السلام عليكن حبيباتي العدولات
الليلة ساروي لكن قصة حقيقية حدثت لي شخصيا من تسع سنوات. فمتابعة شيقة معي.

في العشرين من شهر يونيو من عام ألفين و خمسة و بالظبط يوم الاثنين صعدت والدتي الى غرفتي بالطابق الاول و هي تجهش بالبكاء . تسللت الى الداخل و نادتني بصوت منخفض . كان الوقت ليلا او فجرا لا اذكر جيدا كل ما اذكره هو اني كنت مستلقية و استيقظت على وقع همسها لي:
-نادية، نادية! استيقظي!
افقت و سالتها ماذا تريد.
-اريدك ان تعطيني عطرا ان كان لديك. لقد نظفت انا و اختك زينب و اخوك مصطفى و بقية ابناء الجيران بيت عبد القادر ، لكن الرائحة النتنة لا تزال تسود على ارجائه. اريد ان اعطره كي تختفي.
سحبت من حقيبة يدي قنينة مزيل الرائحة- لاني لا اتعطر الا نادرا- و قد كانت جديدة اذ اني ابتعتها قبل ذلك الوقت بيوم واحد فقط.
خذي امي. اريدك ان تكمليها و لا تبقي فيها قطرة. لا اريدك ان ترجعيها.
اخذت والدتي القنينة و هرولت بها الى بيت جارنا المحتضر ،عبد القادر، المريض بداء السل.
كان عبد القادر في سن يقارب الاربعين و هو اخو اختي زينب من الرضاعة . كان يحب اطفال الحي و يعطف عليهم الا انه كان مدمنا على الكحول بشتى انواعه مما جعله يصاب بداء السل. بصراحة كنت أمقته كثيرا و لا احب ذكر اسمه على مسامعي اطلاقا. ربما لانه تلفظ بالاستغفار ذات مرة حين خرجت لارمي النفايات و لم اكلمه. اظنه كان يراني متكبرة و لم يعلم باني لا احب الكلام مع كل اولاد الجيران و ليس هو فقط.... المهم هو ان سماعي لاستغفاره آلمني كثيرا و صرت اكرهه من ذلك الوقت....
عطرت والدتي منزله باكمله و رغم ذلك لم تفرغ القنينة تماما و اعادتها الي. و كنت مجبرة على استخدامها الى حين شرائي لاخرى في وقت وجيز.
يومين قبل ذلك شممت صباحا رائحة حلويات في غرفتي نزلت و اخبرت والدتي بذلك فاخبرتني بان هنالك مخبزة فتحت في الحي المجاور الا اني استبعدت الفكرة.
-اصعدي الى غرفتي و اشتَمّي الرائحة ... و كأن احدا كان يخبز الحلويات بها ....
في تلك الايام كنت أصلي كثيرا و أٌكثر من النوافل و التسبيح و التأمل في ملكوت الله سبحانه و تعالى، وكان ابن اختي الاصغر - ذو السنتين او الثلاث من العمر انذاك- يقوم بافتكاك هاتفي المحمول من يدي و يكتب ارقاما غريبة ثم يرجعه إلي. و مرة تاملته جيدا فوجدت عليه رقمين على اليمين ثم فراغ فرقمين او ثلاث على اليسار. تعجبت يومها للفراغ الذي تركه بين الارقام مما جعلني احفظ ما كتب.....

يتبع

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nanouna7 (المشاركة 1058077) لا يا حبيبتي ليست من خيالي و ان شككت بصحتها فلا داعي ان تكملي قراءة المتبقي منها

جميلة جدا نفسى اعرف باقى القصة

كان على الاستمارة رقمان على اليمين ثم فراغ لملء مقدار المال المراد سحبه فرقمان او ثلاث على اليسار. و بما ان الدينار يساوي الف سنتيم كان علي تدوين الرقم مائتين و خمسون الفا.
-خذ عمي الحاج ورقتك، لقد اتممت ملءها لك.
استلم مني الشيخ استمارته مبتسما و قد امطرني بوابل من عبارات الشكر و الامتنان و الادعية الحسنة لوالداي، ثم انصرف مغادرا بعدما سحب ماله.
ملأت استمارتي و سحبت مالي و أومأت براسي لوالدتي الجالسة بان ننصرف فنهضت و خرجنا متجهتين نحو سوق المدينة الجديدة بعد ركوب الباص طبعا!
لا اذكر ماذا اشترينا يومها. كل ما اذكره هو انه كان يوم اربعاء مشمس و جميل جمال ايام الصيف الحارة...
تجولت مع والدتي بين ازقة السوق المكتضة بالباعة و الزبائن على حد سواء الى ان تعبنا. و نحن نتمشى جال بخاطري ان اشتري سلسلة ذهبية صغيرة لازين بها عنقي. انذاك كان سعر الغرام الواحد من الذهب يساوي الف دينار و قد تبقى معي الفان و خمسمائة اي مائتان و خمسون الف سنتيم. لم يكن المبلغ كافيا لشراء سلسلة ذات الثلاثة غرامات فعزمت على ادخاره و شراء السلسلة في وقت لاحق...
عدت انا و والدتي ادراجنا في حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا و نحن منهكتين لكثرة ما صلناه و جلناه. كان حيّنا ذلك اليوم مليئا بالرجال الذين حضروا لقراءة فاتحة ابنة الجيران. و رغم اجواء الفرحة، سادت الكآبة ارجاء الحي و ارتسم الحزن على وجوه ابنائه، وهذا بسبب افتقادهم لوجود عبد القادر المريض المحتضر بينهم و كذا حالته الصحية الميؤوس منها.
في المساء تزينت البنات و جئن من كل حدب و صوب لمشاركة العروس فرحتها التي لم تتم ...فما إن اطلقوا العنان للموسيقى و الزغاريد اذا بسيارة الاسعاف تتوقف لينزل اخو عبد القادر منها متجهم الوجه و عيناه تفيض بالدموع و راح النحيب و العويل يتردد في اصداء المنزل المجاور لنا ....

في انتظار التكملة

السلام عليكم عدولاتي الحبيبات. اليكن بالجزء الخامس و الذي يتضمن ليلة الرعب التي عشتها انذاك. عسى ان استطيع وصف ما حدث لي على اكمل وجه حتى تتمكن من الشعور بذلك تماما مثلما شعرت به.

* * *

مات عبد القادر بالمستشفى بعد ان ادخل اليه للمرة الثانية، و قد استلم جثته اخوه الوحيد الذي يصغره بسنتين او ثلاث.
اسكت قدوم الجثة اجواء البهجة التي كانت تسود بيت ابنة الجيران عنوة؛ اذ و في ثوان اجتمع حشد غفير حولها بين مصدوم بالخبر و اخر باك يضرب راسه بكفه، و اخرى نائحة تلطم الخدود.
و بدل الخيمة التي نصبت لاستقبال الرجال نهارا لقراءة الفاتحة و النسوة المتزينات مساء لحضور العرس نصبت خيمة خضراء اخرى لاستقبال العزاء ليلا...
اصبح بيتنا شبه خاو تلك الليلة . و رغم ذلك لم افكر بالخروج الى بيت اخ الميت اين قبعت النسوة و تعالى صراخهن و عويلهن بين جالسة تبكي و اخرى تتمرغ و تلطم و تشق الجيوب. بقيت وحيدة بالطابق الارضي و قد انهمكت بغسل مواعين العشاء. لما اتممت تنظيف المطبخ، فكرت بتجهيز الحمام لاغتسل من الحيض كي اعاود اداء صلاتي فجرا، بعدما تاكد طهري تلك الليلة. الا ان اصوات النسوة النادبات المتواصل على الميت عكر مزاجي و دفعني الى التدخل لايقافه. قررت الخروج اخيرا! مررت بالبيت الاول اين تركت الجثة لوحدها ثم دخلت البيت الذي يليه.
صعدت السلم و اتجهت صوب والدتي التي كانت تنوح الى جانب ام عبد القادر -ام اختي زينب من الرضاع- و نهرتها بسبب فعلها المشين دون ان اشعر.:
ماهذا؟ حرام عليكن! ادعو له بالغفران و الرحمة بدل الصياح و الندب عليه! فما تفعلونه الان قد يزيد من عذابه و سيحاسب عليه.
لكن لمن تقرا زابورك يا داود!. سكتن قليلا لاني فاجاتهن بحضوري -فانا لا ادخل عند الجيران الا نادرا- ثم واصلن بعدها النحيب. سئمت من الموقف فغادرت المكان عائدة ادراجي الى دارنا. حاولت ان اسلي نفسي قليلا، الا اني لم افلح فراودتني فكرة الاغتسال من جديد. نزلت الى الحمام و تركت الحوض يمتلئ بالماء الساخن كي يتعالى البخار منه. لكن كان علي الصعود مجددا الى غرفتي لاحضار لوازم الاستحمام منها. صعدت خمس درجات السلم الاولى و استدرت لاكمل صعود البقية الا اني تذكرت شيئا فجاة:
- ترى كم اقدم لهواري لمساعدته في اعباء جنازة اخيه؟
في تلك اللحظة تعرضت لوسوسة شيطان جامحة، و قررت العدول عن الفكرة.
قلت في قرارة نفسي:
- و لما اقدم مالا من اجل شخص سكير افنى حياته عابثا بصحته ؟!!
و ما ان هممت بصعود الدرجة الموالية اذا بي احس بشيء مرعب اعجز عن وصفه. احسست بروح خلفي: روح صارخة و لم يكن هنالك صوت و بزمهرير شديد صادر منها و لم يكن هنالك ريح!
هالني ما شعرت به و دفعني رعبي الى الصعود نحو الاعلى دفعا، فاتجهت مهرولة صوب غرفتي.
لقد فهمت الرسالة التي وجهت الي: كان علي ان احمل حافظة نقودي و انزل بها لأتصدق بكل ما فيها من مال -مائتين و خمسين الف سنتيم...

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nanouna7 (المشاركة 1077634) هههههههه صحا و اسئلة الفروض شكون اللي يكتبهملي اليوم؟ انتي يا حنونة؟

السلام عليكم حبيباتي العدولات. اسفة لاني تاخرت في الكتابة و هذا لاني مريضة فارجو منكن غض الطرف عن الاخطاء التي قد ارتكبها و هذا لاني محمومة. اليكن بدون اطالة الجزء السادس من القصة:

* * *

خرجت من المنزل و انا ابكي رعبا و هلعا. اتجهت يمينا صوب باب البيت الاول الذي كان لعبد القادر و بدأت انادي:
-هواري ، هواري!
عاد إلي صدى صوتي و لم يُجبن احد. كان البيت فارغا و لم تكن به إلا جثة الميت رغم ان بابه كان مفتوحا. نزلت من عتبته و حاولت اكمال السير الى البيت المجاور إلا اني فوجئت بقدوم زوجة هواري باتجاهي متسائلة:
-ما بك يا نادية ؟
-اين هو هواري ؟ اريد رؤيته.
و ما كدت انهي كلامي حتى قدمت امي هي الاخرى من منزل اخ الميت لما سمعتني اكلم زوجته . حضر الي هواري مهرولا و لكني حينها كنت قد عدت الى منزلنا و التف بي الكل في المطبخ لما رأوني ابكي.
-ها يا نادية! اخيرا بدأت بالبكاء على عبد القادر!
لقد ظنت امي المسكينة اني حزينة على فراق الميت و لم تكن تدري اني كنت انوح تلك اللحظة من هول الصدمة.
عانقني هواري كفاية لأتوارى عن انظار الحاضرين فاستغللت فرصة عدم رؤيتهم لي و اطبقت كف يدي اليمنى التي كان بها المال على كف يده و همست اليه:
-خذ! هذه امانة من اخيك.
استلم مني هواري المال دون ان يشعر به احد ممن التفوا حولي رغم قربهم الشديد منا.
و بعد مواساتي لبعض الوقت تفرق الجميع عني، فمنهم من غادر عائدا الى بيته و منهم من بقي و جلس بصحبة والدتي في الصالة لإتمام السهرة الى الفجر و كانت ام الميت من ضمنهم. في حين دخلت انا الى الحمام لاستحم فالفجر قارب على الطلوع.
و انا استحم شعرت و كان احدا ما يقف امامي و يراقبني فاستغفرت و قرأت المعوذتين و اتممت غسلي و لم اكترث كثيرا فكل ما كان يهمني في تلك الاثناء هو الا يدركني الفجر و ان اؤدي الصلاة في وقتها...
افقت على جلبة وضوضاء النسوة اللائي كن في طابق منزلنا الارضي. لقد باتت معظمهن و نمن في الصالة و استيقظن باكرا.
عجبا! لقد رأى عبد القادر في ايامه الاخيرة ان جنازته ستقام في بيتنا و ها هي تحقق رؤياه بعد موته!
كان بيته و بيت اخيه بيتا واحدا و لما توفي والدهما تقاسمانه، اذ اخذ عبد القادر الطابق السفلي و وضع له بابا اما هواري فقد كان نصيبه الطابق العلوي. و بما ان البيت كان مجزءا لم يكن ليكفي استقبال كل النسوة اللائي قدمن من اجل التعزية و المواساة.
و ما هي إلا لحظات حتى سمعت بكاء ابن اختي الصغير عبد الحق يتردد من الغرفة المقابلة ...

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nanouna7 (المشاركة 1085469) تعيشي مهدية يا احلى هدية. راني نحس بنفس احساسي اللي كان في هادوك الايام

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nanouna7 (المشاركة 1085557) ما راكيش حابة تعرفي سبب شمي لريحة الحلويات قبل موت ابن الجيران؟

السلام عليكم حبيباتي العدولات في كل مكان و اليكن و بدون اطالة بالجزء السابع

* * *

في تلك الحقبة، و كما أشرت سابقا، كنت ارى الكثير من الرؤى و اخاف كثيرا حين اراها لأنها كانت تتحقق امام مرأى عيناي بمجرد استيقاظي دونما معرفة مني بتفسيرها . فذات مرة مثلا رأيت امرأة بلباس مزركش و جميل، و ما ان فتحت عيناي و نزلت الى الصالة – قاعة استقبال الضيوف - حتى رأيت نفس المرأة جالسة تتحدث الى اختي زينب ، كانت صديقتها. لكن الرؤيا التي رايتها قبل موت عبد القادر بأيام كانت مختلفة نوعا ما، فانا لا ازال اراها تتحقق الى الان. كنت حينها مهووسة بمصحف اهداه لي صديق من العاصمة تعرفت اليه عن طريق احدى الصحف. كتب محمد اسمه و عنوانه على احدى الجرائد لمن يرغب مراسلته للحصول منه على عناوين لجامعات بدول اجنبية و عند مراسلتي له لأول مرة كان يظن باني غير ملتزمة ، فأهداني الى جانب هذا المصحف الجميل العناوين و كتيبات صغيرة عن الاسلام و التوحيد مما دفعني الى مراسلته للمرة الثانية لأخبره باني محجبة و باني قد ارتديت الحجاب في سن الخامسة عشرة و باقتناع دون اي ضغوط عائلية، فاغتاظ للأمر و لم يراسلني بعدها...
ذات يوم فتحت مصحفي، قرأت بعض الايات و لشدة حبي له احتضنته و انا مستلقية على جنبي الايسر فغفوت بدموعي و رأيت فيما يرى الرائي حشدا كبيرا من الناس يطوفون بصنم كبير أبيض - فسرته فيما بعد بسفري البعيد بعدها بأشهر- استغربت ذلك الامر فتركتهم و رحت ارى مناظر طبيعية مختلفة و كأني اطل من نافذة حافلة الركاب. اختلفت المناظر ما بين اراض خضراء خصبة و اخرى قاحلة و جبال الى ان رأيتني اركب على ما يشبه القطعة الخشبية او من الحديد لا اذكر جيدا، ما اذكره هو انها كانت بعجلتين صغيرتين و كنت اجري بها و قد وضعت رجلاي عليها كي اصل بها سريعا الى بيت يشبه بيتنا. و قبل ان ادخل اعترض طريقي رجل و سالني ان كنت الوهرانية- اي من سكان مدينة وهران- فاومات راسي له بالإيجاب و دخلت دون اكتراث لأمره و بدل ان يدخل ورائي بعث بامرأة متشحة بالسواد لتقفي أثري فتحت الباب فلحقت بي لكنها تسمرت مكانها في اول ركن بالبيت اما انا فواصلت بالهرولة اذ مررت برواق ليس بالضيق كثيرا لكنه كان طويلا. استدرت يسارا فرأيت مائدة بنية اللون مرفوعة على جنبها و سجادة صلاة مبثوثة كنت اصلي عليها انذاك تركتهما دون ان المسهما و اتجهت يسارا لاستلقي على السرير كنت البس ملابس نوم خضراء اللون ، غفوت ثم صحوت، و بدأت اتساءل بصوت مرتفع:
-اين رجلي؟
اذا بصوت جماعة من الرجال ،الذين لم اكن اراهم، يرد علي من الناحية اليمنى :
-ها هو ذا يحي!
بدا يحي بالمجيء الي لوحده من اليمين و انا لا ازال مستلقية على السرير، ثم ما لبث ان شرع يدنو مني شيئا فشيئا لكن هاته المرة من الجهة اليسرى كنت مبتسمة اليه دون ان اراه الى ان قبلني على شفتاي و رأيت وجهه فأفقت من رؤياي مفزوعة ....