهو يهتف:
- ايه شغل الجنان ده
أبتسمت رغما عنها وأتجهت للداخل ..لا تعلم لماذا تزداد أعجابا به يوما عن يوم رغم أنهما لم يتقابلا الا مرات معدوده ولكنه فى كل مره يثبت انه أهلا لها ولتحمل المسؤليه عن جداره تستحق الاحترام رغم صغر سنه بالمقارنه ببعض الرجال الذين تعدوا الثلاثون ولكنهم لا يشغلهم من الحياة الا أنفسهم ورغباتهم فقط ..فالايام لا تغير البشر ولكنها فقط تنزع القناع عنهم

إظهار التوقيع
توقيع : صفاء الحياة
أدوات الموضوع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 6 سلمى سالم4 القرآن الكريم
ملف لروايات كامله بأقلام عدلات الذهبيه, روايات حصريه بالعدولات ,شاركينا بروايتك السفيرة عزيزة أقلام عدلات الذهبية
مشاعر الذنب,التغلب علي مشاعر الذنب,كيف نواجه مشاعر الذنب ربي رضاك والجنة العيادة النفسية والتنمية البشرية
مخطوبة مع وقف التنفيذ ربي رضاك والجنة فتيات تحت العشرين
نجيب محفوظ ريموووو شخصيات وأحداث تاريخية


الساعة الآن 02:14 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل